توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفساد الإعلامى

  مصر اليوم -

الفساد الإعلامى

بقلم - علي محمد فخرو

من المواضيع التى تتحدث عنها كثيرا وسائل الإعلام المقروءة والسمعية والبصرية هى مواضيع الفساد السياسى والاقتصادى والمالى والقضائى والإدارى والمجتمعى. لكن من الملاحظ أن تلك الوسائل بالكاد تأتى على ذكر الفساد الإعلامى، مع أن الآثار المترتبة على ممارسة مثل هذا الفساد كبيرة وخطرة للغاية وتمس عقول ونفوس وضمائر وقيم وسلوكيات الملايين من البشر. ومع أن الكثير قد كتب وسجل عن ظاهرة الفساد الإعلامى فى الغرب، إلا أن الموضوع لم يعالج بنفس الجدية والعمق فى بلاد العرب، خصوصا بشأن ارتباطه بمصادر القوة والنفوذ فى الأوساط السياسية والمالية العربية وخدمته لمن يملكونهما.
وبالطبع فإنه من المفروض أن يكون الإعلام شريفا وصادقا وموضوعيا ومنحازا للمصلحة العامة، وبالتالى فى قلب مقاومة ومحاربة ظواهر الفساد، فإذا سمح لنفسه الدخول فى لعبة الفساد فما الذى يبقى للجمهور من مصادر المعرفة المنزهة والأخبار الصادقة ومراقبة أدوات السلطة ونقدها وتوعية الجماهير وتجييشها ضد الفساد والمفسدين؟
ثم إن وجود إعلام بتلك الصفات الذاتية الرفيعة وذلك الالتزام الأخلاقى يزداد ويصبح ذا أهمية وجودية فى المجتمعات العربية التى تكثر فيها ظواهر الفساد فى الكثير من مجالات الحياة المهمة المحورية من مثل الحكومات والبرلمانات والقضاء وحتى بعضا من المؤسسات الدينية الرسمية.
وحتى عندما تحاول بعض وسائل الإعلام أن تلعب دورا فى فضح الفساد، فإن الفساد المستتر عند بعض النافذين فيها يتعامل مع التفاصيل بانتقائية شديدة تظهر فيها الانحيازات والتقييمات المصلحية الشخصية وتقل فيها الجوانب العادلة القانونية والأخلاقية والالتزامات الوطنية والإنسانية.
وفى الآونة الأخيرة بدأ الفساد الإعلامى يتفنن فى تلاعباته، فأصبح يتلاعب بالألفاظ العامة التى كانت منتشرة ليستبدلها بكلمات وتعابير جديدة لكى تبدو حداثية وأكثر انضباطا، بينما هى فى الحقيقة محاولات لإدخال الغموض والمماحكات فى الفكر السياسى والاقتصادى النضالى المنحاز للمصلحة العامة وللجماهير المظلومة. فكلمة خالقى الثروة تحل محل الرأسمالية المستغلة، وسلطة الدولة توصف بالحكومة المنتفخة، وديمقراطية المستهلكين تأخذ مكان ديمقراطية الجماهير، والتفتيش عن عمل يأخذ مكان البطالة. إنها تعابير مؤسسات وفكر النيوليبرالية الرأسمالية العولمية الجشعة.
وفى حين أن التركيز فى الغرب على الجوانب الاقتصادية يجرى التركيز فى بلاد العرب على الجوانب السياسية، من محاولات تشويه ومحو ذاكرة الأمة، سواء بالنسبة لتاريخها أو بالنسبة لنضالاتها الحديثة، ومن تبديل للكلمات ذات الدلالات القومية التوحيدية، فيحل تعبير الشرق الأوسط محل الوطن العربى، ويحل الخلاف الفلسطينى «الإسرائيلى» محل الصراع العربى الصهيونى، وتصبح شعارات متطلبات الأمن نافية أو مقللة من أهمية شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية، ويعلى من شأن الاقتراض العام على حساب الاستقلال الاقتصادى... إلخ. من كلمات وتعابير تكون قاموسا خاصا بعالم الإفساد الفكرى من قبل بعض دوائر الإعلام العربى.
ولذلك فمثلما الحال مع الضوابط القانونية والأخلاقية والمهنية التى توضع لمنع أو ضبط الفساد فى العمل العام والأنشطة الاقتصادية والمالية والتجارية فإن هناك حاجة لوضع ضوابط ومحددات بالغة الوضوح والشدة لمنع الفساد فى الإعلام يقنن تفاصيل ملكية وسائل الإعلام، ويمنع توجيهها لخدمة مصالح نفعية، ويؤكد على وجود قيم وضوابط مهنية للعاملين فى المهنة الإعلامية تمنع الرشوة من خلال الامتيازات والمكافآت والهدايا وتحاسب الخارجين على تلك القيم.
وبالطبع ليس المقصود من وضع تلك الضوابط أن تكون على حساب حرية واستقلالية وموضوعية ووطنية وإنسانية الإعلام. بل العكس هو الصحيح فالمقصود هو حماية الإعلام من محاولات قوى متنفذة هائلة ترمى إلى استعماله كأداة إفساد يصب فى خدمة مصالحها الفئوية الضيقة.
فى الغرب هناك قصص مذهلة يندى لها الجبين عن كبار كتاب صحفيين وعن مقدمى برامج تلفزيونية وإذاعية شهيرة دخلوا فى عوالم الفساد الذممى الإعلامى. لتكن تلك القصص دروسا لنا فى بلاد العرب.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفساد الإعلامى الفساد الإعلامى



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt