توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحث عن الانتماء الوطنى

  مصر اليوم -

البحث عن الانتماء الوطنى

بقلم - نبيل عبد الفتاح

 عديد من الظواهر والسلوكيات الاجتماعية السلبية، تبدو فى بعض الأحيان مثيرة للغضب، والنقد والقلق طيلة عديد العقود، وفى أحيان أخري، تحولت إلى جزء من مألوف تفاصيل الحياة المصرية، وإحدى علامات الاعتلال فى التكوين الاجتماعي، ومنها ظواهر اللامبالاة بالمصالح العامة ومن مظاهرها: العبث بالممتلكات العامة وعدم الاهتمام بصيانتها أو الحفاظ عليها، سواء فى أجهزة الدولة، أو فى الفضاء العام أو استباحة حرمة المال العام وانتهاكه من خلال ارتكاب جرائم اختلاس الأموال العام، أو الرشوة وغيرها من جرائم الموظفين العموميين. ثمة أنماط من السلوك الاجتماعى السلبي، وعلى رأسها الأنامالية المعبرة عن الاغتراب الاجتماعى الأنوميا ـ والسياسي، وإدارة شرائح اجتماعية ظهرها للنخبة السياسية الحاكمة وللشأن العام. من ناحية أخرى كانت الهجرة إلى إقليم النفط سعيًا وراء الرزق أحد أبرز ملامح السعى نحو الخلاص الفردي، من عسر الحياة أو البطالة، أو أداة للتراكم المالى ورغبة فى الحراك الاجتماعى لأعلى ... إلخ وهى ظاهرة ممتدة منذ حرب أكتوبر 1973 إلى الآن، على الرغم من تناقص فرص العمل المتاحة فى الدول العربية النفطية. الانسداد فى مجال الفرص الاجتماعية المتاحة، دفع بعض الشباب إلى اللهاث وراء الهجرة غير المشروعة، ومخاطر غرق قواربها فى مياه المتوسط المتلاطمة. النكوص عن الاهتمام بالسياسة والشأن العام وذلك بعد عودة الاهتمام بهما فى ظل الانتفاضة الجماهيرية الثورية فى 25 يناير 2011، وفى ظل أحداث 30 يونيو 2013. ظواهر ومؤشرات تشير إلى وهن فى الانتماء الوطني، لا تخطئه العين، وهو أمر لا علاقة له بالشعارات أو الهتافات الوطنية، وإنما إلى بعض العوامل والأسباب البنيوية التى طرأت على المجتمع والإنسان المصرى منذ عديد العقود، ويحتاج إلى اهتمام النخبة الحاكمة، وأجهزة الدولة بهذه الظاهرة الممتدة وتقصى أسبابه. الانتماء الوطنى ليس محضُ شعار، أو مكونا جينيا ينشأ بمجرد ميلاد الإنسان فى جماعة ما، وإنما هو تعبير عن مجموعة من العلاقات المركبة الاجتماعية والسياسية والثقافية والرمزية والتاريخية التى يدخل فيها الإنسان ويتفاعل معها، وتشكل ذاكرته، ومخيلته ومصالحه وآماله، ومشاعره وحواسه حول دول ومجتمع وأمة ما. الانتماء الوطنى لا ينشأ من فراغ، وإنما من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية والسياسية، ولا من مجرد الانتماء إلى الجماعات الأولية حول الأسرة، أو القبيلة أو العشيرة أو إلى مكان ما، وإنما هو جزء من تطور اجتماعى وسياسى واقتصادى وثقافى ممتد أنتج الوطنية / الأمة فى ظل تطور بناء الدولة الحديثة التى تأسست على تطور الحركات القومية والرأسمالية، ومن ثم فهو مفهوم يتجاوز الولاءات الأولية أيًا كانت، ويعتمد على الجوامع الوطنية المشتركة، أو الموحدات الكبرى التى تتجاوز الانتماء الطبقى والسياسي. من هنا كانت الأمة والقومية والدولة الحديثة نتاج تطور العلاقات والتكوين الرأسمالي، والتحديث، والحداثة السياسية حول المدينة الحديثة. إن ظاهرة وهن الانتماء الوطنى تعود إلى عديد الأسباب ومنها ما يلي:

ـ ظاهرة موت السياسة أدت إلى النكوص عن الشأن العام والاهتمام بالمصالح العامة، والتركيز على المصالح الشخصية، لأن السياسة مجلبة للأضرار. ـ الفرص النادرة فى إمكانات وآليات الحراك الاجتماعى لأعلي، لاسيما للشرائح الاجتماعية الوسطى الوسطي، والوسطى الصغيرة، فى ظل ظواهر البطالة على اختلافها مع سياسة الخصخصة، لاسيما لدى الشباب من خريجى الجامعات على نحو أثر على تكوينهم النفسى والاجتماعي. فى ظل ظواهر توريث المهن والوظائف، وترييف أجهزة الدولة، وفاقم من هذه الشروخ انتشار المحسوبية والفساد لدى بعضهم فى الوظيفة العامة.

ـ بعض التآكل الذى اعترى مفهوم الأمة والوطنية، فى ظل التغير فى السياقات السياسية والاجتماعية والدولية والإقليمية التى صاحبت تكوينها التاريخى وتطوره

.ـ أزمات التكامل الوطني، وتفكك بعض عرى الموحدات القومية، كنتاج لأزمات المواطنة التى تعانيها بعض المكونات الاجتماعية كالأقباط والمرأة.

ـ اتساع الفجوات الجيلية بين كبار السن والشباب من الشرائح الاجتماعية المختلفة، فى التكوين والحساسية والوعى الاجتماعي، والتطلعات والآمال.

ـ أسهمت الجماعات الإسلامية السياسية والراديكالية، فى تفاقم أزمات الانتماء الوطني، من خلال سياسة الهوية الدينية، وتركيزها على مفاهيم الخلافة، والرابطة الدينية فى مفهوم الجامعة الإسلامية وطرحها كنقيض لمفهوم الأمة والوطنية المصرية.

- ضعف الوعى التاريخى كنتاج لسطحية المناهج المقررة حول التاريخ المصرى ومراحله المختلفة فى مراحل التعليم العام. - أزمات التنشئة الاجتماعية والسياسية ومؤسساتها، وهشاشتها وتركيزها على الرؤى السلطوية حول التاريخ المصري، وحول مفهوم الوطنية الأحادى الذى يربط بينها، وبين الحاكم والحكم فى مرحلة تاريخية ما، وليس على التطور التاريخى للقومية المصرية.- النزعات ما بعد الحداثية والعولمية، وآثارهما على الهوية الوطنية الجامعة فى ظل التفكك الاجتماعي، وعمليات التشظى فى المكونات الاجتماعية. لا شك أن هذه الأسباب تتطلب حزمة من السياسات التعليمية والثقافية والاجتماعية مع فتح المجال العام والعودة إلى السياسة ومواجهة الفساد بصرامة، وسياسة للأمل لدمج الشباب فى الحياة العامة، فى ظل تطوير جذرى للسياسة والمناهج التعليمية لاسيما التاريخية المقررة على الطلاب فى جميع مراحل التعليم، وذلك كمداخل لإحياء الانتماء الوطنى وتجديده فى إطاره الإنسانى المنفتح على متغيرات عالمنا.

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحث عن الانتماء الوطنى البحث عن الانتماء الوطنى



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt