توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأرجنتين: تصويت مصيري وتدخل أميركي

  مصر اليوم -

الأرجنتين تصويت مصيري وتدخل أميركي

بقلم : جمعة بوكليب

اليوم (الأحد)، الموافق 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2025، يذهب الناخبون الأرجنتينيون إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الكونغرس النصفية.

يقول معلقون إن بقاء الرئيس خافيير مييلي في القصر الرئاسي، ومواصلة برنامجه الاقتصادي الإصلاحي، مرهونٌ بفوز ائتلافه بنسبة من الأصوات تتراوح من 30 إلى 40 في المائة. حزب الرئيس مييلي «الحرية تتقدم» يحظى بأقل من 15 في المائة من مقاعد الكونغرس.

محنة الاقتصاد الأرجنتيني قديمة، تعود إلى فترة الخمسينات، وحكم الرئيس بيرون. أساس المشكلة يكمن في الإنفاق الحكومي الزائد على الحدّ، واللجوء إلى سياسة طباعة الأوراق النقدية من دون رصيد، الأمر الذي يؤدي إلى التضخم المفرط، وانخفاض سعر العملة المحلية. وأدّى ذلك إلى الغرق في الديون عبر الاقتراض لمواصلة الإنفاق، ومن ثمَّ العجز عن دفع الديون.

الأرجنتين فشلت في تسديد ديونها 9 مرات، وهي أعلى نسبة. واضطرت إلى تعويم عُملتها (البيزو) مرات عدة أيضاً، أبرزها وأكثرها تأثيراً كان في عام 2002، وفقاً لتقارير إعلامية.

الرئيس الحالي خافيير مييلي وصل إلى الحكم عبر تبنّيه برنامجاً اقتصادياً تقشفيّاً إصلاحياً، بهدف إعادة الاستقرار للعملة الأرجنتينية والقضاء على التضخم، عبر السيطرة على الإنفاق الحكومي، وتقليص الوزارات، والتخلص من العمالة الزائدة، وتخفيض الدعم الحكومي للكهرباء.

الرئيس مييلي رجل اقتصاد، عمل في التدريس الأكاديمي وفي وسائل الإعلام، ويتبنّى منهجاً ليبرالياً، يقول المعلقون الإعلاميون إنّه ينتمي إلى الليبرالية المتشددة، أو ما يعرف بالرأسمالية الفوضوية. حيث السوق هو الحَكَمُ والمؤشرُ والمعيارُ. لذلك السبب، وعد بتعويم العملة الأرجنتينية، وترك الأمر للسوق لتحديد سعرها. وعقب نجاحه الباهر في الانتخابات، ووصوله إلى القصر الرئاسي عام 2023، بدأ في تطبيق برنامجه الانتخابي، الذي وعد به الناخبين. وتمكن بعد فترة زمنية قصيرة من تخفيض نسبة التضخم، ووقف العجز في الميزانية، لكنه تراجع عن تنفيذ وعده المتعلق بتعويم البيزو. وبدلاً من ذلك، لجأ إلى تثبيت سعر الصرف.

في الآونة الأخيرة، قام بزيارة إلى واشنطن، والتقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وعاد من الرحلة غانماً بالحصول على قرض مالي من الخزانة الأميركية بقيمة 20 مليار دولار أميركي.

بالإضافة إلى ذلك، ذكرت التقارير الإعلامية أن وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أقنع صندوق النقد الدولي بتقديم قرض إلى الأرجنتين بقيمة 20 مليار دولار. الغرض من ذلك دعم العملة الأرجنتينية، واستقرارها في السوق.

خبراء المال والاقتصاد في أميركا يقولون إن الوزير الأميركي وضع سمعته في عالم الاستثمار المالي على المحك. لأن مقايضة عملة مستقرة مثل الدولار بعملة غير مستقرة وبسعر غير حقيقي (مدعوم) مخاطرة يدفع ثمنها دافعو الضرائب الأميركيون.

الوزير بيسنت يراهن على تعافي العملة الأرجنتينية في المستقبل القريب، لأنها حسب قوله، مُقوّمة بأقل من قيمتها، والقرض مضمون، لأن الأرجنتين سوف تفتح الباب أمام الشركات الأميركية للدخول إلى الموارد الخام في الأرجنتين، والأهمُّ من ذلك أنّه مكسب سياسي، كونه يحول بين الأرجنتين واللجوء إلى طلب المساعدة من الصين، التي بدأت التوغل منذ عقدين، في حديقة أميركا الخلفية، ممثلة في بلدان أميركا الجنوبية.

وذكرت تقارير إعلامية عن قيام الخزانة الأميركية بشراء البيزو بمبلغ قيمته 400 مليون دولار أميركي، خلال أيام 9، و15، و16 أكتوبر الحالي، والتزمت وزارة الخزانة الأميركية الصمت. ومن المهم الإشارة إلى أن نفس التقارير تناقلت خبراً يؤكد انخفاض سعر البيزو، عقب زيارة مييلي إلى واشنطن، بسبب شدة الإقبال على شراء الدولار الأميركي، نتيجة الخوف من فشل مشروعه الإصلاحي.

خلال زيارة الرئيس مييلي إلى البيت الأبيض في واشنطن دي سي، أدلى الرئيس ترمب بتصريح، قال فيه إن المساعدات الأميركية للأرجنتين سوف تتواصل في حالة فوز حزب الرئيس مييلي في انتخابات الكونغرس النصفية، وستتوقف في حالة الإخفاق.

التصريح لا يحتاج إلى تفسير أو تخمين، وهو أن المساعدة الأميركية مرهونة بتصويت الناخبين في الانتخابات لحزب الرئيس مييلي. وفي حالة عدم فعلهم ذلك، فإنَّ أميركا ستغلق خزائنها أمامهم. لكن التصريح، في الوقت ذاته، عُدّ من قِبل أحزاب المعارضة تدخلاً في شؤون الأرجنتين الانتخابية. وأثار حالة من الحنق والغضب. العديد من المعلقين يلمحون إلى احتمال أن يؤدي تصريح الرئيس الأميركي بالناخبين إلى التصويت لأحزاب المعارضة.

فصول الأزمة الأرجنتينية على ما يبدو لا تنتهي، بل تتكرر. هذه المرّة بغطاء سياسي ومالي أميركي يهدف لمنعها من الارتماء في أحضان الصين. ويبقى السؤال معلقاً؛ هل سينجح الرئيس مييلي في استغلال دعم واشنطن لتحقيق معجزة تشريعية ووضع نهاية لعقود من الفشل الاقتصادي، أم أن هذا الدعم، الذي أثار غضب المعارضة، سيفضي إلى نتائج عكسية؟

محنة التاريخ الأرجنتيني لا تكمن في سياسات الحكومات المتعاقبة في الإفراط بالإنفاق وطباعة العُملة من دون أرصدة فقط، بل أيضاً في الرفض الشعبي لأي إملاءات خارجية، ما يجعل الأرجنتين دوماً بين شدّ وجذب من طرفي حبل الحاجة المُلحة إلى الإنقاذ المالي، والكبرياء الوطنية الرافضة للوصاية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأرجنتين تصويت مصيري وتدخل أميركي الأرجنتين تصويت مصيري وتدخل أميركي



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt