توقيت القاهرة المحلي 00:00:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني»

  مصر اليوم -

صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني»

بقلم : مصباح قطب

اختارت مؤسسة «يورومني» الإنجليزية ذائعة الصيت لمؤتمرها الثاني والعشرين بمصر هذا العام، محورا أساسيا هو: (الاقتصاد المصري بين المرونة والسرعة). ظني أن الاختيار تم على خلفية تشديد الرئيس السيسي المستمر على سرعة إنجاز المشاريع وتحقيق قفزات في الأداء. لو صح ذلك فإن «يورومني» تكاد تقول نعم للسرعة، لكن لابد من المرونة أيضا، تاركة للمتحدثين أن يحددوا هل تكون المرونة في مستويات السرعة؟ أم في اختيار المشاريع التي يتم التوجيه فيها بالتنفيذ سريعا؟ أم في طرق تمويلها؟ أو شكل ملكيتها؟. اختيار المحور يثبت أن المؤسسة تتمتع بالفعل بـ«مرونة» في فهم المتغيرات ليست جديدة عليها. تقيم المؤسسة مؤتمراتها في عدد كبير من الدول شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وتحدث تحولات درامية في سياسات تلك الدول طوال الوقت، ومع ذلك تمكنت «يورومنى» من الحفاظ على استمرارية مؤتمراتها متكيفة مع أي تغيير، وعاملة طوال الوقت على خدمة جمهورها الأساسي وهو المستثمرون الماليون العالميون. كان أشهر مأزق تعرضت له المؤسسة في مصر هو أنها من أطلق على الاقتصاد المصري في أواخر عهد حكومة نظيف «نمر على النيل»، إلى أن جاءت أحداث يناير 2011، وتبين أن الأمر لم يكن صحيحا، لكن «يورومني» عاودت العمل بمصر بعد توقف أقل من عامين.

على الاقتصاد المصري أن يتعلم سرعة التكيف مع المتغيرات والصدمات واستيعابها بالفعل، وله في ذلك سوابق صمد فيها، وأن يستفيد من تجربة «يورومني» ذاتها، لكن ليس ليخدم المستثمرين العالميين فحسب ولكن ليخدم بالأساس الشعب المصري وتطلعاته إلى التقدم الاقتصادي والحضاري والعدالة الاجتماعية والانخراط الفعال في المنظومات العالمية.

اعتقادي أن الاقتصاد المصري «مَرِن» في جوانب منه - طوعا أم كرها - أكثر مما ينبغي، فهو مثلا شبه مجبر على «مرونة» زائدة بشأن أسعار الفائدة والصرف، ليظل محتفظا بنفس معدلات الاستثمار الأجنبي في الأذون والسندات في هذه المرحلة، وقد بات المطلوب منه مزيداً من الصلابة. المرونة كلمة حمّالة أوجه، وطلبها من طرف يتعافى يحتمل أن يعني دعوته لتقديم تنازلات... ألا نسمع كثيرا من أمريكيين وإسرائيليين أن على السلطة الفلسطينية أن تقدم مزيدا من المرونة لمواصلة عملية السلام، فماذا كانت النتيجة؟. الاقتصاد المصري أيضا مازالت به انكشافات تجارية ومالية ونقدية وإنتاجية وتوزيعية وبيئية. المنكشف بطبيعته مرن أو يمكن الضغط عليه ليكون كذلك. الخلاصة: أكثر ما يحتاجه الاقتصاد حاليا هو صلابة البنيان، ومن المفيد أن أستعير فى ذلك قول «كريستين لاجارد» - مدير صندوق النقد الدولى – مؤخرا إن على الاقتصاد العالمي أن يتعلم من المعماري الروماني الذي قال إن المبنى الجيد يجب أن يتسم بالمتانة وأن يحقق منفعة لأصحابه، بالإضافة إلى متعة جمالية (رفاه في حالة الاقتصاد)، وقد ذكرت ذلك في سياق دعت فيه إلى مزيد من الصلابة في الاقتصاد العالمي، أي نمو أكثر استمرارية وأقوى متانة وأكثر قدرة على احتواء الجميع. بحسبها. 

لا أطلب من «يورومني» أن تقوم بذلك فتلك مهمتنا، بيد أن ما يمكن أن نفيد منه من هذه المنصة التنظمية والبحثية والتحليلية المحترفة هو أن نناقش معها بجدية ووعي طوال الوقت أجندة مؤتمراتها لنحقق منها أعلى منفعة، وحتى لا يكون المؤتمر رافعة تزيد يورومني صلابة – من أموال الرعاة ومما تدفعه الحكومة – وتزيد الاقتصاد «مرونة» بالمعنى غير الحسن للكلمة.

غلاف صفحة المؤتمر على موقع يورومني تتصدره صورة رائعة حقا للقاهرة، وفي بؤرة الصورة برج بنك مصر بوسط البلد. إن نهج طلعت حرب مؤسس البنك (وعاشق العمارة الإسلامية) لتصليب عود الاقتصاد المصري، كان تنويع الاقتصاد وتعميقه وربط الصناعة بالاحتياجات الأساسية للناس وبالثقافة والترابط الاجتماعي والعائلي والبعد العربي، ومن عنيف الأسف أن إنجلترا، محتلة مصر وقتها، وبعض الخصوم المصريين ضاقوا ذرعا بتحدي طلعت حرب لمصالحهم، وأجبروه على أن يكون «مرنا» إن أراد لبنك مصر البقاء، وكان المقصود أن يرحل عن إدارة البنك ويقلص توسعاته الصناعية... وقد كان!

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني» صلابة الاقتصاد ومرونة «يورومني»



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon