توقيت القاهرة المحلي 03:17:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الهجرات في أوروبا... حول سياسات الاندماج

  مصر اليوم -

الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج

بقلم : فهد سليمان الشقيران

يمثّل تحدي الهجرات نحو فرنسا تحدياً كبيراً، بل موضوع صراع بين الأحزاب اليسارية واليمينية وتيارات الوسط، إنها هجرة تصنع تعقيداتها، وتفجّر مشكلاتها، حيث وجد بعض العرب والمسلمين في أوروبا منطقة لجوء من الحروب الأهلية، والانقلابات العسكرية، وتحولات السياسة والجغرافيا.

يمتد تاريخ الهجرات لمرحلة ما قبل التصنيع، ولم يقتصر الأمر على أوروبا بل شمل أميركا اللاتينية والبلدان الأنجلوساكسونية، وصولاً إلى الهجرات في القرنين التاسع عشر والعشرين، والتي شكّلت أجيالاً متعاقبةً، اندمجت في المجتمعات وانخرطت في النظام المؤسسي المجتمعي بشكلٍ عام، ولهذا تاريخ يمكن مطالعته بشكلٍ موسع في كتاب: «تاريخ الهجرات الدولية» لأستاذة التاريخ المعاصر في جامعة تورينو في إيطاليا، باولا كورتي، التي لها كتب سابقة عن «بلدان المهاجرين»، و«المجتمع الريفي»، وفيها بدأت بتاريخ الهجرات إلى أوروبا عبر كثير من المجتمعات، سابرةً تحولاتها عبر القرون وحتى العصر الحديث.

أما في ما يخصّ العرب والمسلمين، فإن توالي الهجرات المليونية بسبب المشكلات والأزمات فجّر الكثير من الأسئلة التي تتعلق بسياسات الاجتماع، وعلاقات الأفراد، ومستوى الاندماج. وقد شكّلت نكبة فلسطين، ومن ثم الحرب الأهلية اللبنانية 1975، وصولاً إلى الحرب السورية، عدداً من الأجيال المهاجرة التي تتعدد بأنماط ثقافتها وأشكال انتمائها، ثم إن الأزمات تتفاوت -على سبيل المثال- بين الحالة في فرنسا عنها في ألمانيا أو هولندا، بحسب مستوى تنامي المشاعر المحافظة في كل مجتمع.

الدكتورة آمال موسى تأملت مليّاً في مفهوم «الإدماج» حيث كتبت بمقالةً تحت عنوان: «الإدماج: المعنى السحري» قولها: «كلمة (الإدماج) من الكلمات الأكثر تداولاً اليوم في الخطابات السياسية وفي وسائل الإعلام وفي الخطط التنموية الوطنية أو الإقليمية والدوليّة. والملاحَظ أنها من الكلمات والمفاهيم القليلة التي تجمع في الوقت نفسه بين وظيفتي الهدف والآلية، أي إن الهدف من الإدماج هو الاندماج. أيضاً نشير إلى أن مفهوم الإدماج الذي تسلل بقوة إلى الخطاب والقاموس المتداول في شتى أشكال الاتصال ومضامينه، إنّما هو مفهوم ينتمي إلى حقل فكري بامتياز وتحديداً إلى الحقل السوسيولوجي وصاحبه عالم الاجتماع الشهير الفرنسي إميل دوركايم الذي عُرف بدوره الكبير في إثراء معجم علم الاجتماع بمفاهيم غنية وبأطروحاته التي لا تزال ذات أهمية على غرار كتابه حول العناصر الأساسيّة للحياة الدينية أو دراسته الشهيرة حول ظاهرة الانتحار، ما يعنينا في هذا السياق هو أن مفهوم الإدماج لم يعد استعماله مقتصراً على البحوث العلمية الفكرية، بل إنّه صار من المفاهيم الرائجة والمفهومة على نطاق واسع ومشاريع كثيرة تحمل هذا المفهوم اسماً لها».

هذا ما يناقشه بعض الخبراء في كتاب صدر عن مركز المسبار بعنوان: «الإسلام في فرنسا: الإخوان - الإرهاب - المعالجة»، ويهمنا موضوع «الإخوان» لأنهم يضعون العصيّ بالدواليب كلما طرحت فكرة الإدماج، هذا ما دفع ماهر فرغلي لأن يصل لنتيجةٍ مهمة مفادها: «أن معضلة فرنسا الآن مع جماعة الإخوان المسلمين تتمثل بعملية التثبيت والتموضع التي تمت لمنظمات وجمعيات إسلامية في دول القارة؛ ومع التغيرات والتحولات الجارية الآن، بدأت تعيد تشكيل ذاتها، وفي الوقت الذي تستقبل القارة العائدين من أماكن التوترات، وتستمر عمليات الذئاب المنفردة، هناك محاولات منظمة ومنسقة من الإسلام السياسي، وتحديداً (الإخوان) والمنظمات المتفرعة منه تحت مختلف الأسماء والواجهات، للاستمرار في هذا التموضع. حيث سمت مجموعة من العوامل تساعد هذه المنظمات على تعزيز قوتها، أهمها تلك الخبرة الفائقة التي كسبتها تيارات الإسلام السياسي في استغلال ما في الغرب من قيم الحضارة الحديثة مثل، الديمقراطية، وحرية التعبير، وحقوق الإنسان، وحرية العبادة، وتغيير الدين والمعتقد، والاعتراف بتعددية الثقافات، وغيرها من التسهيلات، وكذلك بيروقراطية إجراءات الغربيين الإدارية والقضائية، مما سمح بتمرير الإخوان بأشكال جديدة». ويخلص في دراسته إلى «أننا الآن في المرحلة الأخطر وهي تحول الإخوان إلى تيار عام، وانفصال جميع المؤسسات الإخوانية العاملة عن العمود التنظيمي للجماعة، لتعمل من خلال (5) محاور، الأول: وهو المدخل الآيديولوجي، والثاني: عن طريق المستقلين، والثالث: عن طريق الدوائر الاقتصادية، والرابع: عن طريق شبكة الجمعيات والمساجد، والأخير: عن طريق قطاع متخصص في التواصل مع التنظيم العالمي».

على الضفّة الأخرى يتناول أبو الفضل الإسناوي قصّة اليمين المتطرف تجاه الإسلام حيث يكتب: «إن ترويج أحزاب اليمين المتطرف لأفكارها المناهضة للإسلام، لجذب أنصار في الداخل الفرنسي، ومطالبتها بحظر المنظمات الإسلامية، سيكون له تأثيرات محتملة على وجود جماعة الإخوان، كما أن ثمة تحديات وجودية، وعقبات تواجهها جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا بعد صعود اليمين المتطرف في بعض الدول الأوروبية، قد تؤدي إلى انحسارها، وتجفيف منابع تمويل مؤسساتها في تلك الدولة، خصوصاً أن تيار اليمين المتطرف، المعادي لها، أصبح فاعلاً سياسياً واجتماعياً ومؤثراً في الداخل الأوروبي».

الخلاصة؛ أن مشكلات الهوية في الهجرات الأخيرة بدت واضحةً، وذلك بسبب ارتباط كثير من المهاجرين بأدبيات وآيديولوجيات، فمعظم اللاجئين لديهم توجهاتهم السياسية، وانتماءاتهم ليست دينية صرفة وإنما تتخذ طابع الآيديولوجية الدينية، بعضهم قام بتحطيم محلاتٍ تبيع المحرمات، وقاموا بخرق القوانين من أجل فكرة فقهية، وهذه مخالفة لقوانين البلد موضع اللجوء وتشويه لصورة المسلمين في البلد الذي اختاره المهاجر ملاذاً من الاضطهاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج الهجرات في أوروبا حول سياسات الاندماج



GMT 03:17 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

حضن كلوب.. حضن صلاح!!

GMT 03:16 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

ضحايا غزة الأحياء!

GMT 03:14 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

مستفيدون من رحيل الرئيس الإيراني

GMT 03:09 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

إيران... الرئاسة مرآة القيادة

GMT 03:07 2024 الأربعاء ,22 أيار / مايو

على أي رف...؟

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - ظافر العابدين يعود الى دراما رمضان بعد طول غياب

GMT 15:28 2019 الجمعة ,15 شباط / فبراير

حرس الحدود يخشى انتفاضة بتروجت على ستاد المكس

GMT 03:36 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

صيَّاد في كوبا يعثر على سلحفاة غريبة برأسين وجسمين متصلين

GMT 23:01 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 02:43 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

شريهان تخطف الأنظار في حفل زفاف شيماء سيف

GMT 01:33 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

هايدي موسى تطرح " دي حياتي" عبر "اليوتيوب"

GMT 02:28 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

مصر تشارك في مهرجان بغداد الدولي لمسرح الشارع

GMT 00:23 2018 الإثنين ,19 شباط / فبراير

قصر ثقافة الأقصر يعرض فيلم رسوم متحركة للأطفال

GMT 20:32 2018 الجمعة ,16 شباط / فبراير

غابرييل غيسوس يعود إلى الملاعب بعد أسبوعين

GMT 00:30 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

الخطيب يجتمع مع سيد عبد الحفيظ لمناقشة العروض

GMT 00:55 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

الإنتاج الحربي يفوز على الطلائع بهدف نظيف

GMT 02:52 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

إنهيار عقار في منطقة "بحري" في الإسكندرية

GMT 09:05 2016 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

طريقة عمل تشيز كيك بالتوت البري

GMT 07:13 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الحسناوات يُعجبن بالشاب الإماراتي عمر بركان الغلا

GMT 10:10 2014 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

"نون" تُصدِر رواية "العائد" للكاتب حسن الجندي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon