توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«النهر الخالد».. رغم العجز المائى!

  مصر اليوم -

«النهر الخالد» رغم العجز المائى

بقلم -علي السلمي

حين تغنى عبدالوهاب بقصيدة «النهر الخالد» عام 1954 لم يكن يخطر بباله ما وصل إليه النيل من «العجز والفقر المائى» ومدى الهوان وسوء الاستخدام الذى لحقه بفعل المصريين الذين تعتمد حياتهم على مائه!

ولقد كتبت مقالين عن موضوع «الفقر المائى» وأشرت إلى سوء استخدام مياه النيل نتيجة استمرار الرى بالغمر. واقترحت تبنى «المصرى اليوم» ورشة عمل لمناقشة التحول إلى أساليب الرى الحديثة وإدارة متطورة للموارد المائية، ووضع برنامج علمى وعملى لتحقيق ذلك الهدف يلتزم به كافة الأطراف المسؤولة عن إدارة الموارد المائية وعن استخدام مياه النيل فى قطاعات الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلى.

وقد أثار مقالى الأخير شجون الأستاذ عباس الطرابيلى، إذ كتب مقالاً، صبيحة اليوم التالى، لنشره جعل له عنواناً «المياه.. والأرض.. والفلاح!» ونظراً لأنه من أكثر المهتمين بموضوع مياه النيل، فقد اقترح سيادته البدء بتطبيق الأفكار العملية للتحول عن الرى بالغمر فى محافظة زراعية ولمدة عام، تستخدم فيها ما يحقق تخفيض ٥٠٪ على الأقل مما يستخدم الآن من مياه للرى، من خلال تبطين كل ترع المحافظة، بأى وسيلة، لمنع تسرب مياه الرى إلى جوف الأرض.. مع إلغاء «القنايات» واستبدال بها الأنابيب. وبالقطع فإن اقتراح الأستاذ الطرابيلى مفيد ويمكن تنفيذه فى ذات الوقت الذى يمكن فيه عقد «ورشة عمل» التى اقترحتها لإعداد برنامج تحديد أسلوب ومنهجية ومقومات التحول عن الرى بالغمر إلى الرى الحديث.

وقد سبق للأستاذ الطرابيلى التساؤل عن مصير مشروع قانون الموارد المائية الذى أعدته الحكومة ولم تتم موافقة مجلس النواب عليه حتى الآن رغم أهميته القصوى.

وحيث نشر أن لجنة الزراعة والرى فى مجلس النواب قد عقدت اجتماعًا برئاسة النائب هشام الشعينى، يوم 22 أكتوبر الماضى لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون الموارد المائية والرى، بالاشتراك مع مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، فإنى أقترح أن يعقد مجلس النواب جلسات استماع لأهل العلم والخبرة والدراية بمشكلات استخدام مياه النيل والمستخدمين لها، وفى ذات الوقت ينبغى طرح هذا المشروع لحوار مجتمعى جاد قد يكون من بين أطرافه أعضاء «ورشة العمل»- إذا قدر لها أن تنعقد- على أن يُضمن المشروع نتائج الحوار المجتمعى وما يمكن أن تصل إليه «ورشة العمل» من توصيات!

من جانب آخر تتخذ الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى موقف «الصمت الرهيب» تجاه مشكلة «الفقر المائى» رغم تأكيد وزير الموارد المائية والرى أن مصر تعتمد على 97% من مواردها المائية التى تأتى من خارج حدودها شاملة المياه السطحية والجوفية مما يضاعف من أى تأثيرات للتغيرات المناخية على مواردها المائية، وأن العجز المائى للبلاد وصل لنحو 90% يتم تعويضه من خلال إعادة تدوير المياه والذى يمثل 25% من الاستخدام الحالى، كذلك استيراد مياه افتراضية فى صورة سلع غذائية لسد باقى العجز.

ومما يزيد العجب من حالة الصمت العام عن مشكلة العجز المائى التفاصيل التى أعلنها وزير الموارد المائية فى يناير 2018 بأن مصر تحتاج إلى 114 مليار متر مكعب من المياه لتحقق اكتفاءها الذاتى، بينما المتاح 55 مليار متر مكعب من النيل فقط، يضاف إليها 4.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية والأمطار، وأن استخدامات المصريين من المياه فعليا تبلغ 80 مليار متر مكعب فيكون العجز الفعلى فى المياه 20 مليار متر مكعب، وأن مصر تستورد 12 مليون طن من القمح سنويا فى ظل نقص المياه!!

ولا يبدو فى الأفق انفراج واضح فى مفاوضات السد مع الجانب الإثيوبى حول أسلوب ملء خزان السد وفترة الملء، رغم اقتراب موعد الانتهاء من تشييده، ومن ثم اقتراب مشكلة ملء خزانه وما تحمله من آثار وخيمة للدخل المائى المصرى مع عدم التوصل إلى اتفاق مع الجانب الإثيوبى يحمى حقوق مصر المائية!

ولعل من المفيد استعادة ما أكده د. رشدى سعيد «... الشىء الذى يصعب تصوره هو إمكان زيادة دخل مصر المائى فى المستقبل المنظور عن طريق إقامة المشروعات فى أعالى النيل ليس فقط لصعوبة التوصل إلى اتفاقيات مع دول الحوض التى هى فى حالة من التفكك والضعف لا تنبئ بأنها قادرة على القيام بأعمال كثيرة لصالح دول الحوض، بل لعدم وجود مشروعات كاملة الدراسة للتنفيذ المباشر ولارتفاع تكلفتها المنتظرة ارتفاعاً يجعلها غير اقتصادية على المدى الطويل»!!

وختاماً أتمنى أن يظل النيل ساحراً للغيوب وواهباً الخلدِ للزمانِ، وأن يحافظ المصريون عليه ليظل هو «النهر الخالد».

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النهر الخالد» رغم العجز المائى «النهر الخالد» رغم العجز المائى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon