بقلم - عبد اللطيف المناوي
منذ عدة أشهر بدأت بعض قرى السودان تشهد حرائق كثيرة وغريبة.
بدون مقدمات تبدأ النار فى الاشتعال بأعلى قمة المبانى فى القرية، تلتهم بقية المساكن بمحتوياتها فى سرعة فائقة تحول دون السيطرة عليها. لم يجد سكان القرية تفسيرًا مقنعًا لهم إلا اتهام «الجن» بإشعال الحرائق. الأمر يحدث بسرعة خيالية مما يصعب السيطرة عليه. النيران تلتهم كل المنزل المبنى من الخشب و«القش» وتترك القاعدة المبنية من الطوب دون أن تترك عليها أثرا.
الكثير من القرى السودانية يتميز طابع بناء مساكنها من الأخشاب والمنتجات العشبية. طراز من المبانى البسيطة الذى يناسب طقس تلك المناطق.
عاش سكان القرى حالة من الهلع والخوف ليس من النيران وحدها لكن من «الجن» الغاضب الذى يجعلهم عاجزين أمام هذه الظاهرة بالرغم من محاولاتهم المتواصلة لإطفاء الحرائق.
ظل الأمر محصورًا فى هذا التفسير المرتبط بالجن إلى أن صدرت دراسة أجراها مركز حقوقى بريطانى وصل إلى أن الحرائق فى قرى السودان أصبحت إحدى الأدوات المستخدمة كسلاح فى السودان. حيث دمرت عددًا كبيرًا من القرى والبلدات غربى البلاد. وإبريل الماضى شهد معدلا أكبر من أى شهر آخر منذ بدء الحرب قبل أكثر من عام.
وذكرت مراكز متابعة بحثية وحقوقية أن 72 قرية وبلدة إما دمرت أو تضررت بسبب الحرائق الشهر الماضى، ليصل إجمالى عدد القرى التى دمرتها الحرائق فى السودان إلى 201 منذ بدء الصراع منتصف إبريل من العام الماضى.
وتم توثيق أنماط لحرائق كثيرة ودمار مستمر فى القرى والبلدات الواقعة غربى السودان منذ اندلاع الصراع فى إبريل من العام الماضى.
بدا واضحا من تقارير المتابعة أن نشوب قتال أو شن غارات جوية يتزامن مع مجموعات من الحرائق، وهذا يشير بالطبع إلى أن الحرائق تستخدم كسلاح حرب بشكل عشوائى. وفيما يبدو فإن هذا الاتجاه يتفاقم، ويتسبب فى نزوح جماعى للسودانيين أهالى هذه القرى. ثبت من تقارير المتابعة تزامن حرائق مع تقارير تفيد بشن الغارات الجوية التى يشنها الجيش، وتفيد التقارير أنه غالبا ما تعمد قوات الدعم السريع إلى استخدام الحرائق، إذ تضرم النار فى قرى بأكملها خاصة فى ولاية دارفور غربى السودان.
هكذا ثبت أن الجن برىء من جريمة الحرائق، ويتحمل مسؤولية هذه الجرائم الإخوة السودانيون فى مواجهة الإخوة السودانيين فى القتال الذى يشهده السودان وأعمال العنف والقتل- والآن والحرق-، منذ منتصف إبريل 2023، عندما اندلعت التوترات بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وتحولت إلى قتال عنيف بجميع أنحاء البلاد.
بعد هذه الحقائق والمعلومات التى تكشفت عن المسؤولين بخصوص ظاهرة الحرائق، ثبتت براءة «الجن» وظهرت إدانة «شياطين» الإنس الذين يحرقون أشقاءهم بدماء باردة.