توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القمة وما بعدها.. أسلوب التفاوض الترامبى!

  مصر اليوم -

القمة وما بعدها أسلوب التفاوض الترامبى

بقلم - عبد الله السناوي

ما إن اختتمت القمة العربية الطارئة حتى بادرت الإدارة الأمريكية إلى رفض ما توصلت إليه من قرارات ومقترحات. هكذا دون إبداء أسباب وحيثيات على شىء من التماسك يسمح بالحوار والتفاوض، كما لو كانت قد فوجئت بالرفض العربى الحاسم والقاطع لمشروع «تطهير غزة» من سكانها، الذى اقترحه الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب».

عقدت القمة لهدف وحيد، وهو بناء تصور مشترك يسمح بإعادة إعمار القطاع المهدم دون تهجير لسكانه، قسريا أو طوعيا. كانت الإدارة الأمريكية فى كامل الصورة، والعالم بأسره يعرف الخطوط العريضة للخطة المصرية المقترحة، التى أصبحت عربية بعد أن أقرتها القمة. لم تكن هناك أدنى مفاجأة.

فى تصريح معلن اعتبر «ترامب» أن خطته مجرد مقترح وهو مستعد أن ينظر فى أية مقترحات أخرى. ما الذى حدث ليعود البيت الأبيض إلى إعلان تمسكه بمقترح اعتبر على نطاق دولى واسع جريمة حرب مغرقة فى عنصريتها بظاهر ألفاظه وطبيعة عواقبه؟

لم يحدث شىء، لكنها طريقة «ترامب» فى التفاوض، يذهب فى مساوماته للحد الأقصى حتى يصل إلى صفقة مربحة بنهاية المطاف. إنه رجل الصفقات فى التجارة والسياسة معا. إذا تحققت أهدافه بوسائل الترهيب والتخويف، فإنها «صفقة رائعة» لم يكن سلفه «جو بايدن» قادرا عليها! وإذا اعترضت فكرته مشاكل حقيقية، فإنه يلف ويدور حولها، ويعود إليها مرة بعد أخرى للحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات.

لم يجلس «ترامب» على مقعده فى البيت الأبيض منتظرا ما تسفر عنه القمة الطارئة. تحركت فى الكواليس الدبلوماسية وعمل على إضعاف أى تماسك عربى مفترض بقضية وجودية استدعت الدعوة إلى القمة.

لم تكن القمة مثالية، ولكنها قدمت إجابة واضحة على خطة «ترامب» دون أن تشير إليه، أو تصطدم بنرجسيته المفرطة. كان ذلك نوعا من النجاح استدعى رفضا أمريكيا وإسرائيليا متزامنا.

بدت القمة مختصرة ومحددة، فى مسألة رفض التهجير، لكنها لم تتطرق إلى أية إجابة على تحدى حرب التجويع، التى أعلنت على سكان غزة، لإجبارهم على رفع الرايات البيضاء، ولا على تحدى ما يحدث فى الضفة الغربية من اقتحامات وتهديم مخيمات بأكملها حتى لا يكون أمام سكانها سوى النزوح الجبرى.

حاولت القمة لإغلاق الذرائع أمام مشروعات التهجير أن تقدم إجابة على سؤال: من يدير غزة؟ لجأت إلى شىء من الغموض المتعمد، كما لاحظ مراقبون ومتابعون، لتمرير توصية تتجنب الصدام مع رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس- أبو مازن»، الذى يطلب حكم غزة بأى ثمن، الطلب مشروع لكن ليس بتكرار تجربة التعاون الأمنى مع إسرائيل فى الضفة الغربية بصورة أسوأ.

تجنبت نفس التوصية أى صدام آخر مع فصائل المعارضة المسلحة، التى تملك حسابات الرفض والقبول على موائد التفاوض.

بذات النهج أوصت القمة بتشكيل لجنة مستقلة من التكنوقراط لإدارة القطاع لمدة ستة أشهر، إلى جانب دعوة مجلس الأمن لنشر قوات دولية لحفظ السلام فى غزة والضفة الغربية. الشق الأول، لا تمانع فيه «حماس» فيما السلطة تؤكد على طبيعتها المؤقتة حتى لا يكون لـ«حماس» أى دور، أو مستقبل.

التناقض بين حركتى «فتح» و«حماس» من مواريث الانشقاق الكبير فى عام (2007)، لكنه يضع الآن مصير القضية الفلسطينية كلها على محك وجودى، أن تكون أو ألا تكون. إننا أمام طرف يملك شرعية الاعتراف الدولى دون قاعدة شعبية تؤيده.. وطرف آخر يحمل قضية المقاومة وتميل إلى خياراته أغلبية فلسطينية وازنة.

أما الشق الثانى، فإنه مطلب قديم للسلطة الفلسطينية يصطدم جوهريا مع مشروع التوسع الاستيطانى فى الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، وهو ما يتبناه «نتنياهو» و«ترامب» معا.

التحدى الأكثر أهمية وجوهرية يلخصه مدى القدرة على الوفاء بتكلفة إعمار غزة، التى قدرت بـ(53) مليار دولار تذهب أغلبها إلى إعادة بناء المرافق والمساكن.

إذا نجح مؤتمر إعمار غزة المزمع عقده فى غضون أسابيع فإنه سوف يكون خطوة كبيرة لتجنب التهجير نهائيا ودعم قدرة الفلسطينيين على التشبث بأرضهم، أو ألا تكون هناك نكبة ثانية.

بنص تصريحات البيت الأبيض: «الخطة العربية لا توفر حلا لسكان غزة الذين يفتقدون أية قدرة على الحياة». الحقيقة أن الإدارة الأمريكية تنفى عنهم حق الحياة نفسه بتبنى «التطهير العرقى»، لم يدن «ترامب» بحرف واحد جريمة الإبادة الجماعية، التى استدعت المثول الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية، ولا ندد بحرب التجويع التى أعلنتها تل أبيب على شعب يعانى العراء والجوع فى شتاء قارس.

لن يكون مستغربا أن تناهض الإدارة الأمريكية أية فرصة لنجاح مؤتمر الإعمار. إنه تحد لا يستهان به. هذا جانب فى الصورة، لكنه لا يلخص الصورة كلها.

«ترامب» يمكن أن يذهب فى اللحظة نفسها إلى الشىء ونقيضه. كانت رسالته إلى حركة «حماس» عبر منصة «تروث» مثيرة فى توقيتها، كأنه يوشك بعد لحظات أن يضرب بعنف مطلق من أجل إنفاذ جوهر خطته، أن تخلى غزة من أى سلاح. «شالوم حماس.. يمكنكم الاختيار: أطلقوا سراح جميع الرهائن الآن وليس لاحقا، وإلا فسننهى أمركم».

بالمفارقة، وفى اللحظة ذاتها، كانت تجرى لأول مرة محادثات مباشرة أمريكية مع حماس فى الدوحة. استهدفت المحادثات الإفراج عن الرهائن والأسرى مقابل هدنة طويلة الأمد. هذا تطور جوهرى فى قواعد التفاوض بالانتقال من الرسائل المتبادلة عبر وسطاء إلى الحديث المباشر بحثا ربما عن صفقة محتملة وفق المعايير البراجماتية الترامبية.

جرت، فى نفس اللحظة، محادثات مصرية أمريكية دخلت فى تعقيدات اليوم التالى بعد انتهاء الحرب وسؤاله الرئيسى: من يحكم غزة؟

بأى نظر جدى فى أسلوب التفاوض الترامبي، فإن أكبر خطأ قد يرتكب هو التسليم بما يطلب، كأنه قدر محتم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القمة وما بعدها أسلوب التفاوض الترامبى القمة وما بعدها أسلوب التفاوض الترامبى



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt