توقيت القاهرة المحلي 11:59:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لعبة «فرسي الرهان»

  مصر اليوم -

لعبة «فرسي الرهان»

بقلم - د. محمود خليل

لعبة «فرسى الرهان» من الألعاب الأساسية التى حكمت تفاعل أمراء المماليك على الساحة السياسية فى مصر، منذ خضوعها للسيطرة العثمانية عام 1517، فقد تعمد الأتراك قسمة المماليك على اثنين، حتى يسهل على الوالى الذى يحكم السيطرة عليهم، فقد كانوا يعلمون أن استفراد أمير واحد بمعطيات القوة يهدد تبعية مصر للباب العالى.

وقد حدث ذلك فعلياً فى عصر على بك الكبير، حين استقل بمصر عن الدولة العثمانية، ولم يستطع الترك إعادتها إلى حظيرتهم من جديد، إلا من خلال ذراعه اليمنى محمد بك أبوالدهب، الذى تواطأ مع العثمانيين للتخلص من «على بك» نظير الجلوس مكانه على مقعد شيخ البلد، وهو ما كان.ومن بعد على بك وأبوالدهب، كان إبراهيم بك ومراد بك. وإبراهيم بك هو تلميذ محمد أبوالدهب، أما «مراد» فكان من تلاميذ على بك الكبير، وقد تولى الاثنان مشيخة البلد بعد وفاة «أبوالدهب» (1775)، وقد واجها معاً الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، وفشلا فى حماية استقلال البلاد، وانتهى بهما الأمر إلى الهرب إلى الصعيد (مراد بك)، والشام (إبراهيم بك). وقد انتهى دورهما بخروج الحملة الفرنسية من مصر، ليظهر بعدهما الفرسان الجديدان: «البرديسى والألفى».

الغريم الأول لمحمد على وهو عثمان البرديسى كان من تلاميذ إبراهيم بك الكبير، أما محمد الألفى فقد كان من كبار مماليك مراد بك. كلا الأميرين كانا من الخطورة بمكان، لكن ظل «الألفى» أشد خطورة من منافسه، فقد كان مثّل تركيبة إنسانية شديدة الثراء، ونموذجاً للطموح الذى لا يحده حد.ففى حين كان جمع المال جُل هَمّ عثمان البرديسى، كان الأمر مختلفاً بالنسبة لـ«الألفى». فسيرته تضعنا أمام رجل كان يعلم أهدافه فى الحياة جيداً، ويعرف كيف يتسلح بالأدوات التى تساعده على تحقيقها.

وبتركيبته الشخصية امتلك «الألفى» كاريزما خاصة، وقوة ذاتية ساعدته على السيطرة على المحيطين به، وقدرات متميزة فى قيادة الجموع، وفكراً قتالياً جعله ينتصر فى العديد من المعارك التى خاضها، وعلاوة على ذلك كان الرجل من المغرمين بالعلوم، خصوصاً علوم الفلك، وانقطع فترة طويلة من حياته للتعلم، قرأ خلالها الكثير من الكتب، وجلس إلى مَن ظن فيهم العلم بما يهتم به، واستمع إليهم. وتفوق «الألفى» أيضاً على مستوى القدرة على إدارة العلاقات الخارجية، وقد تمكن من إقامة علاقات قوية من الإنجليز، كان ينوى الاستفادة منها فى تحقيق طموحه فى حكم مصر، لكن المنية عاجلته.

امتلك «الألفى» كذلك مشروعاً محدداً للاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية، مشروعاً كان أكثر نضجاً من مشروع على بك الكبير، دعمته الظروف التى عاشتها مصر بعد خروج الفرنسيين منها عام 1801، وكان يرى أن المماليك أو (الأمراء المصرلية) أولى بحكم هذا البلد من غيرهم، فقد كان يعتبر نفسه وغيره من المماليك مصريين أصلاء، وكانت آخر كلماته قبل أن يموت عبارة عن عتاب مؤلم للقاهرة التى تعودت أن تعطى الأغيار وتحرم أبناءها، ومات هو يرثى لحاله الذى هزمه المرض، ولمصر التى يظل خيرها لغيرها، البلد الذى يقطر العسل للغريب ويحرم أولاده.مثّل كل من «البرديسى والألفى» فرسى الرهان على مسرح الأحداث فى مصر بدءاً من العام 1801، وشكّلا معاً خطراً حقيقياً على مشروع محمد على فى حكم مصر، فكيف أفلت الوالى الداهية مع الأميرين الخطيرين؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة «فرسي الرهان» لعبة «فرسي الرهان»



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 09:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ابتكار طريقة لعلاج أنواع نادرة من السرطان
  مصر اليوم - ابتكار طريقة لعلاج أنواع نادرة من السرطان

GMT 11:24 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

الأرض تستعد لأطول كسوف شمسي خلال القرن في أغسطس 2027
  مصر اليوم - الأرض تستعد لأطول كسوف شمسي خلال القرن في أغسطس 2027

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1

GMT 03:43 2021 السبت ,01 أيار / مايو

تامر حسني يطرح بوستر فيلم ”مش أنا”

GMT 03:30 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الدفاع يغادر إلى البرتغال لدعم علاقات التعاون العسكري

GMT 09:04 2020 الإثنين ,27 إبريل / نيسان

تعرف على مواعيد قطارات السكة الحديد الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt