توقيت القاهرة المحلي 07:01:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -
تعليق الدراسة الحضورية في تعليم المدينة المنورة اليوم بسبب الأمطار الغزيرة الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار
أخبار عاجلة

في حديقتي وردة حمراء ولكن عنيدة وطموحة

  مصر اليوم -

في حديقتي وردة حمراء ولكن عنيدة وطموحة

بقلم - جميل مطر

عشت معظم سنوات حياتى أحلم بالسكن ولو مرة فى بيت بحديقة. كثيرة كانت الأسباب والظروف التى حالت دون تحقيق هذا الحلم. كان من بين الأسباب وجوب الوجود على مقربة من وسط المدينة حيث كانت ظروف العمل الدبلوماسى تحتم ذلك، ففى النهار نعمل بالسفارة ونتواصل مع ديوان وزارة الخارجية وفى المساء تحتفل السفارات بأعياد بلادها القومية ومناسبات أخرى ومن واجبنا مشاركتها احتفالاتها. جاء وقت تحررت واجباتى الوظيفية من هذه الالتزامات وتمكنا، كما حدث خلال فترة إقامتنا بتونس، فسكنا بيتا فى الضاحية. تشاء الظروف أن صاحب المسكن اختار أن يجعل الفضاء المحيط بالمبانى لوحة رائعة من أشغال الفسيفساء التونسية تتسع لضيوفنا جلوسا وتمشية. أنستنا اللوحة حلم الحديقة لسنوات خمسة قضيناها فى هذا البلد الجميل.
• • •
رحلت زوجتى إلى بارئها فى رحلة طويلة. عندئذ أصرت الابنتان، نسرين وداليا، على ضرورة انتقالى لأكون بجانبهما فى ضاحية جديدة من ضواحى القاهرة. اختارتا لى مسكنا بحديقة لأقيم فيه، أنا الرجل الذى تقدم به العمر والجاهل تماما بأمور البستنة زراعة أو تجميلا. بذلت جهدا للتعلم وجهدا أكبر للتعويض عن سنوات خيبة أمل فى أن يتحقق حلم عمرى. لم أفلح إلا قليلا. ففى نهاية عامين من الجهد المنفرد فى حديقة هذا البيت اكتشفت بالصدفة المحضة أن وردة بدت لى يتيمة تقف منحنية فوق غصن ضعيف رفض أن يرتفع كثيرا عن الطين الذى خرج منه. فرحت بها وخفت عليهما. أذكر أننى لم أترك ضيفا أو ضيفة إلا وطلبت منه أو منها تصوير وردة تقف على قمة غصن قصير رافض الاستقامة أو عاجز عن تحقيقها. خفت على الوردة. رحت أسأل ضيوفى إن كنت قصرت فى رعايتهما، هى وغصنها الرهيف. طلبت المساعدة. فشلت كل محاولاتى ومحاولات المساعدين والداعمين على حد سواء. نشرت صورا للوردة على صفحتى على أمل أن يلاحظها متعاطف يتفهم ويقدر. أصابنى إحباط شديد، أهذا ما أستحقه بعد صبر السنين، زهرة لا تراها عيون زوار حديقتى المتواضعة إلا بإرشاد وتوجيه.
• • •
شجعنى الإحباط. فبالرغم من محبة متبادلة مع جيرانى، ورغم خفة ظل المسكن من الداخل طلبت من ابنتىّ استئناف البحث عن حديقة مناسبة مرفقة بسكن ملائم فى الضاحية نفسها التى شهدت أول حبى لسكن الضواحى. زرت عشرات الشقق قبل أن أستقر على واحدة بحديقة واسعة وإيجار معقول. مر عامان من الرضا، أهتم بحديقتى فترد اهتمامى بخضرة منعشة وحضن حانٍ. لا أكثر!!.
رجل عاش يحلم. رجل مثل غيره من البشر الذين لا يشبعون من الحب حتى وهم فى الحب غاطسون. حديقتى الجديدة لم تبخل على صاحبها بجمال أو أناقة ودلال. مرة بعد أخرى تجدد له أوراقها. استعانت الحديقة بالطبيعة وعبقريتها لتجعل الأخضر ألوانا ومذاهب حتى لا أضيق أو أملّ. أبدعت فى أحيان حتى رحت، وأنا بالخيال الخصب مغرور، أظن أنها ربما صارت تبادلنى الحب. وبعين لا تشبع وقلب لا يرتوى رحت أظن أننى أستحق المزيد.
• • •
جاء شتاء زمهريرا فالسماء غاضبة بالصوت والضوء معا والبرد قارس والرياح شديدة. خرجت أودع ضيفتى وأنا أسرع أمامها الخطى. كنت على وشك أن أفتح لها باب الحديقة عندما سمعت آهة عميقة تلتها آهات أخرى عديدة. التفتت خلفى لأجد صديقتى تقف متسمرة خلف سور الحديقة. عدت إليها أنبهها إلى خطر أن يصيبها المطر مع الرياح بالبرد فوجدتها تشير إلى السور. نظرت ولم أرَ ما يلفت النظر، رأيت أوراق شجر السور كثيفة لتؤدى وظيفتها المعتادة، وهى تعتيم الرؤية من الناحيتين.
• • •
قالت تعال، «اقترب، وسترى العجب». اقتربت فهالنى ما رأيت. رأيت برعما تفتح كاشفا عن وردة تسعى لتخرج من إسار أسوار الحماية التى أقامها مجهول ليحول دون خروجها فى هذا الجو اللعين. صديقتى سألتنى هامسة إن كنت تعلمت كيف أحمى وردة وهى غضة تقاوم الأسر والمطر والريح، كله فى آنٍ. أجبت على السؤال بسؤال العاجزين، «وما الذى دفعها إلى الخروج فى غير موعده وبغير استعداد كافٍ وحراسها غير مدربين على حراستها ضد جحافل أشرار لا يرحمون». ليس هذا وقت التأنيب أو التحذير، قالت ضيفتى فى لهجة الوعيد والتهديد، وأضافت «إنى راحلة قبل أن أصبح طرفا متواطئا فى عدوان صارخ على جنين يناضل ليولد».
• • •
غريب تاريخ هذه الوردة. خرجت من داخل غلاف حمايتها ولم ينتهِ الشتاء. لم أفارقها. أستيقظ وأخرج إليها قبل أن أستكمل أداء واجبات ما بعد الاستيقاظ. أقضى معها وقتا ممتعا. أراها، أو أتخيل أنى أراها، تفسح لنفسها ولنضوجها طريقا بين أغصان وأوراق السور الكثيفة. تسعى نحو هدف أو أهداف لم تكشف لى عنها. راقبتها ولكنى لم أغفل متابعة هذا الغصن الذى حملها وتحملها. رأيته، وأظن أننى لا أبالغ كثيرا إن قلت إننى كنت أقيس بمعايير الخيال كل زيادة فى سمكه، أقصد عضلاته وفروعه التى راحت تزيد مع كل يوم يمر.
• • •
جاء الربيع ومعه تضاعفت متعة مرافقة وردتى، نعم وصرت لمجرد المرافقة أستحق شرف تبنيها. استمرت تصعد متربعة فوق غصنها العنيد. فهمت أنها طول الوقت منذ تفتح برعمها كانت تسعى للاتصال بالشمس، بضوئها ودفئها. كانت فى حرصها على الاقتراب من الشمس أشبه بصلاة مخلوق صوفى حريص على الاقتراب من خالقه.
• • •
عقبت الصديقة رفيقتى الحريصة على مراقبة وردتى بتأكيد ظنها أن خالق الوردة يساهم فى عملية صعودها، هو من ناحيته يمد لها يدا لا نراها. لم تصدق ضيفتى، كما كان صعبا أن أصدق أنا نفسى أن الغصن الصاعد باستمرار يعتمد فقط فى صعوده وصموده على إرادة الوردة، إرادة تشتد مع الوقت صلابة وعنادا. إرادة لا تلين. جاء وقت قررنا، صديقتى وأنا، إحضار سلم خشبى يستعمله عمال البساتين لتقليم الأشجار لنقيس طول الغصن الغريب، لنتأكد من أن الوردة صاحبة الحمرة القانية صارت على بعد أربعة أمتار من الأرض. خرجت من تحت السقف الذى قررته الطبيعة لها ولغيرها حدا أقصى لا تتجاوزه مختلف زهور ونباتات الزينة. تجاوزته وراحت تصعد فى الفضاء بفضل غصن أمين وحنون، صعدت كالصاروخ.
• • •
سعت وردتى الحمراء الجميلة نحو هدف غير ممكن. شاءت فى الشتاء أن تعانق الشمس، وعلى الفور بدأت رحلة صعودها نحو هدفها تحت وابل المطر وظلمة السحب وهياج الأعاصير. بشموخها وصدق طموحها تغلبت عليها جميعا وواصلت الصعود. هنيئا لها، ولى، بما فعلت وما حققت.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في حديقتي وردة حمراء ولكن عنيدة وطموحة في حديقتي وردة حمراء ولكن عنيدة وطموحة



GMT 01:59 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريشته وتوقيعه

GMT 01:56 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

قرارات بشار الغريبة

GMT 01:53 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

... تصنيف «الإخوان» مرة أخرى

GMT 01:50 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

مرحلة الازدواج الانتقالي ودور أميركا المطلوب

GMT 01:46 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

لبنان والعراق... والصعود الإسرائيلي

GMT 01:39 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

رسالة الرئيس بوتين إلى أوروبا

GMT 01:35 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ميزانية بريطانيا: حقيقية أم «فبركة»؟

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt