توقيت القاهرة المحلي 07:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجائزة الكبرى

  مصر اليوم -

الجائزة الكبرى

بقلم - د. محمود خليل

اعتبر "نجيب محفوظ" الصحابي "عمرو بن العاص" سياسياً محنكاً وقائداً داهية عرف كيف يفتح مصر بالحيلة والذكاء ليضمها إلى دولة الخلافة في عصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ولا يستطيع أحد إلا أن يقر هذه الحقيقة فقد كان "عمرو" أوعي الصحابة بأحوال مصر، وصاحب مقترح فتحها، وتمكن من ذلك بقوة محدودة العدد. كان عمرو أيضاً من الحكمة بعد أن دانت له السيطرة على مصر أن يسوس أهلها بالحكمة والبعد عن التعصب، وأن يمنحهم حريتهم الدينية، إذ ظل أغلبهم في البداية متمسكاً بمسيحيته.

كان "عمرو" ذكياً أيضاً في الاستفادة من ثراء مصر بشكل متوازن لا يقوم على إهلاك أهلها.

وكان هذا التوازن سبباً في قرار الخليفة عثمان بإقالته من ولاية مصر وتولية عبد الله بن أبي سرح مكانه. تمكن الوالي الجديد من جمع 12 مليون دينار من مصر بالجباية.

وهو مبلغ أعجب الخليفة الثالث أيما إعجاب، ما دعاه إلى القول لعمرو بن العاص في لقاء جمع بينهما: "درت اللقاح من بعدك، فرد عليه الأخير: ذاك إن يتم يضر بالفصلان".

لم يكن "عمرو" بأقل طمعاً في مصر من "ابن أبي سرح"، لكنه كان أكثر دهاء منه، وأقدر في السياسة، ويعلم أن العرب الجباة إذا تمكنوا من حصد هذا المبلغ الكبير في عام فسيعجزون في العام التالي عن جمع دينار واحد، لأن الأهالي لن تملك ما تعطيه.

وليس أدل على طمع "ابن العاص" من أنه ظل يطارد "معاوية بن أبي سفيان"، حتى أرسله إلى مصر لينتزعها من أيدي ولاة علي بن أبي طالب، أثناء النزاع بينهما.كان أسلوب الاستنزاف الممنهج للمصريين سبباً أساسياً من أسباب ثورتهم على الخليفة عثمان. ولم يكن مبلغ الـ12 مليون دينار التي تم جمعها بالمبلغ العادي.

فحجمه يدل على أن "ابن أبي سرح" امتص دمائهم تماماً، والدليل على ذلك أن خراج مصر استقر أيام معاوية على مبلغ (3 مليون دينار).

وكان هذا المبلغ يقترب من إجمالي الخراج الذي يجمعه الخليفة الأموي من كافة الأمصار التي خضعت للعرب الفاتحين.

يقول اليعقوبي في تاريخه: "ﻭﺍﺴﺘﻘﺭ ﺨﺭﺍﺝ ﻤﺼﺭ ﻓﻲ ﺃﻴﺎﻡ ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺜﻼﺜﺔ ﺁﻻﻑ ﺃﻟﻑ ﺩﻴﻨﺎﺭ، ﻭﻜﺎﻥ ﻋﻤﺭﻭ ﺒﻥ ﺍﻟﻌﺎﺹ ﻴﺤﻤل ﻤﻨﻬﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻴﺴﻴﺭ، ﻓﻠﻤﺎ ﻤﺎﺕ ﻋﻤﺭﻭ ﺤﻤل ﺍﻟﻤﺎل ﺇﻟﻰ ﻤﻌﺎﻭﻴﺔ، ﻓﻜﺎﻥ ﻴﻔﺭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻋﻁﻴﺎﺘﻬﻡ، ﻭﻴﺤﻤل ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻟﻑ ﺃﻟﻑ ﺩﻴﻨﺎﺭ".

اعتبر عرب الجزيرة العربية مصر "الجائزة الكبرى" التي حرص الجميع عليها، بسبب الخير الوفير الذي كانت تدره على دولة الخلافة،.

وأخشى أن أقول أن العرب لم يحرصوا على دخول المصريين في الإسلام قدر حرصهم على جمع "الخراج"، فالمال كان بالنسبة لهم أهم.

ويشير النص السابق الذي يحكيه "اليعقوبي" إلى أن عمرو بن العاص كان يضع الجزء الأكبر من الخراج في جيبه ويعطي الخليفة الشىء اليسير.

وربما كان ذلك أحد الأسباب التي دعت عمر بن الخطاب إلى محاسبة الولاة حساباً عسيراً، ومراجعة ذمتهم المالية قبل وبعد تولي أمور البلاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجائزة الكبرى الجائزة الكبرى



GMT 16:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:14 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant
  مصر اليوم - أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية

GMT 16:42 2021 السبت ,12 حزيران / يونيو

فساتين صيفية بتصميمات مُريحة من وحي النجمات

GMT 17:36 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

تراتيل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon