توقيت القاهرة المحلي 18:05:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مستقبل الإرهاب في مصر بعد عملية سيناء

  مصر اليوم -

مستقبل الإرهاب في مصر بعد عملية سيناء

بقلم : مصطفى حمزة

 عكست العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» جدية الدولة المصرية في القضاء على تنظيم «داعش» في شمال شبه جزيرة سيناء ووسطها، وعدد من المناطق في محافظات الدلتا، والظهير الصحراوي، غربي وادي النيل. وبما أن المقدمات تنبئ بالنتائج، فإن الاستعدادات التي لم تشهد سيناء مثلها منذ حرب العام 1973، تبشر بعملية موسعة لتؤكد شموليتها عسكرياً على الأقل.

لكن مع هذا التوجه الذي يفرضه واجب الوقت في المواجهة العسكرية، تفرض مجموعة من الأسئلة نفسها، منها: هل يمكن القضاء على تنظيم «داعش» في سيناء؟ وهل القضاء على الإرهابيين في هذه المحافظة وغيرها يعني بالضرورة القضاء على الإرهاب في مصر؟ دعونا نفرق بين الحرب على الإرهاب والحرب على الإرهابيين، فالأولى تواجه أفكاراً، والأخرى تواجه أشخاصاً، ومعلوم أن الفكرة لا تموت بموت أصحابها، ولو كانت الأفكار تموت بموت من أنشأها، لماتت الماركسية بموت كارل ماركس، ولدفنت جماعة الإخوان مع حسن البنا، الأمر الذي يستدعي ضرورة إعادة النظر في الاستراتيجية المصرية لمكافحة الإرهاب، والتي سيتحدد بناءً عليها مستقبل هذه الظاهرة التي تتميز بتعقيدها وتشابكها وتداخلها بسبب تعدد أسبابها والعوامل المؤدية إليها.

وبالنظر إلى تاريخ مصر في مكافحة الإرهاب سنجد أنها الدولة الأكثر خبرة في هذا المجال عربياً، ومع هذا لم تستطع القضاء عليه في شكل كامل حتى الآن، فكلما تمت تصفية تنظيم أو قتل قادته واعتقالهم، ولدت من رحم أفكاره تنظيمات أخرى تكون أكثر تشدداً. فجماعة الإخوان التي نشأت في مصر عام 1928، مرت على سبيل المثال بفترات متكررة من التضييق الأمني والملاحقات والاعتقالات، ولكن لم يؤثر شيء من هذا على استمرارها حتى الآن رغم ما تمر به من انقسامات داخلية، وأزمات خارجية، بل خرج من عباءتها كثير من التنظيمات الإرهابية، على رأسها «القاعدة» و «داعش».

وتصفية تنظيم الجهاد المصري من خلال قضيتي 1977 و1979، بالإضافة إلى قرارات التحفظ التي أصدرها السادات في أيلول (سبتمبر) 1981، لم تمنع تمدد فكرة التنظيم وتطورها في أطوار وأشكال وربما أسماء أخرى، تسمى نفسها جماعة التوحيد والجهاد حيناً، وأنصار بيت المقدس أحياناً، وولاية سيناء أحياناً أخرى.

وما يحدث في سيناء الآن ربما يؤدي إلى النتيجة ذاتها التي تتمثل في القضاء على التنظيم مع استمرار الفكرة باقية وتتمدد، ما لم نتخل عن المواجهة الأحادية المتمثلة في النسق الأمني فقط، من دون الاهتمام بباقي أنساق ظاهرة الإرهاب السياسية والقانونية والسوسيولوجية (الاجتماعية) والسيكولوجية (النفسية)، والاقتصادية التنموية، والأيديولوجية الدينية، والثقافية الفكرية، والتقنية التكنولوجية والتعليمية التربوية، وهو ما يتلخص في عبارة «استراتيجية المواجهة الشاملة»، لأن أي مواجهة تهمل هذه الشمولية محكوم عليها بالفشل والإخفاق، خاصة مع التطور التكنولوجي للإرهاب المعاصر العابر للحدود.

ولكي تكتمل النجاحات المنشودة في أرض الفيروز (سيناء) لا بد من مراعاة البعد التنموي الشامل، الذي أهملته الحكومات السابقة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، إذ ركزت مجهوداتها ومشروعاتها السياحية على جنوب سيناء دون الشمال، وهمّشت البدو، وشجعت هجرة اليد العاملة إلى سيناء من وادي النيل وصعيد مصر.

والعلاقة بين الإرهاب والتنمية علاقة عكسية وثيقة الصلة، فكلما ارتفع مؤشر الإرهاب تراجعت التنمية، وكلما زادت معدلات التنمية تراجع الإرهاب، فهو يعيقها وهي تقضي عليه، لذلك تحتاج سيناء استراتيجية تنموية شاملة لمرحلة ما بعد داعش، تستهدف توطين ما لا يقل عن خمسة ملايين مواطن في شمال سيناء ووسطها بعد القضاء تماماً على التنظيم، وفقاً لخطة زمنية محددة متعددة المراحل.

ولا بد أن يكون حجر الزاوية في هذه الاستراتيجية هو المكون الثقافي والمعرفي والديني، الذي يتطلب تضافر مؤسسات الدولة غير العسكرية مثل (الأزهر والكنيسة ووزارة الثقافة ووزارة الشباب والرياضة والإعلام، والأدب والفن كقوة ناعمة) من أجل نشر ثقافة مؤداها «الحياة في سبيل الله خير وأصعب من الموت في سبيله»، لتفكيك الفكرة الرئيسة للإرهاب وضربه في مقتل.

كما ينبغي التفكير خارج الصندوق، والتخلي عن التقليدية في المواجهة، فنبتكر استراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب بالحب والشعر والأدب والثقافة والرياضة بل الموسيقى أيضاً.

نقلًا الحياه اللندنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستقبل الإرهاب في مصر بعد عملية سيناء مستقبل الإرهاب في مصر بعد عملية سيناء



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 17:12 2022 الثلاثاء ,11 كانون الثاني / يناير

بدلات كلاسيكية مميّزة للرجل لمختلف المناسبات

GMT 14:37 2023 السبت ,03 حزيران / يونيو

مرج الفريقين يتفقان!

GMT 03:18 2017 الخميس ,15 حزيران / يونيو

هند براشد تكشف عن مجموعة تصميماتها لصيف 2017

GMT 14:28 2022 الخميس ,25 آب / أغسطس

صورة البروفايل ودلالاتها

GMT 06:57 2019 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة رانيا يوسف تنعي الفنان هيثم أحمد زكي

GMT 07:13 2018 الأحد ,01 إبريل / نيسان

سيلينا غوميز تخطف الأنظار بإطلالتها المميزة

GMT 11:54 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد في مواجهة قوية أمام الأسيوطي في كأس مصر

GMT 12:13 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ميدو يؤكّد أنّ مدبولي وقّع لدجلة قبل الانتقال إلى الزمالك

GMT 03:31 2021 الأحد ,21 شباط / فبراير

توقعات ماغي فرح لبرج الأفعى الصيني للعام 2021
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon