توقيت القاهرة المحلي 02:54:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحلام عزة فهمى

  مصر اليوم -

أحلام عزة فهمى

بقلم :خالد منتصر

المغامر الحقيقى هو الذى يهجر السير فى الطرق المعبدة سلفاً، ويرفض السكن فى البيوت سابقة التجهيز، يرسم طريقه بإرادته ويحدد هدفه بعيداً عن المألوف والبديهى، وفنانة الحلى عزة فهمى من ضمن هؤلاء المغامرين المتمردين، شكلت حياتها بإرادتها الحرة كما تشكل وتروض قطعة الفضة الخرساء الصامتة، حققت حلمها المراوغ وطاردته حتى تحقق جوهرة فى فاترينة القلب والروح، كتابها وسيرتها الذاتية «أحلام لا تنتهى» الصادر عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب فى غاية الأهمية لكل شاب لم يكتشف نفسه بعد، ولكل شابة ما زالت تتلمس طريقها ولم تخلع قناع العادة والألفة بعد حتى تحافظ على رضا المجتمع الذى يفكر بالنيابة عنها، أدهشنى فى الكتاب لغته العامية البكر الطازجة، والتداعى الحر فى السرد الذى يجعل المؤلفة تنتقل من موضوع إلى موضوع آخر ألحَّ عليها، من الممكن ظاهرياً أن تجده مقحماً، لكنه عقل الفنان المزدحم بالأفكار، الذى تنبثق منه شرارة الإبداع بلا مقدمات، كتبته عزة بهذه الروح الفنية التى يكمن سحرها أحياناً فى عفويتها، فترة الصعيد والطفولة مكتوبة بجمال روائى جذاب، خلطة سودانية تركية مصرية، أب مثقف يرحل فى زهرة شبابه، أُم تتحمل عراك الحياة، أخ يستشهد فى حرب الكرامة، عجينة تصهر فى فرن التجربة، لتجعلها فيما بعد تتحمل خشونة الورشة ولهيب صهر المعدن وألم فقد الدفء، دفء المشى على سطر المجتمع وعدم الخروج عن حدود صفحته، حكاياتها عن فترة حلوان وشكل البنات والمجتمع حينذاك يشعل نوستالجيا الحنين إلى زمن كان يقيم الإنسان بضميره لا بلحيته أو حجابه، كان مقدراً ومرسوماً لها قدر موظفة الاستعلامات التى تلتقط فتات الرزق من العمل الخارجى كمهندسة ديكور، لكنها حفرت دربها الخاص ورسمت بورتريهها الحميم بأصابعها، وكان المستفز لكل تلك الطاقة كتاباً ألمانياً فى أول معرض كتاب يتحدث عن الحلى، اشترته بكل مرتبها، وبدأت رحلة الصاغة وخان الخليلى والنحاسين، اختارت أن تكون «الواد بلية» تتعلم من الأسطوات وبكل سعادة ورضا، لذلك أصبحت عزة فهمى التى امتدت شهرتها خارج حدود وطنها الذى يسكنها أكثر مما تسكنه، كانت دائماً فى شغاف القلب وجوانب الروح كلمات الأب الحكيم والأم الحنون، خشونة اليد من النار والأحماض وتراب الفضة، قابلته رقة روح ومعافرة مع الحياة، حكت عن تجربة «السينجل ماذر»، الأم التى تتحمل وتحمى كيان أسرتها وبناتها وتظلل عليهم كشجرة سنديان شامخة فى أحراش الغابة التى لا ترحم، عيناها كانتا ورقة نشاف تمتص كل ما حولها من نقوش وتجارب وزخارف وخبرات، بنت بطوطة التى لم تترك شبراً فى العالم إلا وزارته، ليست زيارة سائح، ولكنها زيارة طبيب الأشعة الذى يكشف أحشاء المدن ويقيس نبضها ودرجة حرارتها وأسرار جمالها وجاذبيتها، كنت أبحث عن كتاب أهديه لابنى بدلاً من كتب تجار التنمية البشرية الذين صار عددهم فى مصر يتجاوز عدد التكاتك! وجدت ضالتى فى هذا الكتاب، وهذا سر جماله الحقيقى، كيف تنجح؟ الإجابة ببساطة إذا صدقت حلمك واشتغلت على نفسك، الكتاب فقط كان يحتاج لبعض الاختصار من منطقة تعلم فن صناعة الحلى، كان مزدحماً بالتفاصيل الدقيقة التى من الممكن أن تفصل القارئ عن خط الكتاب الأساسى، فجمال وروعة الكتاب الحقيقية فى تجربة عزة فهمى الإنسانة التى هى قارة من الفن والإبداع تسكن فضاء عاشقة الفضة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحلام عزة فهمى أحلام عزة فهمى



GMT 02:54 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

بلينكن يعظ!!

GMT 02:52 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

احتجاجات أمريكا ودلالاتها

GMT 02:50 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أن تُصلح الفساد بالأفكار

GMT 02:49 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هوامش في قمة البحرين: مجلس أم «مقنص»

GMT 02:46 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الانهيار المخيف

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon