توقيت القاهرة المحلي 01:14:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بحيرات الملح

  مصر اليوم -

بحيرات الملح

بقلم - سمير عطا الله

أول مرة سمعت اسم «سُولت ليك سيتي» (مدينة البحيرة المالحة) كانت في عشاء مع غسان تويني وزوجته الشاعرة ناديا. قالت ناديا إن الاسم الشاعري يشبه أسماء القصائد الكبرى في الآداب، مثل «الأرض اليباب»، (تي إس إليوت)، وإن الاسم يرن في نفسها شاعرياً وأليفاً مع أنها لم تذهب يوماً إلى المدينة، ولا حتى إلى ولاية يوتاه برمّتها.

ثم تراءى لي أن الروائي عبد الرحمن منيف تأثر على الأرجح بالاسم عندما اختار «مدن الملح» عنواناً لمجموعته الشهيرة. وفجأة خرجت بحيرة الملح من الرومانسية والشاعريات ودخلت عالم المال، عندما تحدثت صحف العالم عن أن رجل الأعمال السعودي عدنان الخاشقجي اشترى أعلى برج سكني في «سولت ليك سيتي». كان الخاشقجي يومها في عز شهرته وذروة صورته، كمغامر وساحر وحامل مصباح علاء الدين. ويومها عرفت معنى الفارق بين الاسم كعنوان لقصيدة وبينه كرقم لصفقة.

عاد الاسم والبحيرة إليَّ وأنا أقرأ الآن أن بحيرة الملح مهدَّدة بالزوال، حقيقةً وشعراً. إنها يد الإنسان تعبث في انتظام الطبيعة وعبقريتها. وقد أدى ارتفاع عدد السكان وزيادة المشاريع الزراعية إلى جفاف وهبوط في مستوى البحيرة هو الأدنى في التاريخ.

فقدت البحيرة (الثامنة في العالم) 73 في المائة من مياهها بسبب المشاريع الضخمة والجفاف الذي يضرب غرب الولايات المتحدة منذ عقدين. وسُجل أخيراً انخفاض هائل في مستوى سطح البحيرة. وزال الكثير من منظر البحيرة الجميل، وحل محله مشهد الرمال اللامتناهية والطيور الميتة. أما «المارينا» التي كانت تزدحم بالمراكب والسياح، فقاحلة اليوم، والمراكب مهجورة.

وسرعة الانهيار في تزايُد. والنشاط الصناعي والتجاري ينقص. وأدى جفاف البحيرة إلى ارتفاع مستوى البحار: تتبخر مياه البحيرات وتتساقط أمطاراً في المحيط.

لاحظْ جنابك كم تغيّرت حياة البشر. كان الإنسان كائناً مفتوناً بالشعر، فأصبح مأخوذاً بالبيئة. وكنا نعتقد أن التغير المناخي ترفٌ طلع به المتفذلكون، فإذا به يؤثر في الحياة اليومية لكل واحد منا. وأصبح الاختلال في دورة الطبيعة يحمل الأضرار والأذى للجميع. تعاني تركيا وسوريا والعراق من آثار الجفاف، بينما تتساقط الثلوج في السعودية وبعض المناطق الصحراوية.

لم يكن يخطر لي يوماً أن أقرأ، فكيف أن أكتب في أمور البيئة! لا علاقة للإنسان العادي بهذه الأشياء، والفصول تتولى إدارة نفسها على ما يرام، كما فعلت من آلاف السنين. لكن تبين أن كل شيء تغير على نحو مخيف فوق الكوكب الصغير.

عندما أصدر الزميل نجيب صعب قبل ثلث قرن مجلة «البيئة» خُيّل إليّ أنه سوف يعثر على قرائه على سطح القمر. لكن مع الأيام اكتشفنا أنه أنشأ مشروعاً مستقبلياً بعيد النظر. ثم أصبح مقاله هنا، في مصاف المقالات السياسية من حيث المتابعة. بل حتى في دولة إهمالية مثل لبنان، أصبحت للبيئة وزارة، ولو أنها لم تكن أحياناً تُعطى لصاحب اختصاص، بل لرجل يضحك البلاطة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بحيرات الملح بحيرات الملح



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt