توقيت القاهرة المحلي 19:31:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«ربيب النبي».. أين اختفى؟

  مصر اليوم -

«ربيب النبي» أين اختفى

بقلم :د. محمود خليل

لم يشتهر من الأبناء الذين أنجبتهم السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها قبل زواجها من محمد صلى الله عليه وسلم سوى ولدها «هند بن أبى هالة».

تزوجت خديجة قبل النبى من عتيق بن عابد، وأنجبت منه بنتاً اسمها هند، ثم تزوجت من أبى هالة وأنجبت منه ولدين هما: هند وهالة. أدرك «هند بن أبى هالة» النبى صلى الله عليه وسلم وآمن بدعوته منذ فترة مبكرة من البعثة. فقد تعهده النبى بالرعاية واعتبره ابناً له، وكان هند يكنى بـ«ربيب رسول الله».

والربيب هو الشخص الذى يفقد أباه فيتعهده زوج أمه بالرعاية، وذلك ما حدث مع هند الذى ظل حياته كلها يردد: «أنا أكرم الناس أباً وأماً وأخاً وأختاً، أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم -لأنه زوج أمه- وأمى خديجة وأخى القاسم وأختى فاطمة».

هذا القرب المحسوس من بيت النبى صلى الله عليه وسلم لا يتسق مطلقاً مع العبور السريع لكتب التراث على شخصية بهذا الحجم والقيمة، رغم ظهور دليل لا يخطّأ على وجود قناعة كاملة لدى كتاب التاريخ بأن «هنداً» كان من أقرب الشخصيات إلى النبى، وهو ذلك الحديث التى تجده متواتراً فى كتب التراث، بلا استثناء، ويصف فيه «هند» هيئة ومنطق وخلق وسلوك محمد صلى الله عليه وسلم. ومع كل احتفال جديد بذكرى مولد النبى يستدعى الدعاة والوعاظ هذا الحديث، دون أن يفكر أحد فى السر وراء توارى شخصية صاحبه وندرة حضورها داخل كتب التراث.

أخشى أن أقول إن الهوى السياسى يفسر بصورة أو بأخرى تجاهل المؤرخين السنة لـ«هند ابن خديجة». فتشيع «هند» لعلى بن أبى طالب، وانخراطه فى المواجهة العسكرية التى خاضها الخليفة الرابع ضد أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير فى موقعة الجمل قد يكون سبباً فى هذا التجاهل.

هذا التفسير قد يرد عليه بأن المؤرخين اهتموا كل الاهتمام بشخصيات أخرى من وجوه الصحابة الذين تشيعوا لعلى، ما يعنى أن تجاهلهم لهند لم يكن مقصوداً، أو لا يفسره الهوى السياسى كما نذهب. وهو كلام صحيح من وجه، لكنه خاطئ من وجوه أخرى. أما وجه الصحة فيتعلق بما ذكرته من اهتمام كتب التراث بصحابة آخرين تشيعوا لعلى، لكنه خاطئ من زاويتين: الأولى إهمال الموهبة الخاصة التى كان يمتاز بها هند بن أبى هالة فى «الوصف» أو بالمصطلح الحديث «التنظير لسمات الأشخاص والأحداث»، والثانية أن المساحة المحدودة التى أفردتها هذه الكتب للحديث عن هند لا تتناسب مطلقاً مع إيمانه المبكر بالنبى صلى الله عليه وسلم.

بالنسبة للزاوية الأولى تتفق كتب التراث على أن هنداً كان «وصافاً» أى يجيد وصف الأشخاص ويبرع فى رواية الأحداث، وتصفه أيضاً بـ«الرصاف» وهو الشخص الذى يجيد «نظم الكلام». شخص بهذه القدرات من الوارد أن يكون قد ترك نصوصاً ليست بالقليلة فى وصف المقربين إليه من شخوص، مثل أمه خديجة وأخته فاطمة وزوج أخته على بن أبى طالب وابنى أخته الحسن والحسين. فمن يصف النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الطريقة المبدعة يصح أن يكون قد وصف «أهل بيته»، ويصح أيضاً أن يكون قد وصف خصومهم.

على سبيل المثال: كانت أم المؤمنين عائشة شديدة الغيرة من خديجة بنت خويلد الزوجة الأولى للنبى وأم هند بن أبى هالة. ورد فى السيرة الحلبية عن عائشة رضى الله عنها قالت: ما غرت على أحد ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجنى رسول الله. وقد كانت عائشة كلما غضبت من ذكر النبى لخديجة رددت قولها: «لكأنما ليس فى الأرض امرأة إلا خديجة».

هند «ربيب النبى» كان يعلم أو ربما يسمع ما تردده عائشة فى حق أمه خديجة، ومن المحتمل أن يكون قد علق على أقوالها، إما بنص ينصف فيه أمه خديجة أو بآخر يكايد فيه عائشة. أليس من الوارد أن يكون هناك نصوص قالها «هند» فى وصف أمه السيدة خديجة أو أخته السيدة فاطمة، كما وصف زوج أمه النبى.. أليس من الوارد وجود نصوص أخرى يرد فيها على «عائشة» وهى تلهج بعبارات حادة ضد أمه خديجة؟ لقد شارك «هند» رسمياً فى حرب الجمل ضد «عائشة»، ومؤكد أن من السهل على من حمل السلاح ضد خصم أن يهجو هذا الخصم. فهل دفاع «هند» عن أهل البيت سبب فى تحجيم ظهوره داخل السردية التاريخية الإسلامية؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ربيب النبي» أين اختفى «ربيب النبي» أين اختفى



GMT 03:16 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

الوضوء الوطني

GMT 03:14 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

مصفاة جديدة للنبوغ!

GMT 03:13 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أرض الحرية.. ليست حرة

GMT 03:05 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أصغر من أميركا

GMT 21:32 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق في سرقة قطع أثرية من متحف كلية آثار جامعة سوهاج

GMT 12:25 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بيرسي تاو ينتظم في تدريبات الأهلي الجماعية بشكل كامل

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

تعرّفي على أهمية الـ"فنغ شوي" في غرفة المعيشة

GMT 11:16 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الثقافة تنظم فعاليات وأنشطة فنية بأبو سمبل وكوم أمبو

GMT 15:31 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

سيميوني يشيد بلاعبي أتلتيكو رغم الخروج من دوري الأبطال

GMT 00:14 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

طارق العشري مديرا فنيا لنادي وادي دجلة

GMT 15:59 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اغتيال البراءة 27 طفلاً ضمن ضحايا مسجد الروضة في بئر العبد

GMT 05:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

جيجي حديد تسرق الأنظار في عرض أزياء المصمم جيامباتيستا فالي

GMT 09:10 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

WHITEHALL تقدّم مجموعة من الأقراط الماسية بمناسبة الأعياد

GMT 00:02 2023 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جاريث بيل يعلن رسميا مشاركته فى بطولة كاليفورنيا للجولف

GMT 18:17 2022 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شرم الشيخ التي لم نعرفها من قبل

GMT 09:29 2021 السبت ,09 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن علاقة الاضطرابات النفسية بتغيرات المناخ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon