توقيت القاهرة المحلي 05:34:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبودية لطيفة

  مصر اليوم -

عبودية لطيفة

بقلم - سمير عطا الله

«العادة عبودية»، قالت أمهات الأمثال وخلاصات التجارب. وقد كنت أعتقد أن «الآيباد» اختراع لطيف، دخل حياتنا ومعه جملة من الفوائد الحديثة في العمل والسلوى، وماذا أكثر؟ وبرغم إخفاقي في الانتساب إلى العصر الضوئي، فإن القليل الذي أفدت منه في استخدام «الآيباد» كان جماً. أول وأعظم الاشياء أنني أقرأ صحفي صباحاً وأنا في غرفتي. وثاني الأهميات، التأكد من الأسماء، والتواريخ، واستذكار الأقوال والأحداث. ومن ثم التأكد من سلامة اللغة. والمطالعة بلا حدود. وجدول الضرب. وشراء الكتب الصادرة حديثاً. أو قديماً.

من دون أن أدرك، اكتشفت أن «الآيباد» أصبح رفيقي الأول في حياتي اليومية. معلم وصديق ومساعد ورن موسيقى، وأرشيف، وذاكرة، ومدقق لغوي، وابن منظور، ولم يبق سوى أن يغلي لي قهوة الصباح، وأعتقد أنه قريباً سوف يفعل.

لكنه الآن معطل، ولذا فأنا في العصر الحجري. لا وسيلة لدي أعرف ماذا يدور في العالم، ولا ماذا حدث له (العالم)، منذ أن ذهبت إلى النوم الليلة (البارحة)، وبالتالي، عن ماذا أكتب. فقد يكون حدث مهم قد وقع ولم أدرِ به.

بعد يوم واحد من معرفة استخدام هذا اللوح الساحر، تكون قد أصبحت إنساناً ذا مؤهلات. وتخرجت من مدرسة على أعتاب العلم. وبين يوم وآخر، يتحول قول شكسبير الشهير، «المسألة هي أن تكون أو لا تكون»، إلى تعرف، أو لا تعرف. وبعد تعطل «الآيباد» عدت إلى فئة الذين لا يعرفون.

العادة جميلةٌ وقاسيةٌ. تعيش كل عمرك من دون شيء ما، وعندما تفقده لا تعرف أن تعيش يوماً واحداً من دونه. كل ما كنت تعدّه اختراعاً مذهلاً يصبح ضرورة مألوفة يصعب الاستغناء عنها.

بمجرد أن ينطفئ ضوءٌ صغيرٌ في آلة عجيبة، تعود إلى القرون الوسطى. يصبح من أجل الحصول على جريدتك، يجب أن ترتدي ثيابك وتذهب إلى المكتبة وتتبادل التحيات مع الناس. وقد تصل المكتبة وتجد أن الصحف التي تريدها قد نفدت، فتضطر إلى شراء ورق من التفاهات المؤذية للنفس والروح والجسد. هذه، مثلاً، محنة أنت مُعفى منها منذ ظهور «الآيباد».

في غياب «الآيباد» أصبحتُ مثل الأعسر الذي يُرغم على الكتابة باليد اليمنى. كل شيء في دماغه في مكانه الطبيعي. أي على اليمين. إلا يدْ اليسرى، فهي على اليسار. إذن، أين الخطأ؟ الخطأ أنها تستولي - حبياً - على وظيفة اليد اليمنى. وبذلك يحدث اختلال عفوي يراه الآخرون، ولا يعني شيئاً لصاحبه. إذ يبدو الأعسر وكأنه «يكوّع»، لا سمح الله، وهو رجل مستقيم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبودية لطيفة عبودية لطيفة



GMT 20:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 20:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 20:49 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 20:45 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 09:16 2022 الأربعاء ,07 كانون الأول / ديسمبر

سيارات هيونداي ترفع النقاب عن نسختها الجديدة سانتافي 2023

GMT 10:23 2021 الخميس ,17 حزيران / يونيو

Razer تعلن عن أحد أفضل الحواسب لمحبي الألعاب

GMT 09:26 2021 الأحد ,23 أيار / مايو

ترتيب الدوري المصري 2021 بعد نهاية الجولة 23

GMT 10:37 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

تعرف على من هو أحمد مناع أمين مجلس النواب 2021

GMT 07:00 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

4 أمور يُستحبّ فعلها قبل صلاة عيد الفطر المبارك

GMT 03:29 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

علاء مرسي يكشف عن ملامح دوره في مُسلسل "الضاهر"

GMT 02:31 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

خاتم زواج الماس للمناسبات الخاصة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt