توقيت القاهرة المحلي 22:02:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

  مصر اليوم -

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه

بقلم - مشاري الذايدي

ديار العرب أو الشرق الأوسط، ليست جديدة على القلاقل والفتن، بفعل أبنائها أو بمكر الأجانب.

من يتابع اليوم البلايا المتوالدة التي يُنتج بعضها بعضاً، ويضيع مع الوقت أصل الداء ونبع البلاء، يظنّ أن هذا أمر جديد وفعل طريف، لكن المتأمل في صفحات التاريخ، القريب منه والبعيد، يعلم أن بلاد «الهلال الخصيب» خاصّة، مرّ عليها مثلُ هذا، وأكثر أو أقلّ، عبر الزمان، من أيام الآشوريين وغزوات الشام، وأيام الأخمينيين والرومان، وصولاً إلى غزوات المغول، ثم الصليبيين، ثم الفاطميين والقرامطة والإسماعيليين، ناهيك من حروب عصر «الفتنة» الكبرى بين الشام والعراق وأثرها على الحياة، في الفصل الأول من تاريخ المسلمين، حتى غزوات وحروب الفرس أو «العجم» مع الترك العثمانيين، الذين كان يسمّيهم أسلافنا «الروم» وقالوا مثلَهم الشهير، وبخاصة أهل العراق: «بين العجم والروم بلوَى ابتلينا!».

وعليه، فإن ما يجري اليوم في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق وإيران، ليس بِدعاً في سنّة التاريخ، وليس معنى ذلك إلقاء اللوم القدَري ونفي المسؤولية عن الذات، على العكس، فإدراك ذلك يضاعف المسؤولية على أهل بلاد «الهلال الخصيب» من أولي الرأي والوطنية الصادقة، في الاعتبار بعبر التاريخ، والهرب من تكرارها بشكل أعمى، وكأنما لا بصيرة ولا بصر في الاعتبار بدروس الماضي.

يحضرني - ويعلم الله، لست أورد هذا الأمر من باب الشماتة؛ فأهلنا هم أهل الشام والعراق، وقديماً كان أهل الجزيرة العربية يلجأون للشام والعراق هرباً من قسوة الزمن والطبيعة، ويجدون الخيرات هناك، واستوطن كثير من قبائل وأسر وأفراد الجزيرة العربية هذه البلدان عبر الزمان - أقول يحضرني نصٌّ هنا يفسّر - ربما - سرّ الاستقرار والتراكمية الإيجابية في السياسة السعودية، ومثلها «كثير» من الخليجية وليس كلّها.

ينقل المؤرخ والكاتب السعودي فهد المارك في كتابه المرجعي من شيم الملك عبد العزيز، ج3، ص137، عن كتاب الملك العادل للسيد عبد الحميد الخطيب، خطبة «ارتجلها» أمام الحضور، الأربعاء 30 من ذي القعدة سنة 1351هـ، يوافق 26 مارس (آذار) 1933م، وفيها قال: «المسلمون هم بلاء أنفسهم، يأتي أجنبي إلى بلد فيه المئات بل الألوف بل الملايين من المسلمين، فيعمل عمله بمفرده، فهل يعقل أن فرداً في مقدوره أن يؤثر في ملايين من الناس، إذا لم يكن له من هذه الملايين أعوان يساعدونه ويمدونه بآرائهم، وأعمالهم؟! كلا ثم كلا».

ثم لخّص المراد: «اللوم والعتاب واقع على المسلمين وحدهم، لا على الأجانب، إن البناء المتين الصلب لا يؤثر فيه شيء مهما حاول الهدامون هدمه، إذا لم تحدث فيه ثغرة تدخل فيها المعاول».

نعم، صحيحٌ اليوم أن الإسرائيلي والإيراني والأميركي والروسي والصيني ربما وقبلهم الفرنسي والبريطاني، يعبثون في ديار العرب بـ«الهلال الخصيب»، لكن من جعل الأمر ممكناً أساساً؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه مِحنُ الهلال الخصيب وفِتَنه



GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 15:42 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع
  مصر اليوم - اللون الذهبي يرسم أناقة النجمات في سهرات الربيع

GMT 03:37 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

الحكومة السورية ترفع أسعار البنزين والديزل

GMT 13:19 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

نصائح مميزة من أجل اختيار أحمر شفاه جذاب في الحفلات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon