توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحسين ثائرًا وشهيدًا

  مصر اليوم -

الحسين ثائرًا وشهيدًا

بقلم: محمد سعد عبدالحفيظ

«إنى لم أخرج أشرا، ولا بطرا ولا مفسدا، ولا ظالما، وإنما خرجت لطلب الإصلاح فى أمة جدى، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، فمن قبلنى بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد على هذا أصبر حتى يقضى الله بينى وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين».

كانت تلك وصية الحسين بن على سبط رسول الله عليهم جميعا السلام، لآله وصحبه، سلمها لأخيه محمد بن الحنفية، قبل أن يترك المدينة قاصدا العراق ثائرا على انحراف يزيد بن معاوية، رافعا راية الحرية والإصلاح فى مواجهة الظلم والعدوان، فصار لمن بعده آية فى التضحية.

رفض سيد الثوار وأبى الشهداء بيعة يزيد ليس طمعا فى سلطة أو رغبة فى مُلك يعلم ــ وهو ابن رسول الإسلام ــ أنه زائل، بل خرج على حاكم أراد أن يسحق إرادة الأمة، «على الإسلام السلام، إذا بليت الأمة براع مثل يزيد»، قال الحسين رضوان الله عليه رافضا المساومة، وزاد على ذلك رغم يقينه بأنه ذاهب إلى مصيره الذى بشره به جده: «والله، لا أعطيكم بيدى إعطاء الذليل، ولا أقر إقرار العبيد».

سعت الآلة الإعلامية ليزيد إلى إقناع الناس بقبول بطش السلطة لخصومها وقمعها لمعارضيها، فأشاعت مصطلحات من عينة «سلطة الأمر الواقع، ومشروعية الحاكم المتغلب، وطاعة ولى الأمر حتى ولو كان فاجرا اجتنابا للفتنة»، واعتلى الولاة وأتباعهم المنابر فخطبوا فى الناس مطالبين إياهم بالاعتصام بطاعة الله وأولى الأمر وعدم تفريق كلمة المسلمين وإثارة الفتن حتى لا يختلفوا فتسقط الدولة.

فى المقابل ناضل إمام الثوار لإقناع الناس برفض الذل، وإعلاء قيم الكرامة والحرية والحق والعدل، دعا إلى إصلاح الفساد ومقاومة استبداد وظلم يزيد الذى رأى الحسين أنه غير مؤهل للحكم فرفض بيعته وقال لوالى المدينة عندما طلب منه البيعة: «أنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة، ويزيد رجل فاسق شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق... مثلى لا يبايع مثله».

اختار الحسين الموت فى عز بدل من الحياة فى ذل، قرر الثورة على دولة بنى أمية، وذهب إلى الموت راضيا مرضيا ليضرب مثلا للتضحية فى سبيل الحرية والكرامة، ويرسى نموذجا فى التمرد على الظلم.

لم يظلم الحسين نفسه ولا أهله عندما سار إلى كربلاء، ولم يشق عصا الطاعة كما روجت دوائر بنو أمية، لكنه أراد أن يرسم الطريق للشعوب المقهورة التى ترزح تحت حكم الحديد والنار، هتف ابن على «هيهات من الذلة» عندما خير بين الاستسلام أو السيف، فاختار الموت على طاعة الحاكم المتغلب، ليقدم أبلغ شهادة فى تاريخ الإنسانية، فينزع الشرعية ليس عن حكم يزيد فقط بل عن كل المستبدين والطغاة على امتداد التاريخ.

على مدى التاريخ كره المستبدون الحسين والنموذج الذى قدمه، حاولوا طمسه وتشويهه أو تقديمه على أنه ظالم، ظلم نفسه ومن معه، أو متهور اختار الانتحار، سعى هؤلاء إلى إجهاض كل محاولة للتغيير.

فى كتابه «أبو الشهداء الحسين بن على» تساءل الكاتب الكبير عباس محمود العقاد: «نتفاءل أو لا نتفاءل.. نتشاءم أو لا نتشاءم؟.. ليست هذه هى المسألة؛ وإنما المسألة هى أن طريق التفاؤل معروف وطريق التشاؤم معروف، فلا تتحقق مصلحة الإنسانية إلا إذا عمل لها كل فرد من أفرادها، وهانت الشهادة من أجلها على خُدَامها، وتقدِم الصفوف من يُقدِم على الاستشهاد، ومن ورائه من يؤمن بالشهادة والشهداء».

ويشير العقاد إلى أن تلك ليست عظة ولا نصيحة، لكنها حقيقة تُقرر كما تُقرر الحقائق الرياضية، «فلا بقاء للإنسانية بغير العمل لها، ولا عمل لها إن لم ينسَ الفرد مصلحته؛ بل حياته فى سبيلها، فلا بقاء للإنسانية بغير الاستشهاد».

ويرى العقاد أن «الطبائع الآدمية قد أُشْرِبَتْ حب الشهداء والعطف عليهم وتقديس ذكرهم بغير تلقين ولا نصيحة»، ويستثنى من تلك الطبيعة بعض المنحرفين المضللين أصحاب المنفعة والهوى القريب، كذلك يمقت الشهداء، بحسب العقاد «من لديه نكسة فى الطبع تغريه بالضغن على كل خلق سَوِىٍّ وسجية سمحة محببة إلى الناس عامة، أو من الإفراط فى حب الدعة حتى يجفل المرء من الشهادة استهوالا لتكاليفها واستعظاما للقدوة بها، فيتهم الشهداء بالهوج، ويتعقب أعمالهم بالنقد؛ لكيلا يتهم نفسه بالجبن والضعة، ويستحق المَذَمَّةَ واللوم فى رأى ضميره».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحسين ثائرًا وشهيدًا الحسين ثائرًا وشهيدًا



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 13:35 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء
  مصر اليوم - استمرار استبعاد صلاح من التشكيل يفتح باب الرحيل في الشتاء

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt