توقيت القاهرة المحلي 01:29:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم... ماذا تعني؟

  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم ماذا تعني

بقلم - د. محمد علي السقاف

عدّ البعض أن مصطلح «القمة» يعود الفضل لابتكاره واستخدامه للمرة الأولى إلى الزعيم البريطاني ونستون تشرشل، الذي أراد من خلاله الدعوة إلى عقد لقاءات بين رؤساء دول وحكومات الشرق والغرب في حقبة الحرب الباردة. وأطلق فكرته هذه عام 1953 بالدعوة لتنظيم لقاء قمة مباشرة بين رئيس الاتحاد السوفياتي، والرئيس الأميركي، لبحث شؤون الأمن الأوروبي، والحد من مخاطر إمكانية استخدام الأسلحة النووية، ووضع حد للنزاع المستمر بين القوتين العظميين في آسيا في كل من «كوريا والهند الصينية».
في بداية الأمر، لم تلقَ اقتراحات تشرشل صدى لدى الإدارة الأميركية التي لم توافق عليها إلا بعد مرور عامين من إطلاقها، حيث عقدت أول قمة في جنيف بين الشرق والغرب، التي طرحت فيها عدة مبادرات، منها خطة الرئيس الأميركي أيزنهاور «السماء المفتوحة»، وخطة رئيس وزراء فرنسا السابق إدغار فور، المتمثلة في إنشاء آلية لإعادة تدوير الأموال التي يتم توفيرها من سياسة نزع السلاح لصالح الدول النامية.
وتختلف دبلوماسية القمم عن التعددية في العلاقات الدولية من ناحية أن دبلوماسية القمم تنحصر في علاقة «أوليغارشية» بمعنى أنها محصورة بين عدد محدود من الدول. وعلى سبيل المثال، مجموعة العشرين حين تجتمع في قمة يعني ذلك أن نحو 172 دولة لم تشملها هذه القمة. والأمر كذلك اعتبار البعض أن قمم حلف الأطلسي (الناتو) الذراع العسكرية للمجتمع الغربي تستبعد فعلياً التعاطي مع بقية الدول 172.
لقاءات القمم الدبلوماسية تجمع في نطاقها عدداً قليلاً من الدول، التي تجمعها مصالح مشتركة، وإن اختلفت القيم التي تؤمن بها أطرافها المشاركة في تلك القمم. والميزة في هذا أنها تتيح ما لا تتيحه التعددية من بروز قيادات إقليمية أو دولية، كنوع من تجمع نخبوي للدول، كما كان سائداً في حقبة نظام ويستفاليا 1648، وفيينا 1815.
بمعنى آخر، دبلوماسية القمم هي امتداد للدبلوماسية التقليدية؛ حيث هي في الأساس تجمع الدول، وليس بالضرورة في شكل حصري، كما كانت تجتمع في الماضي، لأن الدول بمقدورها التحكم في الأحداث، ومتابعة التداعيات الدولية لبعض تطورات الأحداث. والقمم تتيح بالضرورة التواصل المباشر بين قادة الدول والتنسيق فيما بينهم لاحتواء المشكلات التي يواجهونها. ويعتقد أن لقاءات القمة بين القوى الصاعدة والمؤثرة يسهّل التوصل إلى حلول للتحديات والأزمات التي تواجه أطرافها المشاركة، مع وجود قناعة أن الرؤية المشتركة التي تجمعهم في بعض القضايا تحول دون صدام أو تعارض المصالح بينهم، ولو مؤقتاً.
وفي هذه الجزئية الأخيرة، تجدر الإشارة إلى اللقاء الذي تم في جزيرة بالي، بإندونيسيا، في اجتماع مجموعة العشرين، بين الزعيم الصيني شي جينبينغ، والرئيس الأميركي جو بايدن، الذي استغرق 3 ساعات، حيث يظهر بوضوح التحدي الكبير الذي تمثله الصين للولايات المتحدة كقوة اقتصادية منافسة، وأيضاً قوة سياسية منافسة، بالإضافة إلى نمو قواتها العسكرية بشكل يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين. وهنا تتبين ميزة وفائدة دبلوماسية القمم التي تتجاوز أهميتها من لقاءات وزراء خارجية الدول المعنية.
واللافت في الأمر أن غياب الرئيس بوتين عن قمة العشرين، 15 - 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتمثيله من خلال وزير خارجيته، قصرت لقاءاته على هذا المستوى بدلاً من الالتقاء بالقيادات المشاركة في الإجتماع. وفي منتدى قادة دول آسيا والمحيط الهادي (أبيك APEC) كان مثيراً إشارة البيان الختامي (19 نوفمبر) إلى إدانة القادة لحرب أوكرانيا، وتشديدهم على أنها تسببت في معاناة إنسانية هائلة، تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الحالية في الاقتصاد العالمي، مكررين بذلك موقفاً صدر في ختام مجموعة العشرين قبل ذلك بأيام قليلة. الفارق بين البيانين أن في بيان مجموعة العشرين أدان «غالبية الأعضاء»، وليس بشكل مطلق، الحرب في أوكرانيا، ما يمثل تطوراً نوعياً للمواقف السابقة للأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ امتنع حينها عن التصويت كل من الصين والهند لإدانة الحرب في أوكرانيا.
وسنلاحظ كيف أن قمم الرياض الثلاث الأخيرة السعودية - الصينية، والقمة الخليجية - الصينية، والقمة العربية الصينية، تمثل انعطافاً جديداً في العلاقات الصينية مع جميع الأطراف العربية، لأهمية ما تضمنته بياناتها الختامية من مجالات التعاون المختلفة. وبذلك تموضع الدول العربية في العلاقات الدولية ليس في المقاعد الخلفية، بل هي بدأت تشق لنفسها مقاعد أمامية متقدمة في المسرح الدولي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية القمم ماذا تعني دبلوماسية القمم ماذا تعني



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 01:01 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 00:00 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

إسرائيل تتوغل في رفح ومعارك تحتدم في شمال غزة
  مصر اليوم - إسرائيل تتوغل في رفح ومعارك تحتدم في شمال غزة

GMT 00:31 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة
  مصر اليوم - أحمد حاتم يكشف كواليس انفصاله لأول مرة

GMT 14:26 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 00:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

الكويت يتأهل إلى نهائي كأس ولي العهد بهدف قاتل على النصر

GMT 21:03 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

أياكس أمستردام يضم مدافع منتخب الأرجنتين

GMT 12:23 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

"جبل الصايرة البيضاء" موقع سياحي مهجور رغم إمكاناته الكبيرة

GMT 11:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

طوارئ في مطار القاهرة استعدادًا للتفتيش الأمنى الأميركي

GMT 19:40 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث أشجار الأمازون ونصف أنواعها مهددة بالإندثار

GMT 19:50 2015 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

يرقة الفراشة اليابانية تتحول إلى براز لتحمي نفسها من الطيور

GMT 04:24 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

دعاء اليوم الرابع عشر من رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon