توقيت القاهرة المحلي 13:05:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إنهم يسرقون أولادكم للمرة العاشرة

  مصر اليوم -

إنهم يسرقون أولادكم للمرة العاشرة

بقلم - عبد الرحمن الراشد

الأغلبية لا تستطيع إلا التعاطف مع ما يحدث للمدنيين في غزة، عدوان مرفوض، كما أن هجوم حماس على المدنيين في إسرائيل مرفوض دينياً وإنسانياً. رفض استهداف المدنيين هو السلوك الطبيعي. وفي السياق نفسه، لا ينكر عدالة قضية فلسطين، أرضاً ودولة، إلا جاهل أو متحامل.

مع هذا، في منطقتنا المضطربة التعاطف الأعمى خطوة أولى تتبعها خطوات.

هذا ما جرى في أفغانستان، وسوريا، والعراق. لكل عقد زمني قضية. وحاولوا استخدامها في معاناة مسلمي الشيشان ضد الروس، ثم مسلمي الأويغور الصينيين. ولولا أن الحكومات العربية منعت تداولها لهب الآلاف لقتال الصين. التورط في الحروب يبدأ بتوظيف التعاطف واستغلال الدموع.

العالم، من حولنا، مملوء بالمآسي والفواجع والأشرار، لا تنتهي حرب إلا وتبدأ أخرى، وتصبح معاناة الناس مزمنة مع مشاهد دموية. دائماً هناك من يوظف المآسي، مستنجداً بالقيم الدينية والإنسانية. ويتم نقل التعاطف الطبيعي من المأساة، بتعميم الشعور بالذنب والمسؤولية، أين أنتم يا عرب؟ ومن خلال توجيه الرسائل والحث على المشاركة، غردوا وقاطعوا وهاجموا. وعبر صنع الرموز، (تنظيمات وأشخاص وملابس). شحن العامة بنقلهم من الأسى إلى الغضب، ومن الغضب الفردي إلى الجماعي، إلى التعبير عنه برسائل، إلى التفاعل وتكسير مقاهٍ ومطاعم، ثم الانخراط في الحملات الأوسع، بالدعم المادي وأخيراً الانتقال إلى حواضن التجنيد أو دعمها.

تعتقدون أنها مبالغة بشعة؟

الحقيقة الأكيدة أن عشرات الآلاف من شباب دولنا ماتوا في ساحات الحروب. بدأت رحلتهم بجلسات وعظ، أو التبرع، أو التفاعل في حسابات السوشيال ميديا، والآن للصغار من خلال مراسلات الألعاب الإلكترونية. كلهم بدأوا بدايات بسيطة وبريئة.

ما حدث لغزة شهدناه من قبل في أفغانستان، بدأ بدعوة للتعاطف مع أهلها عندما كانوا تحت الاحتلال السوفياتي، ولم يكن معظم المتعاطفين يعرفون حتى أين تقع أفغانستان على الخريطة. واتسعت الدائرة، تحت شعار دعم أهل سنة العراق عند السنة، ضد المحتل الأميركي، ودعم شيعة العراق ضد «داعش». واستجاب آلاف العرب والأجانب من صغار العمر، تم تجميعهم في سوريا التي كانت تسهل لهم القتال في العراق.

ثم امتد حريق الحرب إلى سوريا، التي حركت أحداثها كل قلب، حتى من لا قلب له. هب آلاف الشباب، بأرقام خرافية، رغم المنع والتحذيرات من بلدانهم، إلى تركيا وعبروا حدودها إلى هناك. انتهت رحلتهم إما قتلى، أو عاشوا متطرفين، واستمروا لعبة في أيدي تنظيمات إجرامية، وقلة منهم تمكنت من العودة لبلدانها مهزومة مكسورة القلب.

الحشد العاطفي الجماعي يقوم على قضية عادلة، صور أطفال ونساء وشيوخ عزل، والغضب أعمى، يستغل ويدار سياسيا من فئات لها أجنداتها تتسبب في اضطرابات المجتمعات وزرع الفوضى.

في ذروة العواطف الملتهبة لا أحد يتأمل ويفكر. القضايا تتكرر، ولا أحد يتساءل، إلى ماذا انتهت التنظيمات الأخرى؟

الصغار الذين قاتلوا في أفغانستان والعراق وسوريا جاءوا من البيئة المحرضة نفسها، والمجتمعات الغافلة، والحكومات المتساهلة. تعاطفوا مع غزة وأهلها لكن لا تنساقوا وراء الحملات الهائجة، ودعاة الغضب والانتقام والكراهية. لقد سرقوا أولادكم مرات من قبل فلا تجعلوهم يسرقونهم مرة أخرى. وأملنا يبقى كبيراً في السلام، وأن يحقق ما لم تحققه كل الحروب الماضية الفاشلة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنهم يسرقون أولادكم للمرة العاشرة إنهم يسرقون أولادكم للمرة العاشرة



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon