توقيت القاهرة المحلي 20:54:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رافعة جديدة للعلاقات بين مصر والسودان

  مصر اليوم -

رافعة جديدة للعلاقات بين مصر والسودان

بقلم - محمد أبوالفضل

الطموحات التنموية المشتركة واحدة من المفاتيح الرئيسية فى العلاقات المصرية السودانية الآن، بعد فترة من التوتر تراكمت فيها مجموعة من السحب السياسية، كادت تؤدى إلى فصم علاقة وطيدة بين شعبى البلدين تمتد مئات السنين.

الهدوء والأمن والاستقرار أصبحت من العلامات الإيجابية البارزة خلال الأشهر الماضية، والثبات الظاهر فيها يؤكد أن هناك عزما على تجاوز العقبات التى تراكمت على مدى سنوات، ولم يستطع الطرفان تخطيها بسبب فقدان القدرة على المكاشفة، وأوشكت أن تتمدد وتنتشر بما يهدد مستقبل العلاقات بينهما.

اللقاءات التى تعقد بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره السودانى عمر البشير، فى أى من العاصمتين، القاهرة والخرطوم، أو على هامش اجتماعات إقليمية ودولية مختلفة، رسخت ملامح التقدم الذى يظهر مع كل لقاء يعقده المسئولون فى الدولتين، لأنها تتطلع دوما إلى الأمام، وتمنح اهتماما لافتا للمحددات التى يتوافقون عليها وترك القضايا الخلافية، كى تسير الأمور بوتيرة جيدة.

وضعت القيادة السياسية فى القاهرة والخرطوم يديها على واحدة من النقاط الحيوية المتعلقة بالتفاهم على أسس تنموية، بما يعود بالنفع على كل طرف، وتجنب الجراح المزمنة والقفز على ما يمكن أن تسببه من آلام ليس هذا أوانها. وهى صيغة صاعدة فى المنطقة، فمن خلال المكونات الواعدة التى تحملها المشروعات يمكن تسوية الكثير من الأزمات السياسية. لدى مصر والسودان مجموعة كبيرة من النقاط التى يمكن التلاقى عندها بصورة عملية، إذا خلصت النيات، وتمت تنقية الأجواء بطريقة تسهم فى البناء. الأمر الذى انتبهت إليه القيادات السابقة، لكنها لم تأخذ المسألة بجدية كافية، وتعطلت عند أول مشكلة تواجهها، وهو ما أرخى بظلال سلبية على كثير من القضايا، وحال دون الوصول إلى قاعدة راسخة يمكن التأسيس عليها منذ سنوات.

التنمية مفهوم جذاب والتباحث بشأنه ومناقشة تفاصيل العديد من المشروعات المرتبطة به مسألة ضرورية، حاول البلدان توظيفها بصورة صحيحة من قبل، غير أن الإرادة لم تكن متوافرة، ولعب الرضوخ للغوايات والمواقف الأيديولوجية الضيقة دورا خطيرا فى وقفها.

التحركات التى بدأت من الجانبين فى هذا الاتجاه أخيرا ، لها ما يؤيدها محليا وإقليميا ودوليا، فقد أضحت مشروعات التنمية ثيمة تتوافق عليها دول كثيرة، وعبرها يمكن القفز على الخلافات، ووضع مرتكزات أساسية للعلاقات، فى وقت تسعى فيه مصر والسودان إلى وضع حلول حاسمة لجملة من الأزمات الاقتصادية.

البلدان يملكان مقومات جيدة وواعدة، تصلح لتكون مدخلا لكثير من المشروعات، بعضها جرت مناقشتها، والبعض الآخر بحاجة لمزيد من تقريب المسافات، بما يضمن عدم العودة إلى ما يعكر الصفو الراهن، ووضع تطلعات تحقق المصالح العليا مستقبلا. وبعد أن تم اعتماد هذه القاعدة تلاشت تقريبا الخلافات، والدوائر التى كانت تفتعل الأزمات من حين لآخر، ولم نعد نسمع صوتها أو نرى تحريضها، لأن هناك رغبة عارمة بتنحية كل ما يفضى إلى التباين والتركيز على ما يؤدى للتفاهم.

التطورات المتسارعة التى شهدتها العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا من المؤشرات التى تؤكد أن التنمية أحد صمامات الأمان للدول، وسوف يتزايد الاعتماد عليها كأدة مؤثرة فى حل المشكلات، لأن روافدها تتجاوز الأفكار السهلة، وتصل إلى حد التوجهات والممارسات الاستراتيجية، باعتبارها المنقذ من التدهور وباب الخروج من الآلام.

الكثير من القوى الكبرى تعول على زيادة الاستثمار فى إفريقيا، ومنهم من قطع شوطا طويلا فى بناء منظومة متماسكة من المشروعات التنموية، استعدادا للمستقبل، الذى تبدو فيه هذه القارة من الأماكن الجاذبة. لذلك أرادت مصر والسودان تعظيم هذه الزاوية والتوسع فيها بالشكل الذى يعود بالنفع على كل منهما.

الشروع فى تطوير هذه القاعدة بات من القناعات الرئيسية لدى القيادات السياسية فى البلدين، والمرجح لها أن تتضاعف الفترة المقبلة، مع اتساع نطاق الهدوء فى المنطقة، لأن العناصر الحاكمة للتنمية الجديدة لم تعد مقصورة على المستوى الثنائي، بل يمكن أن تمتد للإقليم برمته.

اللافت أن الخطوات العلمية فى هذا الفضاء تسعى إلى توثيق العلاقات الاقتصادية، الثنائية والجماعية، بشكل يتخطى تجارب سابقة، كانت محكومة بالدعاية أكثر من الإنجاز، ما جعلها مهزوزة ومن السهولة أن تتعرض لنكسة سياسية تعصف بها عند كل محك يعتريها، صغيرا أم كبيرا، أو خطاب سلبى يتبناه أحد الإعلاميين.

الرافعة الجديدة التى تنطلق منها العلاقات المصرية- السودانية، وسوف تتبلور ملامحها الفترة المقبلة، تقوم على أربعة عناصر.

الأول: تصفية الأزمات السياسية فى المنطقة، وتسريع وتيرة المصالحات، والامساك بزمام المبادرة للتوصل إلى حلول سريعة، قبل أن تضع بعض الجهات غير الراغبة فى الاستقرار العصا وسط العجلات، فقد هيأت الصراعات الطويلة فرصا جذابة لقوى لا تستطيع التعايش فى أجواء بعيدة عن التوترات.

الثاني: إنهاء ميراث الخصومات الداخلية فى الدول الإفريقية، لأن مشروعات التنمية لن تشهد نجاحا فى ظل احتدام الحروب الأهلية. وقامت الخرطوم بدور معتبر فى تعديل الدفة لتمهيد الطريق لحل نهائى للأزمة فى دولة جنوب السودان، وأشرفت بدعم ومشاركة أطراف أخري، على توقيع اتفاق السلام بين الرئيس سيلفا كير وغريمه ونائبه الأول السابق رياك مشار فى أغسطس الماضي.

الثالثة: توظيف المشتركات بين دول الجوار، والبحث عن الطرق الناجحة للاستفادة منها. وفى حالة مصر والسودان هناك حزمة من العوامل يمكن أن تكون أداة لحل مشكلات ممتدة، أبرزها الرغبة فى توفير أجواء تحافظ على الأمن الوطنى لكل دولة، ووضع حلول حاسمة للعناصر التى مثلت ضغطا على أى من الدولتين، وتزايد الفرص الاقتصادية الحقيقية المتاحة، وسرعة الاحتواء السياسى الذى حال دون دخول العلاقات فى نفق مظلم.

الرابعة: مباركة قوى دولية لكثير من الخيارات الاقتصادية الرامية لتعزيز الاستقرار، وهو ما التقطته جهات إقليمية متعددة، وعزفت على أوتاره، فالنظام الدولى الذى يعاد تشكيله تدريجيا، يعطى الأبعاد التنموية أهمية فائقة، لأن عمليات تكسير العظام وتحقيق المكاسب يمكن أن تتجاوز الآليات التقليدية المعروفة. لذلك نجد سباقا سريعا للسيطرة على المفاتيح المهمة التى تتحكم فى توازنات القوى مستقبلا، وفى مقدمتها الاقتصاد.

نقلًا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رافعة جديدة للعلاقات بين مصر والسودان رافعة جديدة للعلاقات بين مصر والسودان



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:49 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ
  مصر اليوم - نصائح لاختيار العطر المثالي لمنزلكِ

GMT 08:00 2024 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثامن يدفعك لتحقق مكاسب وفوائد

GMT 11:11 2017 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

قمة "كوكب واحد" تكرس ماكرون رئيسًا لـ"معركة المناخ"

GMT 18:46 2017 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

دار Blancheur تعلن عن عرض مميز لأزياء المحجبات في لندن

GMT 16:21 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ليفربول يودع جورجينيو فينالدوم برسالة مؤثرة

GMT 10:19 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

3 قلوب ينبض بها عطر "أورا" الجديد من "موغلر"

GMT 09:59 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

مجدي بدران ينصح مرضى حساسية الأنف بعدم الخروج من المنزل

GMT 03:10 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الجلود في المغرب أصالة تبقى مع مرور السنوات

GMT 16:04 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر صحفي للشركة صاحبة حقوق بيع تذاكر المونديال

GMT 00:34 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مهاجم ليرس البلجيكي يطلب فرصة مع منتخب مصر

GMT 18:49 2017 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

مانشستر يونايتد يعرض 50 مليون إسترليني لضم "بيل"

GMT 06:32 2015 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

طريقة عمل السيفيتشي بالسلمون

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

اختيار البنا حكمًا لمباراة فريقي "الرجاء" و"دجلة"

GMT 23:41 2016 الأربعاء ,09 آذار/ مارس

فوائد فاكهة التنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon