توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موسم «صيد العصافير»..!

  مصر اليوم -

موسم «صيد العصافير»

بقلم: عبدالعظيم درويش

أى منصف متابع لتطورات الحياة الاجتماعية فى مصر يستطيع أن يرصد بكل سهولة أن «الشفافية والمصداقية» وغيرهما من التعبيرات، التى كانت لا تحمل أى مضمون والتى مللنا تكرارها عبر عقود ثلاثة، قد «تجسدت» واقعياً بعد أن فقد «الفساد» الآن كل «سياج الحماية والأمن» التى كانت تحيط به طوال السنوات السابقة، إذ إن «موسم اصطياد عصافير الفساد» قد بدأ بالفعل وأصبحت «شباك الصيد» بالرقابة الإدارية ممتلئة تماماً بـ«أباطرة الفساد والرشوة»..!

انتهى بالفعل ذلك الزمن الذى كانت فيه أجهزة الرقابة لا تجرؤ على الاقتراب من أى فاسد طالما كان يشغل منصباً أو ينتمى إلى تلك الدائرة التى تحيط بـ«قصر العروبة» -مقر الرئاسة منذ الثمانينات حتى 2011- والتى أفسحت له الطريق لتتصدر صورته الصفحات الأولى من الصحف ويعلوها عنوان مجتزئ من «تعبيراته الرتيبة» حول النزاهة والشرف والوطنية..!

لم نكن نجرؤ أبداً على أن نحاكم الفاسد أو نحاسب المخطئ أو نضع حداً لأى مخادع، إذ كان علينا أن نتعايش مع هذا الواقع المرير وأن نقنع أنفسنا بأن علينا نحن المواطنين أن نتحمل تكلفة «فاتورة فساد المسئول» لينعم هو وأسرته بحصيلة هذا الفساد لنكتفى بالتعبير الشهير «مافيش فايدة»..!

ما جرى خلال الأيام القليلة الماضية يؤكد أن الموقف الآن قد اختلف كلياً عما كان سائداً وأن أى فاسد لن يفلت من العقاب مهما كان حجم فساده، سواء كان لا يتعدى بضعة آلاف من الجنيهات أو عدة ملايين، رغم أن صورة ذلك الفاسد لا تزال تتصدر الصفحات الأولى من الصحف غير أن ما يعلوها من «عناوين» قد تناقضت تماماً مع سابقاتها، إذ تبدلت لتصبح «إلقاء القبض على وزير.. ضبط مسئول أثناء تلقيه رشوة.. السجن المشدد لمحافظ..» وغيرها من المفردات التى تؤكد أنه لن يفلت أى فاسد أو مرتشٍ من نتيجة فعلته التى سيظل عارها يطارده وأسرته وأحفاده طوال العمر..!

فى أحد أيام الأسبوع الماضى وتحديداً يوم 25 يوليو قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم طرة، بالسجن 10 سنوات على هشام عبدالباسط، «محافظ المنوفية السابق»، فى اتهامه بتحقيق كسب غير مشروع قدره 58 مليون جنيه من خلال استغلال النفوذ، كما قضت بتغريمه 58 مليون جنيه، وألزمته برد مبلغ مساوٍ لمبلغ الغرامة.

وكانت تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع كشفت أن المتهم حصل لنفسه على 58 مليوناً و795 ألفاً و942 جنيهاً، من خلال استيلائه لنفسه بغير حق على 27 مليوناً و485 ألف جنيه من أموال المحافظة، بأن اتفق مع المتهمين الآخرين على طرح 4 عمليات تطوير ورفع كفاءة عدد من مبانى المحافظة، وأمر بإسناد تنفيذها إلى شركة أحد المتهمين بالأمر المباشر، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.. إلى جانب أنه حدد قيمة هذه العمليات بمبلغ 92 مليون جنيه فى حين لا تتعدى قيمتها الفعلية 12 مليون جنيه، بالإضافة إلى تورطه فى غسل الأموال باستثمارها فى شراء العديد من الأصول العقارية والسيارات باسمه وأفراد أسرته.

فى اليوم التالى لهذا الحكم أحالت إدارة الكسب غير المشروع، «مدير مكتب وزير التموين السابق» إلى المحاكمة الجنائية العاجلة؛ لاتهامه بتحقيق كسب غير مشروع يقدر بـ20 مليون جنيه.. وطلبت الهيئة من المحكمة إدخال كل من زوجة المتهم وأولاده القُصَّر ليصدر حكم الرد فى مواجهتهم إعمالاً لنص القانون بعد أن أثبتت التحقيقات أن «المتهم» قد استغل سلطات وظيفته وحقق كسباً بطرق غير مشروعة مقداره 20 مليون جنيه من عام 2004 وحتى 2015.

لم يكتف «المتهم» بدخله من وظيفته بل تنوع نشاطه الحرام فى أكثر من مجال، إذ اعتاد استغلال صفته «مدير مكتب وزير التموين السابق» فى التدخل لدى بعض المسئولين لإنهاء الأوراق المعروضة عليهم وتحقيقه تضخماً فى ثروته لا تتناسب مع موارده المالية، وعجز عن إثبات مصدر مشروع لها، فضلاً عن سبق ضبطه وهو يتقاضى مبالغ مالية على سبيل الرشوة للإخلال بمقتضيات وظيفته.

أيضاً امتد نشاطه إلى بعض مسئولى الشركات المنتجة للحديد لتخصيص حصص من حديد التسليح لبعض الشركات التى قام بتأسيسها باسم زوجته وأبنائه القُصّر محققاً لنفسه كسباً غير مشروع تمثل فيما تملكه من بعض عناصر ذمته المالية الواردة بالتحريات غير المتناسبة مع مصادر دخله.

كما أسفرت التحريات عن قيامه باستغلال نفوذه الوظيفى بمكتب وزير التموين السابق فى تحقيق العديد من المنافع المادية التى تمثل كسباً غير مشروع استناداً إلى ما تسبغه عليه وظيفته من اختصاصات طوّعت له ارتكاب تلك الوقائع بخلاف واقعة تقاضيه مبلغاً مالياً على سبيل الرشوة، والإخلال بمقتضيات وظيفته، والتى تم ضبطه فيها، الأمر الذى مكّنه من تحقيق ثروة غير مشروعة تقدر بنحو 20 مليون جنيه، قام باستخدامها فى شراء عدة ممتلكات له ولذويه لا تتناسب مع دخله الثابت من عمله، وعدم وجود مصادر دخل أخرى له تبرر تلك العناصر.. وفى النهاية لم يجد المتهم الآن أى مكان يستوعب أطماعه سوى قفص الاتهام بمحكمة الجنايات..!

يومان فقط مرا على واقعة مدير مكتب وزير التموين السابق لنفاجأ بأن محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمجمع المحاكم بطره، أصدرت حكماً بمعاقبة جمال الدين اللبان، المدير السابق للإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، بالسجن المشدد لمدة 15 سنة، وألزمته برد مبلغ قدره 173 مليوناً و720 ألفاً و30 جنيهاً، فى قضية الكسب غير المشروع، المعروفة إعلامياً بـ«مغارة على بابا» أو «الرشوة الكبرى».

وفى ذات الأسبوع وتحديداً يوم الأحد الماضى أفلتت سعاد الخولى نائب محافظ الإسكندرية سابقاً -التى ضحت بسمعتها ونفسها مقابل مبلغ «تافه» لا يتعدى 500 ألف جنيه حاولت غسلها وشريكتها الموظفة بشركة الطيران- من سماع حكم محكمة جنايات القاهرة فى القضية بعد أن أجّلت المحكمة نظر القضية إلى جلسة ٢٤ سبتمبر المقبل للاطلاع.

كانت نيابة الشئون المالية والتجارية، أحالت المتهمتين للمحاكمة لارتكابهما جريمة غسل أموال بعد أن أثبتت التحقيقات أن نائب محافظ الإسكندرية سابقاً قامت بالتحصل على المبلغ من صاحب شركة مقاولات على سبيل الرشوة مقابل إنهاء مصالحه بالمحافظة والجهات التابعة لها وعرقلة وإيقاف تنفيذ قرار الإزالة الصادر من حى شرق الإسكندرية لأجزاء من عقار، وقامت بالاحتفاظ بالمبلغ ثم سلمته للمتهمة الثانية، وهى تعلم أن تلك الأموال من مصادر غير مشروعة بقصد إخفاء وتمويه مصدر تلك الأموال، ثم حررت المتهمة توكيلاً للخولى للتصرف فى الأموال.

الغريب أن سعاد الخولى هى صاحبة الفيديو الشهير «ماتقولش إيه إدتنا مصر.. قول هندى إيه لمصر» الذى نشرته على المواقع الإلكترونية وهى تتحدث بكل حماس فى أحد لقاءاتها مع مسئولى المحافظة، وهى فى هذا الوقت كانت صادقة تماماً إذ إنها لم تقل «إدتنا إيه مصر» بل إن هذا السؤال قد وجهته إلى أحد المقاولين فقط..!

ولأن مشاهد «سيناريو الفساد» لا تزال تتوالى فقد تمكنت أجهزة الرقابة الإدارية -بعد 24 ساعة فقط من قضية نائب محافظ الإسكندرية- من ضبط 3 قيادات فى شركة مياه الشرب والصرف الصحى بمحافظة القليوبية، لاتهامهم باختلاس مبالغ مالية من أموال الشركة.

وأوضحت الرقابة، فى بيان لها، أنها ألقت القبض على كل من «مدير الشئون التجارية، وأمين الخزينة، ومُحصل مالى» بشركة مياه الشرب والصرف الصحى لمحافظة القليوبية، فرع شبرا الخيمة، وذلك لاختلاسهم مبلغ 10 ملايين جنيه من أموال الشركة، من خلال التزوير فى المستندات ودفاتر إيصالات تحصيل رسوم توصيل المرافق للمبانى.

ألم أقل من البداية إن «موسم صيد عصافير الفساد» قد بدأ وأن أحداً منهم لن يفلت بجريمته من المحاسبة والعقوبة أبداً مهما كان موقعه؟!.. ولكِ يا أحلى اسم فى الوجود ولأبنائك من الشرفاء فقط السلامة دائماً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسم «صيد العصافير» موسم «صيد العصافير»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 15:00 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 02:46 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نجم تشيلسي يرفض دعوة ساوثجيت لوديتي ألمانيا والبرازيل

GMT 03:35 2017 الجمعة ,09 حزيران / يونيو

سهر الصايغ تعرب عن سعادتها بنجاح مسلسل "الزيبق"

GMT 13:23 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

التنورة المحايدة تعطيك المجال الأوسع لإطلالة مختلفة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

سيرين عبد النور تأسر القلوب بجمبسوت أنيق

GMT 00:46 2021 الثلاثاء ,03 آب / أغسطس

الحكومة تنتهي من مناقشة قانون رعاية المسنين

GMT 11:57 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

مالك إنتر ميامي متفائل بتعاقد فريقه مع ميسي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon