توقيت القاهرة المحلي 07:01:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -
تعليق الدراسة الحضورية في تعليم المدينة المنورة اليوم بسبب الأمطار الغزيرة الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار
أخبار عاجلة

رائحة الثوم المحروق

  مصر اليوم -

رائحة الثوم المحروق

بقلم - محمد المخزنجي

القصة وردت في الكتاب الرائع الضخم عن مرض السرطان «إمبراطور المآسي»، وتحكي أنه في 2 ديسمبر (كانون الأول) 1943 أغار سرب من الطائرات الألمانية على مجموعة سفن أميركية راسية قرب مدينة باري جنوب إيطاليا، وكانت إحدى هذه السفن، وتدعى «جون هارفي»، محمّلةً بسبعين طنّاً من غاز الخردل دون معرفة طاقمها بذلك، ومع اشتعال السفينة اشتعلت حمولتها من الغاز السام، وبدأ الصيادون والقاطنون حول الميناء يعانون من رائحة الثوم المحروق التي تشبَّع بها الهواء، وتم انتشال البحارة الأميركيين من المياه وهم يعانون من رعب الألم وعيونهم مغلقة ومنتفخة. وخلال الأسبوع الأول توفي 83 رجلاً من أصل 617 ممن تم انتشالهم، وانتشر الغاز بسرعة فوق الميناء ومحيطه فتوفي ما يقارب ألف إنسان متسممين بهذا الغاز.

«في الواقع فجَّر الحلفاء أنفسهم» كان ذلك تعليقاً ذيَّل به الكاتب القصة، التي لم تنتهِ عند هذا الحد، بل اتخذت مساراً مُفارقاً تماماً يقول إن ما تفجَّر هو شيء آخر غير خداع الحروب وانحطاط أدواتها؛ فرغم أن هذه الحادثة كانت سبباً في سرعة إنشاء وحدة سرية لدراسة غازات الحروب سُمِّيت «وحدة الحرب الكيماوية» أبرمت عقوداً مع كثير من مراكز الأبحاث في الولايات المتحدة، فإن العالِمَيْن اللذين كان من نصيبهما البحث المتعلق بغاز الخردل، وهما لويس جودمان وألفريد جيلمان، أخذا البحث إلى مسار مختلف تماماً عن غاية ما تم التعاقد معهما بشأنه.

لم يهتم العالمان كثيراً بالخواص المسببة للبثرات الجلدية لغاز الخردل وقدرته على إحراق الجلد والأغشية المخاطية لضحاياه، لأن ما شد انتباههما أكثر هو قدرة هذا الغاز على إهلاك خلايا الدم البيضاء وتدمير نخاع العظام، وهو ما أثبته تشريح جثث الجنود الأميركيين ضحايا الكارثة. وشغل تفكير جودمان وجيلمان سؤال مثير: هل يمكن استخدام هذا التأثير بجرعات ضئيلة دقيقة لاستهداف تكاثر الخلايا البيضاء السرطانية بشكل نوعي؟

وللإجابة عن السؤال، بدأ العالمان إجراء أبحاثهما على الحيوانات، ووجدا أن الحقن الوريدي للفئران والأرانب بالخردل جعل خلايا الدم البيضاء الطبيعية تختفي تقريباً من الدم والنخاع العظمي، دون أن تتسبب في ظهور البثرات البغيضة على الجلد، مما يعني الفصل بين تأثيري الخردل واستثمار أحدهما لغرض علاجي، وشجعهما ذلك على تركيز أبحاثهما على سرطان الغدد الليمفاوية لدى حيوانات التجارب في البداية، ثم على حالة بشرية متطوعة، وأدى حقن هذا العلاج الوريدي بالخردل إلى هجوع المرض بشكل مُبهِر واختفاء العقد الليمفاوية المتضخمة لدى الفئران والإنسان!

أعاد النجاح الأولي لغاز الخردل في قتل الخلايا السرطانية إحياء جدل قديم حول السموم بين الضر والنفع، كما أعاد لضمير الطب إعلاء غايات الإحياء على أحقاد الإماتة، ففي عام 1948 قام كونيليوس رودز رئيس وحدة الحرب الكيماوية في الجيش الأميركي بترك منصبه ليصبح مديراً لمستشفى ميموريال ومعهد الأبحاث الملحق به، مُركِّزاً على هدف محاربة السرطان كيماوياً. وتكللت خطوته بعد ذلك بالنجاح؛ ففي أوائل الخمسينات من القرن العشرين، نجح الطبيبان العالمان جوزيف بورشينال وماري لويس مورفي في علاج أطفال مصابين بمرض لوكيميا ليمفاوية من النوع الحاد والنادر بعقار بدأ تجاربه كونيليوس رودز نفسه، وفي مستشفى ميموريال ذاته.

حقق ذلك الدواء الجديد حينها هجوعاً سريعاً في المرض حيث تلاشت خلايا اللوكيميا من نخاع العظام، ومن الدم، في غضون أيام قليلة في أغلب الحالات. لكنه كان هجوعاً مؤقتاً وكأنه ومضة خير عابرة في عتمة شر عنيد، لكنها ومضة ظلت تتسع ويتكاثف ضوؤها يوماً بعد يوم حتى بلغت ما بلغته علاجات السرطان المتقدمة الآن، وهي قصة تقول لنا: هناك أشياء كثيرة تحتمل الوجهين، الخير والشر، الإحياء والإماتة، وما يُرجِّح فوز أيهما على الآخر هو الاختيار، فمن رائحة الثوم المحروق للخردل القاتل، هناك من تنسَّم أريج مادة شافية من بعض أذى إمبراطور المآسي، مرض السرطان.

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رائحة الثوم المحروق رائحة الثوم المحروق



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt