توقيت القاهرة المحلي 10:45:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا

  مصر اليوم -

نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا

بقلم - عماد الدين حسين

زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وقمته فى قصر الاتحادية مع الرئيس عبدالفتاح السيسى عصر يوم الأربعاء الماضى طوت صفحة استمرت ١٢ عامًا من الخلافات السياسية، وفتحت صفحة جديدة فى علاقات البلدين، يمكنها أن تحقق فوائد ومكاسب هائلة للشعبين، إذا أحسن استغلالها بطريقة صحيحة.
تحدثت قبل يومين فى هذا المكان عن هذا المعنى والفرص الإيجابية التى تنتظر البلدين فى المستقبل، لكن اليوم أريد أن أناقش ضرورة تعلم البلدين ونخبهما خصوصًا الإعلامية من تجربة السنوات الماضية، وعدم الدخول فى حروب عبثية تترك الكثير من الندوب فى جسد العلاقات.
يحسب مثلا للدولة المصرية أنها ورغم خلافها الجذرى مع السلطات التركية بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أنها لم تنجرف إلى حالة العداء السافر مع الدولة التركية، إعلاء للمصالح القومية لمصر وترفعا عن الإساءات الشخصية وحرصًا على العلاقات الاقتصادية.
وأتذكر أن إعلامية مصرية سألت مسئولاً مصريًّا رفيع المستوى خلال لقاء إعلامى فى نيويورك فى عز الخلاف بين البلدين قائلة: لماذا لا نبادر إلى قطع كل العلاقات مع الأتراك فورًا ردًا على ما فعلوه ضدنا؟!
المسئول يومها رد بكل هدوء وعقلانية: لن نرد الإساءة بالإساءة ولن نفعل ذلك حفاظًا على المصالح المصرية وإذا كان هذا القرار فى صالح مصر، فسوف نتخذه فى الوقت المناسب.
هل معنى ذلك أنه فى أوقات الخلاف نصافح خصومنا ونبوس خدودهم ونأخذهم بالأحضان؟! ليس ذلك ما أقصده إطلاقًا وأنا من أنصار «مبدأ التناسبية» بمعنى أن من يهاجمنا نهاجمه بنفس الدرجة، ومن يسىء لبلدنا نتصدى له بكل قوة، لكن ما أقصده بوضوح ألا يتطرق الخلاف إلى الشعوب بل يظل محصورًا قدر الإمكان بين الحكومات بحيث إنه حينما تعود العلاقات لا تكون هناك مشاكل بين الشعوب.
من الطبيعى أن الحكومات تختلف وتتفق، المصالح تتغير، وخصم أمس، قد يكون صديق اليوم، وقد يتحول إلى خصم مرة أخرى، ومن لا يصدق ذلك عليه أن يتأمل خريطة المنطقة العربية وجوارها الإقليمى وكيف كان شكلها منذ عام ٢٠٠٠ وحتى هذه اللحظة، بل كيف تغيرت منذ ثورات الربيع العربى وانقلبت بدرجة ١٨٠ درجة مقارنة بما هو حاصل حاليا!!.
يحسب للسياسة المصرية أن رهاناتها العربية والإقليمية ثبت صوابها بنسبة كبيرة إلى حد ما، وكل من انتقدها أو هاجمها أو افترى عليها عاد معتذرًا وتراجع عن موقفه.
لكن مرة أخرى الحكومات تختلف، ثم تتصالح بفعل توافق المصالح بعد طول الخصام. وبالتالى من المهم أن تظل النُخب خصوصًا القوى الناعمة محافظة على العلاقات الأساسية بين الشعوب.
لا أتحدث فقط عن تركيا، بل الموضوع يتعلق بعلاقاتنا مع كل بلدان العالم.
ومن المؤسف أن هناك ظاهرة عربية بامتياز وهى أنه حينما تختلف رؤى الحكومات، تدخل قوى شعبية إلى الساحة ويتم انتهاك كل المحرمات. مرة أخرى قد نختلف مع أى دولة شقيقة أو صديقة على هذه القضية أو تلك، لكن لا توجد خصومات دائمة، أو صداقات دائمة، بل ــ كما يقولون ــ مصالح دائمة.
إذا كان هذا المبدأ صحيحا. وهو صحيح بالفعل، فالدرس الأساسى هو أن نحافظ على شعرة معاوية مع الشعوب التى نختلف مع حكوماتها قدر الإمكان.
وإذا كانت مصر الرسمية قد أقامت علاقات رسمية مع إسرائيل، وهى العدو الرئيسى للأمة العربية وصراعنا معها صراع وجود وليس فقط صراع حدود، فمن المنطقى أن نقيم علاقات طيبة مع تركيا وقطر وغيرهما. بل ومع إثيوبيا فى حالة عودتها إلى جادة الصواب والموافقة على اتفاق قانونى وملزم لملء وتشغيل سد النهضة. ونفس الأمر مع أى دولة أخرى لدينا معها خلاف بشأن قضية هنا أو هناك.
المشكلة باختصار أن بعضنا تعامل مع خلافات الماضى باعتبارها جذرية وسوف تستمر للأبد، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق.
المصالح متغيرة لكن المصالح ثابتة، والقاعدة هنا بسيطة وعنوانها: «نصادق من يصادقنا ونعادى من يعادينا».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا



GMT 21:30 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

كله من المطاعيم!

GMT 13:12 2024 الأحد ,02 حزيران / يونيو

حديث الأمير الشامل المتفائل

GMT 00:50 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

مرةً أخرى حول موسوعة تأهيل المتطرفين

GMT 08:18 2024 السبت ,18 أيار / مايو

يا حسرة الآباء المؤسسين!!

إطلالات النجمة إليسا تعكس إحساسها الموسيقي

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 06:24 2024 الأربعاء ,05 حزيران / يونيو

بايدن يكشف عن "خلافه الرئيسي" مع نتنياهو بشأن غزة
  مصر اليوم - بايدن يكشف عن خلافه الرئيسي مع نتنياهو بشأن غزة

GMT 08:41 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تتعامل بإيجابية وتكسب الإعجاب

GMT 20:22 2021 الأربعاء ,21 إبريل / نيسان

حكم إفطار المصابين بفيروس "كورونا" في رمضان

GMT 07:13 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

اكتشاف شجرة متحجرة عمرها 20 مليون سنة في اليونان

GMT 07:42 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

فاوتشي يتحدث عن استلامه مغلفًا يحتوي "مسحوقًا مريبًا"

GMT 02:31 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

"حيلة بسيطة" للحصول على ساعة إضافية من النوم كل ليلة

GMT 19:36 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

الإعلامية مها موسى تعلن وفاة ماجدة أبوهيف

GMT 00:01 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

كريستيانو رونالدو ونجوم يوفنتوس يحتفلون بـ"الكريسماس"

GMT 06:37 2020 الإثنين ,21 كانون الأول / ديسمبر

كيم دو هوون يعلن رحيله عن تدريب أولسان هيونداي

GMT 10:27 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

اتهامات لجامعة سيناء بالتسبب في وفاة الطالب يوسف فياض بمصر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon