توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طرابلس واحتمالات الحرب

  مصر اليوم -

طرابلس واحتمالات الحرب

بقلم : جمعة بوكليب

أبانت الحرب الأخيرة في طرابلس أشياء كثيرة -لم تكن سرّاً مخفيّاً في الحقيقة- بأن أظهرتها إلى السطح، وجعلت الأمور تبدو أوضح من الوضوح أمام الليبيين في كل مناطق ليبيا ومدنها. وذلك بتأكيدها أن الأزمة وصلت إلى درجة من التعقيد والتأزم، بحيث لا سبيل للخروج منها بالتفاوض مثلاً أو بالتوافق والتصالح، لأن الجسور أحرقت أو دُمرت. وبالتالي، فإن الحلَّ العسكري يكاد يكون، في رأيي، هو المنفذ الوحيد المتبقي أمام كل الفرقاء، عملاً بالمثل: «الكي بالنار آخر الحلول». وما لم يحدث ذلك، فإن الأزمة قد تستمر على المنوال نفسه، وتزيد في حدّة الخصومة بين كل الفرقاء ربما إلى ما لا نهاية. وهو أمر غير مقبول، إن لم يكن في عداد المستحيل، كونه ينعكس على كل البلاد سلبياً، بإصابتها بالشلل. وفي الوقت ذاته، حدوثه سيكون كارثياً، لأن شوارع طرابلس وميادينها ومناطقها وغيرها من المدن، ستكون ساحاته.

كل الطرق المتاحة أمام المراقب لتحليل الوضع تقود إلى الاستنتاج أعلاه، واضعين في الحسبان إخفاق بعثة الأمم المتحدة في فتح ثغرة بالجدار تقود إلى الخروج من الأزمة سلمياً عبر إجراء انتخابات.

وفي حالة حدوث الحرب، يتوقع اتساع رقعتها خارج طرابلس، لتشمل جماعات مسلحة في مدن أخرى: الزاوية، ومصراتة، ورشفانة، والجبل الغربي. الرابحون في تلك الحرب سوف يرفعون راياتهم وهم واقفون على كومات من أنقاض ورماد.

التحليل أعلاه ربما يعدّه كثيرون تشاؤمياً، ويفتقد للواقعية، وتجاوز كل الخطوط بكل الألوان. وبالطبع، هناك من يراه واقعياً، وقابلاً للتحقق. ويظلّ من المهم التذكير بأن آراء الفريقين ليست بالأهمية ذاتها، لأنه كما يقول مثل شعبي ليبي: «حسابات الرايس غير حسابات البحري». والمعنى، أن ما يجري وراء الكواليس، سواء في معسكر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة أو في معسكرات خصومه، وما يدبرون من سيناريوهات، هي التي يتوجب أن تحظى بالأهمية، والتركيز.

على الجانب الآخر من الأزمة، يتابع المشير خليفة حفتر من مقر قيادته في مدينة الرجمة، شرق بنغازي، ما يحدث في طرابلس، وقد تعهد المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» خلال احتفال بالذكرى 11 لـ«عملية الكرامة» بأنَّ القوات المسلحة «كانت وستظل رهن إشارة الشعب، وصاحبة الكلمة الأولى والأخيرة»، وقال: «ستكون الكلمة الفصل لها في اللحظة الحاسمة». وهي كلمات تحمل تأويلات كثيرة نأمل ألا تقود إلى صدام وحرب جديدة. ويشاع أنه خلال الحرب الأخيرة في المدينة، أمر قواته بالتحرك غرباً نحو مدينة سرت لإرباك الجماعات المسلحة في مصراتة، التي يقال إنَّها تراجعت تحسّباً لأي محاولة من قوات المشير للاتجاه نحو المدينة.

يرى البعض أن تحريك المشير قواته غرباً نحو مدينة سرت لم يكن بغرض الصدام، بل بهدف حرمان رئيس الحكومة في طرابلس من دعم قوات مدينة مصراتة، وهو تحليل أقرب إلى الصحة والواقع.

يوم السبت الماضي، وبتخطيط من رئيس الحكومة في طرابلس عبد الحميد الدبيبة وفريقه الاستشاري، خرجت مظاهرات في شوارع العاصمة الليبية طرابلس تُطالب بنهاية الجماعات المسلحة (الميليشيات). تبين فيما بعد أن المتظاهرين، (حسبما قيل)، كانوا مأجورين، أي أنهم تلقوا مبالغ مالية مقابل وجودهم في ميدان الشهداء، ولا يعرف ما إذا كان هذا مجرد ادعاء أم لا. المظاهرة هدفها الأساسي إبراز الدعم الشعبي لرئيس الحكومة، وردّ مباشر على مظاهرة احتجاجية قام بها ما يُسمى «الحراك الشعبي» في الميدان نفسه في اليوم السابق، وتطالب بذهاب رئيس الحكومة، وتعيين حكومة جديدة. ووعد قادة «الحراك الشعبي» بمظاهرة مليونية يوم الجمعة المقبل.

المظاهرات السلمية الشعبية هذه، في رأيي، لن تقود إلى رفع رئيس الحكومة في طرابلس الراية البيضاء، والقبول بالخروج من المسرح، وفي الوقت نفسه لن تزحزح قادة الجماعات المسلحة في المدينة عن مواقعهم مقدار بوصة واحدة، بأن تقنعهم بتسليم أسلحتهم ومعسكراتهم للحكومة. واستمرارها سوف يرفع من درجة حرارة الخصومة، ويزيد من سكب الزيت على نار العداوة المشتعلة. ومن المتوقع أن تفضي إلى أمرين: الأول نفاد صبر الحكومة والجماعات المسلحة منها، ولجوء أحد الطرفين إلى استخدام العنف ضدها، وهو احتمال ضعيف. الآخر، والأخطر، لجوء الطرفين فجأة إلى حسم الصراع عسكرياً، وهو الأرجح والأسوأ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طرابلس واحتمالات الحرب طرابلس واحتمالات الحرب



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt