توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين وإيران والـ «بوليساريو»

  مصر اليوم -

فلسطين وإيران والـ «بوليساريو»

بقلم - عبدالله ناصر العتيبي

 يقول حزب الله رداً على قرار المغرب قطع علاقاته الديبلوماسية بإيران، إنه كان على الخارجية المغربية أن تبحث عن حجة أكثر إقناعاً لقيامها بهذا الإجراء.

قد تبدو هذه الجملة شوهاء ورديئة ومستفزة ومتصادمة مع منطق العلاقات بين الدول، لكن خضوعاً لواقع المنطقة في الوقت الراهن، فإننا قد نمرر لحزب الله هذا «التجديف الكلامي»، ونعتبره إفرازاً طبيعياً لعجز بعض الحكومات العربية عن الفصل بين المصالح الوطنية الخالصة والمكاسب السياسية الرخيصة لفئة حزبية دون أخرى.

حزب الله وإيران في هذه الأجواء الموبوءة يعتقدان أن التوغل الاستخباراتي والتدخل السياسي في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي، تحت غطاءات مدنية ودينية مزيفة، هو حق مكتسب لهما بحكم سيطرتهما الجزئية على بعض المفاتيح المتجردة من عروبتها هنا أو هناك، ويظنان أنه لا ينبغي أن يُواجه هذا التدخل بإجراءات تصعيدية من أي نوع.

هذا أمر مفهوم، وخبرناه ولمسناه على أرض الواقع خلال السنوات الماضية. الأمر غير المفهوم، والذي لا يمكن أن يمر مرور الكرام في بيان حزب الله الأخير هو ربط «طهرانية وبراءة» إيران بالقدس! وذلك من خلال الإشارة إلى أنه كان من الحكمة ألّا يتخذ المغرب هذا الموقف ضد «إيران، التي تدعم وتقف إلى جانب القضية الفلسطينية وتساندها بكل قوة» كما جاء نصاً في البيان!

والسؤال المهمان الملحان هنا هما، ما الذي حشر القضية الفلسطينية هنا بين المغرب وإيران وحزب الله وجبهة البوليساريو في أقصى غرب القارة الأفريقية؟ وهل فعلاً تقف إيران وتدعم القضية الفلسطينية مثلما يقول بيان حزب الله؟

أراد حزب الله من إدخال «القدس والفلسطينيين» في هذه القضية، التشويش على الموقف المغربي الأخير من خلال افتعال حالة مواجهة بين «رئاسة المغرب الدائمة والتاريخية للجنة القدس» و «الدعم الإيراني المزعوم للقضية الفلسطينية»، لصناعة منصة متوهمة تحمل حقيقة متوهمة تنص على أن الاتفاق في القضية الأعلى يمنع عدم الاتفاق في القضية الأدنى والأقل أهمية.

يعرف الكثير منا أن بيان حزب الله ليس موجهاً لحكومة المغرب ولا لأي من الحكومات العربية الأخرى، وإنما هو موجه في الأساس للشعوب العربية التي يحلم الحزب وإيران بتجنيد أفرادها مستقبلاً في مشروعهما الإقليمي، لذلك جاءت القضية الفلسطينية هنا بكامل حلتها الحروفية للتلبيس على المواطن العربي من جهة، والتشكيك من جهة مقابلة في حقيقة الموقف المغربي، الذي يقول عنه البيان إنه جاء بدفع من ثلاث حكومات هي الأميركية والإسرائيلية والسعودية. واستخدم الحزب في بيانه هذه الدول الثلاث تحديداً لأن كل واحدة منها تصنع له فضاء كاذباً يستطيع به أن يخدع بعض الناس لبعض الوقت. فأميركا تمثل «شراً» في مقابل القومية العربية، وإسرائيل هي المسؤول الأول عن الشقاء الفلسطيني الذي تقابله إيران بالرعاية. أما السعودية، فلأن مرجعيات الحزب في الأساس تقوم على معاداتها والوقوف ضدها، إذ لا حزب ولا عمائم في لبنان إن لم يكن هناك عداء للسعودية!

وإجابة على السؤال الثاني، فإن الكثير يعرف أن إيران لا تدعم القضية الفلسطينية، وإنما تدعم فصائل فلسطينية معينة لشق عصا الموقف الفلسطيني العروبي، وإبقائه ضعيفاً غير قادر على حمل قضية العرب الأولى إلى الأمام. تفعل إيران ذلك لتحقيق ثلاث غايات رئيسية: صنع حالة امتداد جنوبية لحزب الله، وإضعاف التيارات القومية العربية الفلسطينية المناوئة لإيران من خلال خلق حالة شقاق داخلي دائم، واستخدام أتباعها في الأرض المحتلة لمناكفة ومشاكسة الدول العربية التي تقف بحزم ضد التدخلات الإيرانية في المنطقة.

بدأت إيران بحزب الله في لبنان، ثم ذهبت إلى البحرين بجمعية الوفاق، ودخلت اليمن تحت غطاء الحوثي، وتغلغلت في العراق باسم الحشد الشعبي، وها هي تحط الرحال أخيراً وليس آخراً في المغرب العربي تحت عباءة البوليساريو! تبحث عن التنظيمات خارج الدولة لتتبناها من أجل تقسيم وتجزيء هذه الخريطة المقسمة المجزأة. لا تضع يدها في يد الحكومات الشرعية هروباً من الندية والتكافؤ وما يحملان من واجبات وحقوق، وإنما تعقد الصفقات مع التنظيمات المسلحة وترعاها لضمان ارتهانها في المستقبل للقرار «الفارسي» في حال استطاعت هذه التنظيمات القفز على السلطة واختطافها. تفعل إيران هذه الخروقات المستمرة ثم يأتي حزب الله ويقول: ليت المغرب بحث عن حجة أكثر إقناعاً من حجة دعم البوليساريو!! بل ليت اللبنانيين يقطعون العلاقات الديبلوماسية مع حزب الله حتى وإن تطلب الأمر اعتبار الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني تحت الاحتلال الإيراني.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين وإيران والـ «بوليساريو» فلسطين وإيران والـ «بوليساريو»



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon