توقيت القاهرة المحلي 12:45:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان والخليج... ملاحظات على جدار الأزمة

  مصر اليوم -

لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة

مصطفى فحص

تتقن معظم الطبقة السياسية اللبنانية مهنة التسويف، فهي بارعة في تسويف الوقت والمواقف والحلول، وتتصرف مع الداخل والخارج على أساس أن هذه المهنة تمنحها القدرة على تسيير أمورها الخاصة والعامة، وتراوغ دفاعاً عن مكاسبها، مستخدمة ما تبقى من الحد الأدنى الذي تحتاجه الدولة ومؤسساتها لكي تستمر. منهج المراوغة وكسب الوقت والتسويف استمر مع كل النكسات التي تعرضت لها الطبقة السياسية، من انتفاضة تشرين إلى انفجار المرفأ وما بينهما من انهيار اقتصادي، إضافة إلى الفشل الحكومي، وصولاً إلى أزمة دبلوماسية مع دول الخليج العربي هي الأولى بمستوى خطورتها في تاريخ العلاقة اللبنانية الخليجية، ورغم تداعياتها فإن التعامل معها لم يصل إلى مستوى المسؤولية.
عملياً قضت أزمة تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي على فكرة التشاطر اللبناني الرسمي، وهذا ينطبق على كافة المشاركين في السلطة الذين انقسموا ما بين من قرر التماهي مع تصريحات قرداحي وتبنيها، ومن ارتقى التمايز عنها ومقايضتها، هذه الطبقة تعاملت مع قرداحي كأنه سبب لأزمة حتى تتجنب الاعتراف بأنه نتيجة سياسات ممنهجة فرضت على لبنان تموضعاً يخالف كافة شروط الكيان والدولة والانتماء والاقتصاد، الأمر الذي قسم الأزمة إلى مستويين؛ الأول خارجي وهو مستقبل العلاقات اللبنانية الخليجية، أما المستوى الثاني فهو طبيعة العلاقات الداخلية ما بين الجماعات الداخلية. ومخاطر الانقسام على النسيج الوطني مغامرات تراود طرفاً يستشعر الغلبة.
ففي ذروة الشعور بالغلبة استعانت حكومة ثنائي العهد «التيار العوني» - «حزب الله» بواشنطن من أجل احتواء أزمة تصريحات قرداحي، فكان لافتاً حتى الآن الدعم ولو المحدود من واشنطن لحكومة تمثل ذروة الانتقال اللبناني إلى المحور الإيراني، وهذا طبعاً لا ينسجم مع الخطاب الاتهامي الذي يسوّق له «حزب الله» حول المؤامرة الأميركية والحصار على لبنان، وحتى التوسط الأميركي باعتراف وزير خارجية العهد قد فشل، حيث لم تستوعب هذه الطبقة السياسية أن المصالح الغربية مع الخليج أكبر من أن يؤثر فيها شأن لبناني، وكأنهم نسوا أن هذه الدول ليس بوارد المساومة على مصالح أمنها القومي.
مفارقة أخرى في الدعم الغربي لحكومة ثنائي العهد «التيار العوني» و«حزب الله»، أن باريس التي صنعت التسوية الحكومية وتبنت بطريقة ما لعبة التسويف الرسمية اللبنانية، باتت مبادرتها في مهب الريح، فلا الحكومة قادرة على الاجتماع بسبب ملف تحقيقات المرفأ، ولا قادرة على الاستمرار بسبب الموقف من قرداحي، ولا وزيرها الأول قادر على إقناع من كان يمثل بضرورة استمراره بمنصبه، ولا من أعطاهم تنازلات أضرت بموقعه وبدور حكومته بضرورة تسهيل مهمته، ميقاتي المحاصر بشركاء مضاربين جميعهم غير معنيين بإعطائه أي فرصة ولا حتى بنجاح حكومته.
فعلياً عمق الأزمة يتجاوز كلام قرداحي ويتصل بطبيعة لبنان ومستقبله، وكيفية تحديد موقعه وانحيازاته، وهذا كان واضحاً في تصريح وزير الخارجية السعودي عن طبيعة الأزمة مع لبنان، الأمر الذي يضع الراعي الدولي الذي أنتج التسوية الحكومية أمام تحديات صعبة؛ إما الحفاظ عليها مهما بلغت خسائرها الداخلية والخارجية، وإما إعلان الفشل. هذه المعادلة ستحددها الوقائع الداخلية أكثر من أروقة السياسة الدولية، لذلك فإن المعني الأساسي من دول الخليج قرر الانسحاب والنأي بنفسه عن لبنان بعدما فشل لبنان في النأي بنفسه.
وعليه... تبدو أزمة لبنان الرسمي مع دول الخليج العربي قد وصلت إلى حائط مسدود يصعب تجاوزه، أو حتى التنقل بين جهتيه في المدى المنظور والمتوسط، وكأن هذا الحائط كجدار برلين يحتاج إلى تحولات كبرى داخلية وخارجية حتى يسقط، وبما أن اللحظة غير مواتية لهذه التحولات، وتستدعي انتظارات طويلة حتى تتبلور، وهو ما كان واضحاً في تغريدة السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مساء الأربعاء والتي تظهر «غرامشية» سعودية بالتعاطي مع لبنان.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة لبنان والخليج ملاحظات على جدار الأزمة



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt