توقيت القاهرة المحلي 20:29:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علاقات معقدة

  مصر اليوم -

علاقات معقدة

بقلم - عبد اللطيف المناوي

تتسم بعض العلاقات بين البشر بالتعقيد الشديد، والتى ربما لا تكون نتيجة خلافات فى المواقف، بل فى العقيدة الفكرية التى يؤمن بها كل طرف، ومهما كانت محاولات التقريب، فإنها تنتهى فى أنجح الأحوال إلى جمود، ولكنها فى العادة تفضى إلى صدام، فتستمر العلاقة المعقدة.

هذه هى علاقات البشر، فما بالنا بعلاقات الدول. وهنا أتحدث عن علاقة إيران وإسرائيل التى تتسم بالتعقيد منذ 45 عامًا، وتحديدًا منذ انطلاق الثورة الإيرانية فى 1979، حيث أصبحت طهران وتل أبيب عدوين، رغم أنهما لا يشتركان فى حدود (تبعدان أكثر من 1610 كيلومترات) أو نزاعات إقليمية مباشرة.

الغريب أن العلاقة بين الطرفين ما قبل ثورة الخومينى كانت متباينة، فطهران عارضت تأسيس دولة إسرائيل فى 1948، لكنها اعترفت بها بعد سنتين فقط، وتحديدًا فى عهد الشاه محمد رضا بهلوى، الذى جمعته علاقات وثيقة بأمريكا وبريطانيا، أكبر داعمى إسرائيل تاريخيًا، كما ازدهر التعاون الاقتصادى والسياسى بين البلدين فى ظل أوج الصراع العربى الإسرائيلى خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضى.

لقد كان اندلاع الثورة الإيرانية مفصليًا فى العلاقة، حيث أفضى إلى ظهور نظام فى طهران مناهض بشدة للصهيونية، فقطع العلاقات مع إسرائيل، وحوّل مقر السفارة الإسرائيلية فى طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فيما كان الخطاب الدبلوماسى الثورى واضحًا فى عدائه، حيث كان يصف دائمًا تل أبيب باعتبارها الشيطان الأصغر، كما ظلت نبرة «نسف إسرائيل» حاضرة طوال فترة الثمانينيات.

ورغم ما تقوله صحيفة «تليجراف» البريطانية عن صفقة أسلحة أبرمها نظام الخومينى مع إسرائيل أثناء حرب إيران والعراق، ورغم وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى المُغتال، إسحاق رابين، إيران، بأنها واحدة من أفضل أصدقاء إسرائيل، إلا أن العداء استمر وتحول فى مطلع الألفية إلى ما سُمى «حروب الوكالة»، والتى من خلالها نمّت إيران بعض الأحزاب والحركات فى الدول العربية وساعدتها فى التمويل والتسليح، ولا يخفى على أحد أن «حزب الله» و«جماعة الحوثى» ومؤخرًا «حركة حماس» هى أذرع إيرانية، تنفذ سياساتها، وتقوم بالمواجهة مع إسرائيل بالنيابة عنها.

فى هذا الوقت، سعت إيران لامتلاك سلاح نووى، مثل إسرائيل التى ضغطت بكل ما تمتلكه من علاقات ومحبة من الولايات المتحدة لمنع طهران من امتلاك النووى، ما أفضى إلى إبرام اتفاق إيرانى أمريكى غربى بشأن البرنامج النووى فى طهران، لتهدئة مخاوف تل أبيب، لكن انسحاب ترامب من الاتفاق أشعل الصراع مجددًا، وجعل إسرائيل تشتبك مع إيران باغتيال كبار المسؤولين الإيرانيين، وخصوصًا رجال الحرس الثورى والعلماء. وأظن أن هجوم 7 أكتوبر الذى شنته حماس كان جزءًا من الرد الإيرانى على سلسلة الاغتيالات تلك، وهو الهجوم الذى تعيش المنطقة فى آثاره حتى اليوم.

ثمة خطر حقيقى يحدق بالمنطقة بسبب هذه العلاقة المعقدة، والتى يمارس فيها الطرفان أفعالًا تتسم دائمًا بسوء التقدير، لنعيش على خلفية ردود مستمرة بين الجانبين، لا نعرف متى ستنتهى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علاقات معقدة علاقات معقدة



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 08:41 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الخميس 22 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 19:37 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

سفيتولينا تودع بطولة فرنسا المفتوحة للتنس أمام بودوروسكا

GMT 12:53 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

علماء يكتشفون79 مضادا حيويا جديدا في براز الإنسان يطيل العمر

GMT 01:31 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

رانيا يوسف ترقص أمام مدرسة ابنتها احتفالا بتخرجها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon