توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهدف ليس إنقاذ أوكرانيا

  مصر اليوم -

الهدف ليس إنقاذ أوكرانيا

عبد الرحمن الراشد
بقلم - عبد الرحمن الراشد

هذه أخطر أزمة في تاريخ العالم منذ الحرب العالمية الثانية، أكثر من أزمة الصواريخ الكوبية، ومن فوضى انهيار الاتحاد السوفياتي، ومن حروب الشرق الأوسط وغيرها، هذه حروب تقرر مصير البشرية، وليس مجرد حدود الدول ومصالحها. نتائجها المباشرة لو اتسعت مدمرة على الدول الأضعف، كما يقول المثل الأفريقي، «عندما تتقاتل الفيلة يموت العشب».
روسيا ستستولي على أوكرانيا، إن لم يحدث هذا الليلة فإن المسألة مجرد وقت، أيام أو أسابيع، حتماً ما لم تحدث معجزة خارج الحسابات. وهذه الحتمية لن تمنعها المقاومة الأوكرانية، ما دام الأوكرانيون يقاتلون وحدهم، حيث لن يجرؤَ الناتو على الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا النووية. أما الضغوط الغربية الهائلة، دبلوماسية واقتصادية وعسكرية، هدفها، أولاً، رفع تكلفة قرار الغزو على روسيا فلا تكون الغنيمة رخيصة، حتى تجعلها تفكر مرتين قبل أن تنتقل إلى هدفها الثاني، إن كانت لها أجندة توسعية خفية. والثاني، إنهاك روسيا اقتصادياً وتقنياً، وعزلها سياسياً، حيث يأمل الغرب دفع الكرملين إلى التراجع مستقبلاً، أو دفعه للانهيار خلال سنوات لتحقيق الأمن الأوروبي.
أوكرانيا بعد أن تنتهي في يد موسكو خلال زمن قصير، هل بمقدور روسيا، في المرحلة الثانية من الأزمة التي قد تدوم لسنوات، تحمل النتائج لاحقاً؟ من الصعب احتسابه اليوم لغموض وتعدد الاحتمالات المستقبلية، من بينها توازن القوى، أو حتى، الصراع مع الصين، وتحين عندها الحاجة، إما إلى تحييد روسيا وكسبها حليفاً، أو التصالح مع الصينيين، كما فعل هنري كيسنجر في السبعينات، ورفع مستوى الضغط على موسكو.
نحن نشهد تاريخاً مختلفاً ومستقبلاً غامضاً، حيث لا أحد يزعم أنه يعرف كيف سيقرر الكرملين في حال حوصر في الزاوية، السؤال النووي يؤرق العالم منذ نحو سبعين عاماً، ولم يصل إلى مرحلة اتخاذ قرار بشأن استخدامه، إنه كابوسٌ خطيرٌ، ولا أحد يرغب في الوصول إلى هذه النقطة، الانتحار النووي، هذا في الظروف السياسية المعقولة، أما اليوم، لا ندري.
الذين يمضون وقتاً طويلاً في انتقاد «ازدواجية المعايير» ربما يحتاجون النظر إليها بطريقة مختلفة. باختصار شديد القاعدة هي: في الحروب تسقط المعايير. وحتى في الحروب الأصغر، عاقب الغرب عراق صدام وإيران، بحرمان هذه الأنظمة من الطيران والمعلومات والإعلام والأسواق والرياضة والفنون. علينا أن نتعامل مع الأزمات بواقعية.
ليس صعباً أن نلحظ حالة الفزع التي تعيشها أوروبا، والغرب عموماً، فهذه أول حرب مباشرة منذ الحرب العالمية الثانية. وفي الحروب تتصارع الدول على الموارد، مثل النفط والغاز والقمح، وتعتبره سلاحاً أساسياً في المعركة، وكل هذه الثلاث مرهونة في حرب أوكرانيا، يدفع ثمنها العالم مهما بعدت المسافة عن الحرب وعن كييف. فنحن، مثلاً، رابحون، ربما، مع ارتفاع سعر البترول، لكننا ندفع الثمن غالياً في مشترياتنا من القمح، بل وكل السلع المستوردة. ارتفاع سعر البترول سبق أزمة أوكرانيا، نتيجة لنهاية أزمة «كورونا»، وعودة التعافي للأسواق العالمية، وأكمل السعر ماراثونه مع الحرب والخوف الذي عم الأسواق.
أزمة اليوم ذات أبعاد تتجاوز حدود أوكرانيا، والهدف ليس إنقاذها بل وقف التدهور على مستوى العالم. المحظوظ هو الذي ليس مضطراً أن يأخذ موقفاً في الأزمة، وربما لا يوجد محظوظ محايد، بما فيهم سويسرا التي تبنت عقوبات على روسيا. ففي التصويت في الجمعية العمومية على قرار إدانة الاجتياح لأوكرانيا، كانت واشنطن تراقب مثل النسر، من لن يصوت معها، وبعدها أعلن الجانب الروسي أنه يرصد مواقف الدول في الأزمة ولن ينسى. ويزداد انقسام العالم إيلاماً، على حد السكين، حيث تتقلص مساحة المناورة معلناً نهاية مرحلة سلام ما بعد الحرب الباردة، والعودة إلى زمن المعسكرات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهدف ليس إنقاذ أوكرانيا الهدف ليس إنقاذ أوكرانيا



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt