توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَحَبَّة

  مصر اليوم -

مَحَبَّة

بقلم : إنعام كجه جي

ومحبة القهوجي هو اسمها. عراقية في الحادية والعشرين من العمر فازت قبل أيام بالجائزة الأولى في مسابقة البلاغة والخطابة بين طلاب الجامعات الفرنسية. أقيم حفل حاشد لتسليمها الميدالية في قاعة ريشيليو، كبرى قاعات جامعة السوربون. سقوف وجدران مرسومة بتصاوير عصر النهضة تردّد للمرة الأولى أصداء هلاهل عراقية. وفي الصف الأخير من القاعة وقف رجل يمسح دمعة فرح واعتزاز. سعد وعد الله القهوجي، والد محبة، معلم التاريخ الذي أرغمته ظروف الهجرة على ترك العمل الذي يحب.

لم تهبط البنت الموصلية على السوربون بالمظلة. كانت تحتفل بعيد ميلادها الحادي عشر يوم غزا مقاتلو «داعش» مدينتها في ليلة ظلماء. سلبوا منازل مسيحييها وهددوهم بالقتل. أخذ الأب زوجته وبناته الثلاث وتوجه نحو قرى الشمال. وصلوا دهوك واستأجروا شقة من غرفتين تقاسموها مع عشرين فرداً من الأعمام والعمات وأبنائهم المهجرين. وبمساعدة جمعية إنسانية انتقلت الأسرة إلى بيروت ومنها إلى فرنسا. وصلت إلى باريس أوائل صيف 2015، بعد عام بالتمام من استباحة الموصل.

تسجلتْ محبة في المدرسة. ألحقوها بصف مخصص لأبناء الأجانب. ولم تكن تفقه شيئاً مما يقال. تسمع اللغة الفرنسية وتتصور أن من المستحيل أن تتعلمها. لكنها بعد أشهر قلائل نجحت في الاختبار وانتقلت إلى مدرسة عادية. كان في المنهاج مسرحية «جزيرة العبيد»، قرأتها فلم تفهم نصفها لكنها استوعبت الفحوى. وبعد سنوات، عادت لمطالعة المسرحية نفسها في المرحلة التمهيدية لدراسة الأدب ونالت أعلى علامة في الصف.

أحبت اللغة الجديدة وتفوقت فيها. تم قبولها في المعهد العالي للأساتذة في جامعة دوفين الرصينة. تدرس العلوم السياسية وتقرر أن تتحدى نفسها وتتقدم للمسابقة الوطنية للخطابة والبلاغة. كان على كل متقدم، في التصفية الأولى، أن يتحدث لمدة ثلاث دقائق عن البحر. والفائز سيلقي خطابه أمام مؤتمر حول البحار تنظمه الأمم المتحدة هذا الصيف.

لم تعرف البنت بحراً من قبل. كانت السماء هي الفضاء الرحب الوحيد المفتوح أمامها كطفلة في بلد محكوم بالخوف والتفجيرات. ومن شباك الطائرة التي نقلتهم من مطار أربيل إلى بيروت رأت البحر للمرة الأولى. لذلك ابتدأت خطابها في المسابقة بالقول: «حين ابتلت قدماي بماء البحر للمرة الأولى كانت عيناي شاخصتين نحو الأعلى. قبل أن أرى البحر طالعت السماء».

والفرنسيون مثلنا. شعب كلام وأشعار ومشاعر. يقدرون الثقافة ويحفظون الخطب التاريخية العصماء ويتأثرون بالسياسي الأكثر بلاغة. استمعوا إلى الطالبة العراقية وهي تخاطبهم بلغة صحيحة وصوت واثق. تحكي لهم عن فهمها للحرية وعن أولئك الذين يلقون بأنفسهم في البحر بحثاً عنها. «رؤيتي للبحر كانت بشارة أفق جديد في حياتي».

أسأل محبة القهوجي: بأي لغة تفضّلين أن يكون حديثنا؟ تجيب: بالعربية طبعاً. أفتخر بأنني ما زلتُ أقرأ وأكتب بها. لو لم أكن عراقية لكان حلمي أن أكون عراقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَحَبَّة مَحَبَّة



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt