توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عصابة التسعة

  مصر اليوم -

عصابة التسعة

بقلم - د. محمود خليل

فى واديهم الطيب -وادى الحجر- عاش قوم ثمود، وهو واد يقع ما بين المدينة المنورة والشام، كما يجمع أغلب المفسرين، تحيط به الجبال من عدة نواحٍ، وهو ما جعل من حوله يطلقون عليه «وادى الحجر»، وعلى من يعيشون فيه اسم «أصحاب الحجر»، فى إشارة ملفتة إلى العلاقة ما بين الجغرافيا والإنسان. فالبيئة الجبلية الصخرية، التى عاش فيها «أصحاب الحجر»، منحتهم قلوباً صلبة وعقولاً أقرب إلى التحجر منها إلى المرونة.

وادى الحجر كان طيباً، والحياة داخل أى مكان تطيب حين يفيض الماء، فما بالك وهو يتوافر فى بيئة جبلية شبه صحراوية. فاض الماء من بئر غنية ثرية داخل «وادى الحجر»، فجعل أهل ثمود يشربون منها ويديرون حياتهم عبرها.

على رأس السلطة داخل وادى الحجر لمعت 10 أسماء، يصح أن تقول إنها كانت لأشخاص أو لعائلات، أو لأشخاص تقود عائلات، أياً كان الأمر، حدد القرآن الكريم الأطراف العشرة فى تسعة رهط مفسدين: «وَكَانَ فِى الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِى الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ»، أما الطرف العاشر فتمثل فى نبى الله صالح، أو نبى الله صالح وعائلته.

تحمل الآية الكريمة السابقة إشارة إلى الحالة التى سادت داخل وادى الحجر، فقد غلب عليه حكم الأوليجاركية (ديكتاتورية الجماعة)، أو بالتعبير المعاصر: «حكم العصابات»، إذ تصدر المشهد فيه 9 أشخاص أو عائلات امتلكت سلطة صناعة القرار، وقد وصفهم القرآن الكريم بالفساد وأنهم ميالون للعمل ضد كل سعى للإصلاح أو ساع إليه. فالقرآن هنا يحدثنا عن حالة فساد وليس حالة كفر أو شرك.

وفى مواجهة عصابة التسعة ظهر نبى الله صالح كجبهة معارضة، دعاهم النبى إلى عبادة الله الواحد الأحد: يقول الله تعالى: «وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ».

قد يجد البعض أن ثمة تعارضاً بين وصف أداء عصابة التسعة الحاكمة بالفساد ودعوة نبى الله صالح لهم بعبادة الله وحده لا شريك الله، ويسأل: وما العلاقة بين الفساد والدعوة للتوحيد. كان الأكثر اتساقاً أن يدعوهم إلى الإصلاح؟ ظنى أنه ليس هناك تعارض، إذ يخطئ من يظن أن عبادة الله وحده لا شريك له تعنى مجرد الشهادة له بالألوهية والتفرد، فلا بد أن يثبت التوحيد بالعمل وليس بمجرد القول، وجانب من عبادة الله يجد مساحة كبيرة للتعبير عنه فى الإصلاح.

فإذا كان العمل عبادة، فإن العمل الهادف إلى الإصلاح هو قمة العبادة، ومحاربة الفساد المستشرى فى الواقع يجعل العابد يحلق فى آفاق عليا ليترجم حكمة الخالق العظيم فى خلق آدم.. فقد قالت الملائكة حين أنبأها الله بخلق آدم وجعله خليفة فى الأرض: «قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ».. ولك أن تتصور مكانة العبد الذى يحقق حكمة الله فى الخلق حين يحارب الفساد ويسعى فى من أجل الإصلاح فى الأرض.. أليس ذلك قمة العبادة؟

هكذا قرر نبى الله صالح الدخول فى مواجهة هدفها الإصلاح ضد «عصابة التسعة» التى تحكم بالفساد والإفساد «وادى الحجر».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عصابة التسعة عصابة التسعة



GMT 09:27 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (7)

GMT 09:25 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

اتصالٌ من د. خاطر!

GMT 09:23 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

دومينو نعمت شفيق

GMT 09:21 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نجح الفنان وفشل الجمهور

GMT 09:18 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

معايير عمل البلدية
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon