توقيت القاهرة المحلي 13:01:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوجه المريض فى كرة القدم..!

  مصر اليوم -

الوجه المريض فى كرة القدم

بقلم: حسن المستكاوي

** أطل التعصب المريض على ملاعب كرة القدم مرة أخرى، وأسفر هذا الشبح عن سقوط ما يقرب من 175 قتيلا وعشرات المصابين والجرحى فى إندونيسيا عندما اجتاح آلاف المشجعين ملعبا لكرة القدم وهم مشجعو فريق «أريما إف سى» بعد هزيمة فريقهم 3 ــ 2 أمام «بيرسيبايا سورابايا». وكانت هذه أول هزيمة منذ أكثر من عشرين عاما يخسر فريق «أريما إف سى» أمام منافسه وغريمه..
** هل هذا معقول أن يخسر فريق مباراة ليتحول الملعب إلى جهنم، ويغطى العشب الأخضر بدماء الضحايا؟ إنه التعصب المريض الذى أنتج تلك الكارثة. وصحيح أن الانتصارات فى كرة القدم حضارات شعوب وكبرياء أوطان وكبرياء الفرد، وصحيح أن كرة القدم وهى الانطلاق والحياة، لكن اللعبة ما زالت تعانى من وجهها المظلم الكئيب، وما يجرى من كوراث يكون سببه التعصب الذى يعد الوجه المريض لظاهرة الانتماء.
** وقعت المأساة مساء السبت فى مدينة مالانج بشرق إندونيسيا، وأمر الرئيس جوكو ويدودو الاتحاد الإندونيسى لكرة القدم بإيقاف منافسات دورى الدرجة الأولى إجراء تحقيق شامل فى أسباب الكارثة. ويكشف الوجه الآخر لكرة القدم فى بعض الأحيان عن كوارث مفجعة، وهى مسجلة فى تاريخ اللعبة، وسقط فى حوادثها أحيانا مئات القتلى كما حدث فى بيرو عام 1964..
** لقد ولد العنف مع كرة القدم، ويرى علماء الاجتماع أن اللعبة ما هى إلا تعبير أو صورة من صور الصراع الجماعى المتكرر وعن هذا الصراع الجماعى يقول جورج زيفلير الصحفى الفرنسى والكاتب فى الفيجارو: «منذ الأزل والمظهر الذى يحكم العلاقات الإنسانية هو الكفاح فعندما تهاجم جماعة ما جماعة أخرى فإن رد المجموعة الأخرى هو حتما المواجهة ومنها يأتى التصادم والعنف». وفى كتابه «هذه الأقدام التاريخ المثير للكرة الإنجليزية» يقول الصحفى دافيد وينر إن اللعبة شهدت فى بدايتها بإنجلترا أسوأ أشكال العنف، وكانت ساحة للأشرار من العاطلين واللاعبين والأغبياء، الذين يمارسونها بأحذية قاسية وخشبية، وعلى ملاعب سيئة يختلط فيها الطمى بالعرق، واللعب بالضرب، وبرر انتشارها السريع فى بلاده بحاجة الشباب إلى ما يخرج طاقاتهم الشريرة والعنيفة»..
** لكن التعصب المريض هو السبب المباشر لكارثة إندونيسيا. ومفهوم أن التعصب يمكن أن يولد من الإحساس بالظلم، فيتحول الأمر إلى كراهية لعدم المساواة، ويعلو بخار الكراهية حتى ينفجر. وأسباب التعصب مختلفة، ويساهم فى إشعال تلك النار، لاعبون، ومدربون، وحكام مباريات، وإدارات أندية، وبعض الوجوه الإعلامية، وكل عنصر من هؤلاء لا يدرك حدود مسئوليته، ولا يجد من يحاسبه، لا القانون، ولا أى جهة، وعندما ترتفع درجة حرارة الاحتقان، وتقع كارثة، تبدأ أصابع الاتهام تتحرك للتفتيش عن الأسباب وعن المسئول، ولكن بعد فوات الأوان، فقد سقط ضحايا، امتزجت دماء المشجعين بالعشب، واتشحت المدرجات بالسواد..
** الانتماء قيمة بناءة فى الرياضة وفى كرة القدم، لكن أن يتحول الانتماء إلى تعصب وكراهية، فليس ذلك من قيم اللعبة أو من قيم الرياضة. وإنما هو خطر داهم، يقود اللعبة إلى وجهها المظلم، كما حدث فى إندونيسيا، وكما يمكن أن يحدث فى أى مكان بالعالم، ومواجهة مرض التعصب يكون بإجراءات، كلما اشتد المرض، وزادت الفوضى، وارتفعت حرارة الكراهية، بسبب غياب الحساب، وغياب العقاب، وغياب العدل والمساواة بين ألوان قمصان الأندية..!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه المريض فى كرة القدم الوجه المريض فى كرة القدم



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 01:52 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
  مصر اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon