توقيت القاهرة المحلي 13:17:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخطوات العملية في طريق تنفيذ اتفاق بكين

  مصر اليوم -

الخطوات العملية في طريق تنفيذ اتفاق بكين

بقلم - د. محمد علي السقاف

وأخيراً التقى وزيرا خارجية البلدين الأمير فيصل بن فرحان وزير خارجية السعودية، ونظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في بكين، يوم الخميس الماضي. وتعمدت استخدام كلمة «وأخيراً» على أساس أني في مقال سابق ذكرت فيه أن اتفاق 10 مارس (آذار) بين البلدين لم يتم توقيعه من قبل وزيري الخارجية، وإنما وقع عن البلدين من الجانب السعودي رئيس الوفد المفاوض الدكتور مساعد العيبان، وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطني، في حين كان الوفد الإيراني برئاسة الأدميرال علي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي. واختلف الوضع هذه المرة؛ إذ يتوسط وزير خارجية الصين نظيريه السعودي والإيراني ويمسك بيديهما ويجمعهما في أول اجتماع رسمي بين وزيري خارجية البلدين منذ أكثر من سبع سنوات.
ولم يكن مفاجئاً اختيار بكين مكاناً لعقد اللقاء بين وزيري خارجية البلدين بدلاً من مكان آخر مثل سلطنة عمان أو العراق أو حتى جنيف، وذلك للتأكيد على دور بكين في الوصول للاتفاق وتسهيل التواصل بين البلدين. وشدد البيان الذي صدر على أثر اللقاء على المبادئ ذاتها للقاء الأول بتأكيدهما على «احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية»، كما أكد تفعيل الاتفاقات المشتركة جميعها بين السعودية وإيران، ومنها اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة في 17 أبريل (نيسان) 2001، واتفاقية التعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب. وبحسب نص البيان المشترك، جدد الجانبان الاتفاق على إعادة فتح بعثاتهما الدبلوماسية خلال المدة المتفق عليها (مدة شهرين)، والمضي قدماً في اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح سفارتي البلدين في الرياض وطهران، وقنصليتيهما العامتين في جدة ومشهد.
وإنفاذاً للاتفاق الثلاثي المشترك خلال جلسة المباحثات في بكين الخميس الماضي، وصل فريق فني سعودي معني بمناقشة آليات إعادة افتتاح ممثليات المملكة العربية السعودية لدى إيران إلى العاصمة طهران، التقى فيها رئيس المراسم في وزارة الخارجية بالعاصمة طهران، الذي أعرب عن استعداد بلاده وجاهزيتهم لتقديم جميع التسهيلات والدعم لتسهيل مهمة الفريق السعودي.
البعد الأمني، إن لم نقل الهاجس الأمني، توليه السعودية اهتماماً خاصاً وأولوية استثنائية في علاقتها مع إيران، بسبب ما شاب علاقاتهما في الماضي من أعمال تهدد الأمن والاستقرار للمملكة والمنطقة بشكل مباشر، وذلك انطلاقاً من توجهها لإعطاء الأولوية للاقتصاد والتنمية التي لا يمكن تحقيقها من دون استقرار وأمن المنطقة بشكل مستدام. ويقابل ذلك الأمر ذاته أن إيران نفسها فيما تواجهه من اضطرابات داخلية وضغوطات دولية بسبب برنامجها النووي والمقاطعة المفروضة عليها من قبل الغرب، رأت أن المدخل للخروج من هذه التحديات يكمن في تطبيع علاقاتها مع السعودية، ومن خلالها مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي، وفي علاقتها مع بقية القوى في العالم العربي الذي رغم بعض الاختلافات بين بعض دوله، فإنها حين يتعلق الأمر بالأمن القومي العربي تتوافق في صف واحد في شكل من أشكال التضامن العربي المشترك. ومن هنا بدأت أغلب الدول العربية على ضوء اتفاق بكين استغلاله من أجل تطبيع العلاقات العربية - العربية. فقد كشفت وزارة الخارجية السعودية، عن بدء مباحثات قائمة مع نظيرتها السورية، لتسهيل الخدمات القنصلية الضرورية للشعبين.والمحور ذو القيمة الاستراتيجية بالنسبة للسعودية بحكم الجوار الجغرافي المباشر، مواصلة اهتمامها بحل الأزمة اليمنية وما تمثله من تحديات أمنية واستراتيجية للمملكة نفسها ولاستقرار الإقليم. وهنا يجب التمييز بين أمرين: الأول التواصل مع الحركة الحوثية من أجل إيجاد حلول ملائمة للمشكلة اليمنية، وحل هذه الأزمة التي دخلت عامها التاسع وسط تداولات ومشاورات لإقرار فترة انتقالية تغلق وتسدل الستار على الفصول المختلفة للأزمة. وكشف مصدر يمني مطلع لهذه الصحيفة عن مسودة سلام شاملة للأزمة يتم وضع اللمسات الأخيرة لها حسب قوله برعاية أممية، وتنقسم إلى عدة مراحل، وفي مقدمتها وقف شامل لإطلاق النار في البلاد، وفتح جميع المنافذ البرية والجوية والبحرية، ودمج البنك المركزي، واستكمال تبادل الأسرى والمعتقلين الذي تم اختصاره بعبارة رمزية مختصرة: «الكل مقابل الكل».
وفي بيان نُشر يوم الخميس الماضي لدى لقاء الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي برئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، تأكيد على استمرار دعم السعودية للمجلس في المجالات كافة، وبما يخدم الشعب اليمني ويحقق تطلعاته، ودعم الجهود كافة للتوصل إلى حل سياسي شامل يُنهي الأزمة اليمنية وينقل اليمن وشعبه للسلام والتنمية.
وتمثل تلك المفردات التي وردت في بيان الأمير خالد بن سلمان أهمية بالغة بقوله إن المملكة تدعم الجهود كافة للتوصل إلى حل سياسي شامل؛ بمعنى ألا تعود الأزمة اليمنية كسابقاتها وتجاربها الماضية بالتوصل إلى اتفاقات لا تدوم بنودها إلا لفترة محدودة حتى تتجدد الصدامات بين أطرافها، وفي هذا أهمية لتلك العبارات والتأكيد على حل سياسي شامل ينهي الأزمة.
فهل اتفاق بكين سيمثل العصا السحرية بأن يجعل هذا الحلم واقعاً مستداماً؟ نعم إذا كان الطرف الآخر تبنى نفس التصميم على الحل الشامل مثلما تسعى إليه المملكة. وهنا سيكون لموقف الصين كطرف ثالث في الاتفاق تحقيق ذلك.
اتفاق بكين لا يعني بالضرورة تخلي الطرفين الرئيسين السعودية وإيران عن طموحاتهما المشروعة كقوى إقليمية صاعدة في تعظيم مصالحهما في المنطقة.
ونشير هنا إلى مدى اهتمام إيران منذ عهد الشاه إلى الآن بالوجود وبسط النفوذ في المحيط الهندي وآسيا والمحيط الهادئ.
ففي عام 1974 طرح شاه إيران أثناء زيارته لأستراليا فكرة تشكيل سوق مشتركة للدول المشاطئة للمحيط الهندي، إضافة لأفريقيا الشرقية. والهدف من ذلك كان في الأساس يسعى إلى تشكيل أمن دفاعي مشترك خارج نطاق النفوذ الأميركي والسوفياتي حينها. وتعرقل المشروع برفض الهند الاقتراح وبسبب الصراع الهندي - الباكستاني. المهم في إطار التنافس ودبلوماسية المصالح بإمكان السعودية أيضاً استغلال موقع جنوب اليمن الاستراتيجي المطل على باب المندب وبحر العرب والمحيط الهندي كورقة في علاقاتها مع إيران، وعلى المستوى الآخر فيما يتعلق بالعلاقة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وبالفعل عملت السعودية عبر ديناميكية ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان على توثيق روابط علاقاتها مع الدول الآسيوية بـ«قمة العشرين» في إندونيسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ثم مشاركته في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) بتايلند، وشارك في الحوار غير الرسمي للقادة الأعضاء بالمنتدى، ونوّه بهذا الخصوص وزير الخارجية السعودي إلى أن زيارة ولي العهد لعدد من الدول الآسيوية تعبر هذه الجولة عن «رؤية 2030». وأكد وزير الخارجية أن زيارة ولي العهد إلى إندونيسيا وكوريا ومملكة تايلند وما نتج عنها من مباحثات مثمرة، تعبر عن حرص المملكة على توطيد أوجه التعاون الثنائي مع الدول الشقيقة والصديقة.السعودية وإيران مع الصين دخلوا جميعاً في مرحلة لا عودة عنها في إرساء التعددية القطبية، ونجاح التحديات في علاقاتهما الثنائية سيساهم في إحداث التغيير الدولي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخطوات العملية في طريق تنفيذ اتفاق بكين الخطوات العملية في طريق تنفيذ اتفاق بكين



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt