توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخطوطة ديغول

  مصر اليوم -

مخطوطة ديغول

بقلم : إنعام كجه جي

نهارَ الخميس الماضي، وفي مراسمَ احتفاليةٍ، أهدى أحفادُ الجنرال شارل ديغول 1300 وثيقةٍ تخصُّ جدَّهم إلى الأرشيفِ الوطني الفرنسي. إنَّها الخطبُ التي كانَ قد كتبَها وألقاهَا خلال فتراتِ حكمه. منها ما هو بخطِّ اليد، ومنها ما طبعته سكرتيرتُه على الآلةِ الكاتبة. ولو عُرضتْ تلك الأوراقُ التاريخيةُ للبيع لعادتْ على الورثةِ بالملايين.

أهمُّ ما في الهديَّةِ نصُّ النّداءِ الذي كانَ ديغولُ قد وجَّهه عبر أثير إذاعةِ «بي بي سي» البريطانية إلى مواطنيه، في 18 يونيو (حزيران) 1940، داعياً الشعبَ الفرنسيَّ إلى مقاومة الاحتلال النازي. وهو نداءٌ تحتفل الدولةُ بذكراه كلَّ عام ويحفظه طلبةُ المدارسِ مع كلماتِ النشيد الوطني:

«أيها الفرنسيون. في هذه اللحظة التي انتهت فيها الانتصارات، حيث تمزَّقت الأراضي، حيث دُمرت المدن، حيث قُتِلَ آلاف الرجال، حيث تُرِكَت الأوطان في الأسر، أوجه إليكم صوت المقاومة. لا بد من مواصلة القتال ورفض الاستسلام والدفاع عن حرية فرنسا وشرفها».

عاش ديغول 79 عاماً وتُوفي في 1970. وستحلُّ الأربعاء الذكرى 85 لندائِه التاريخي. بقيتِ المُسَوَّدَةُ محفوظةً لدى زوجتِه السّيدة إيفون. وهيَ قد سَجلت على بطاقةٍ صغيرة وبخطّ يدِها أنَّ زوجَها سلَّمَها الخطابَ غداة إذاعتِه. طلبَ إليها أن تحرصَ عليه. «ففي حالِ انتصرتُ سيكون جزءاً من إرث أبنائنا».

دفعني الفضولُ إلى التَّمعنِ في الصور التي نشرتها الصحفُ لتلك الوريقاتِ الأربع الصفراء. دقّقتُ في الخط النَّاعم المائلِ، ووجدتُ أن قائدَ المقاومة والتحرير كان قلقاً، يكتب ويشطبُ ويعدّل مثلَ أي صحافيّ منَّا، قبل أن نهجرَ الأوراقَ والأقلام ونستخدم الشَّاشات.

تُخصّصُ قنواتُ التلفزيون ملفاتٍ عن ديغول. يختارُ مخرجو الأفلام الوثائقية مقاطعَ من أرشيفه المصوّر. ورغم التَّكرارِ فإنَّ هناك دائماً أسراراً ظلَّت محجوبةً. منها أنَّ ديغول زار إسبانيا قبل فترةٍ وجيزة من وفاتِه وأين تغدّى؟ على مائدة خَصمِه فرانكو. كلاهما كانَ جنرالاً. كلاهما يقترب من الثمانين. أحدهُما فاشيٌّ والآخرُ من دعاةِ الديمقراطية. من ينسى عبارةَ ديغول التي تساءل فيها: «لماذا تريدوننِي وأنا في سنّ السَّابعة والستين أن أبدأَ وظيفة ديكتاتور؟».

لكي نتخيَّلَ، كعرب، حجمَ صدمةِ الفرنسيين عند الكشف عن ذلك اللقاء، لنتصور أنَّ الزعيمَ جمال عبد الناصر ذهبَ للغداء على مائدة الجنرال آرييل شارون في مزرعتِه بقرية كفار ملال، وسط إسرائيلَ. صدمةٌ جعلت أندريه مالرو، صديقَ ديغول المقربَ ووزيرَ ثقافته، يعلن أنَّه كانَ سيقاطعه لو عرف بالأمر.

في أخريات أيامِه اعتكفَ الرَّجلُ العجوزُ في بيتِه ببلدة كولومبي. كانَ مالرو من الزوار القلائل. وفي واحدةٍ من حواراتهما أبدَى استغرابه من أنَّ الجنرال الذي خاضَ أعتى المعارك، يعتزلُ الحياةَ السياسية لسبب ثانويّ سخيفٍ يتعلَّق بنتائج الاقتراعِ العام. وكانَ ردُّ الجنرال: «نعم، اعتزلتُ بسبب السخافة». وهو لو عاشَ حتى أدركَ دونالد ترمب، لربَّما انتحر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخطوطة ديغول مخطوطة ديغول



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt