توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتفال بالإكراه

  مصر اليوم -

الاحتفال بالإكراه

بقلم - سمير عطا الله

أرغم اللبنانيون، فيما يرغمون، على الاحتفال «بعيد» الاستقلال. 70 في المائة منهم لا يملكون ثمن الدواء. 30 في المائة لا يملكون ثمن العشاء. عملتهم فقدت 90 في المائة من قيمتها. حكومتهم ممنوعة من الاجتماع. علاقاتهم حسنة مع فنزويلا وإيران، وشبه مقطوعة مع سائر العالم. وكهرباؤهم مقطوعة. مدارسهم مقفلة. مستشفياتهم مغلقة. مصارفهم مقفرة. قضاؤهم مشلول. سياراتهم بلا وقود. مذلّون - مهانون وطناً وغربة.ومع ذلك أصرّت الجمهورية على الاحتفال بأسوأ يوم استقلالي منذ أن كان على رأس الدولة رجال مثل بشارة الخوري ورياض الصلح وصبري حمادة. تتمتع الجمهورية بجرأة لا مثيل لها. والجرأة عكس الشجاعة. فالأخيرة قائمة على النبل والخلق والتضحية، والأولى قوامها الإكراه والسطو والعجرفة والعبث بحقوق الناس وهنائهم واستقرارهم ورغيفهم وتعب أيامهم وسهر لياليهم.منذ فترة عرف لبنان شيئاً مقيتاً لم تعرفه دولة في زمن السلم: أعداد كبيرة من رجال الأمن يفرون من الخدمة لأن رواتبهم صارت صفراً. والبنك الدولي يعلن رسمياً أن الأزمة الاقتصادية هي من الأسوأ في العالم منذ القرن التاسع عشر. والجمهورية التي أبلغ رئيسها شعبها أنهم ذاهبون إلى جهنم، تجد ما تحتفل به. وهو لا يجد شيئاً يقوله سوى ما يكرره دائماً: إنه يشارككم معاناتهم. وكانوا يتمنون أن يشاركهم كرامة الحياة وسوية السيادة.

وجد رئيس الجمهورية مناسبة للاحتفال. وأرغم على مشاركته رئيس البرلمان الذي لم يتفق يوماً معه. ورئيس الوزراء الذي عرقل أموره وأهانه في التسمية وفي التشكيل، كما أهان من قبل سعد الحريري ومصطفى أديب، ورحب ترحيباً بحسان دياب وحكومته التي تولت إعلان إفلاس لبنان وتمنعه عن دفع التزاماته، ومن لحظتها وكل شيء ينهار. وكان دولار اللبناني بداية العهد 1500 ليرة، وهو الآن 22 - 23 ألفاً. لكن لا يهم. فالرئيس يعوض كل هذا الظلم والخراب والعذاب بإقرار «التحقيق الجنائي»، وحاكم البنك المركزي يغسل يديه الطاهرتين من أي مسؤولية، باعتبار لبنان شعباً من الأغبياء والجهلة.والجمهورية تحتفل، على ضوء الشموع. لكنها لا تقول لنا بماذا. ربما بأسوأ أيامها. ربما بأعظم الآلام والإهانات التي عرفها لبنان كدولة وشعب وتاريخ. جامعاتها الكبرى تهاجر وأطباؤها يهاجرون، وغير القادرين على الهجرة يتجلدون ويصبرون على الإهانة وهم يشاهدون الدولة تحتفل بالاحتضار.تحتضر وتحتفل الجمهورية اللبنانية. الأمم تخاف على لبنان من الموت والجمهورية سعيدة لأن موته سوف يحمل جبران باسيل، إلى القصر، الذي يمارس فيه رئاسياته وممارساته منذ اللحظة الأولى لوصول حماه. وقد وصل ومعه جميع أفراد العائلة، لكنهم خرجوا جميعاً وبقي جبران باسيل. نزل نحو مليون شخص إلى شوارع لبنان يهتفون ضد باسيل، وخرج الرئيس على شرفة القصر للحظات، مؤيداً وكأنه في ظهور عجائبي من وراء الغيم. والذين يرفضون أن يصدّقوا قداسة باسيل، ليس لهم سوى انتظار الصورة التذكارية للتسلم والتسليم. الجميع مدعو للاحتفال. عصر الإكراه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتفال بالإكراه الاحتفال بالإكراه



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 09:00 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 13:21 2019 الأحد ,29 أيلول / سبتمبر

كيف ساعدت رباعية الاهلي في كانو رينيه فايلر ؟

GMT 03:35 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

فوائد الكركم المهمة لعلاج الالتهابات وقرحة المعدة

GMT 02:36 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

فعاليات مميزة لهيئة الرياضة في موسم جدة

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

نجل أبو تريكة يسجل هدفا رائعا

GMT 12:42 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات جبس حديثه تضفي الفخامة على منزلك

GMT 12:14 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

مجموعة Boutique Christina الجديدة لموسم شتاء 2018

GMT 11:46 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

الذرة المشوية تسلية وصحة حلوة اعرف فوائدها على صحتك

GMT 09:42 2020 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إليك 4 مخاطر للنوم بعد تناول الطعام مباشرة عليك معرفتها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon