توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم... ماذا تعني؟

  مصر اليوم -

دبلوماسية القمم ماذا تعني

بقلم - د. محمد علي السقاف

عدّ البعض أن مصطلح «القمة» يعود الفضل لابتكاره واستخدامه للمرة الأولى إلى الزعيم البريطاني ونستون تشرشل، الذي أراد من خلاله الدعوة إلى عقد لقاءات بين رؤساء دول وحكومات الشرق والغرب في حقبة الحرب الباردة. وأطلق فكرته هذه عام 1953 بالدعوة لتنظيم لقاء قمة مباشرة بين رئيس الاتحاد السوفياتي، والرئيس الأميركي، لبحث شؤون الأمن الأوروبي، والحد من مخاطر إمكانية استخدام الأسلحة النووية، ووضع حد للنزاع المستمر بين القوتين العظميين في آسيا في كل من «كوريا والهند الصينية».
في بداية الأمر، لم تلقَ اقتراحات تشرشل صدى لدى الإدارة الأميركية التي لم توافق عليها إلا بعد مرور عامين من إطلاقها، حيث عقدت أول قمة في جنيف بين الشرق والغرب، التي طرحت فيها عدة مبادرات، منها خطة الرئيس الأميركي أيزنهاور «السماء المفتوحة»، وخطة رئيس وزراء فرنسا السابق إدغار فور، المتمثلة في إنشاء آلية لإعادة تدوير الأموال التي يتم توفيرها من سياسة نزع السلاح لصالح الدول النامية.
وتختلف دبلوماسية القمم عن التعددية في العلاقات الدولية من ناحية أن دبلوماسية القمم تنحصر في علاقة «أوليغارشية» بمعنى أنها محصورة بين عدد محدود من الدول. وعلى سبيل المثال، مجموعة العشرين حين تجتمع في قمة يعني ذلك أن نحو 172 دولة لم تشملها هذه القمة. والأمر كذلك اعتبار البعض أن قمم حلف الأطلسي (الناتو) الذراع العسكرية للمجتمع الغربي تستبعد فعلياً التعاطي مع بقية الدول 172.
لقاءات القمم الدبلوماسية تجمع في نطاقها عدداً قليلاً من الدول، التي تجمعها مصالح مشتركة، وإن اختلفت القيم التي تؤمن بها أطرافها المشاركة في تلك القمم. والميزة في هذا أنها تتيح ما لا تتيحه التعددية من بروز قيادات إقليمية أو دولية، كنوع من تجمع نخبوي للدول، كما كان سائداً في حقبة نظام ويستفاليا 1648، وفيينا 1815.
بمعنى آخر، دبلوماسية القمم هي امتداد للدبلوماسية التقليدية؛ حيث هي في الأساس تجمع الدول، وليس بالضرورة في شكل حصري، كما كانت تجتمع في الماضي، لأن الدول بمقدورها التحكم في الأحداث، ومتابعة التداعيات الدولية لبعض تطورات الأحداث. والقمم تتيح بالضرورة التواصل المباشر بين قادة الدول والتنسيق فيما بينهم لاحتواء المشكلات التي يواجهونها. ويعتقد أن لقاءات القمة بين القوى الصاعدة والمؤثرة يسهّل التوصل إلى حلول للتحديات والأزمات التي تواجه أطرافها المشاركة، مع وجود قناعة أن الرؤية المشتركة التي تجمعهم في بعض القضايا تحول دون صدام أو تعارض المصالح بينهم، ولو مؤقتاً.
وفي هذه الجزئية الأخيرة، تجدر الإشارة إلى اللقاء الذي تم في جزيرة بالي، بإندونيسيا، في اجتماع مجموعة العشرين، بين الزعيم الصيني شي جينبينغ، والرئيس الأميركي جو بايدن، الذي استغرق 3 ساعات، حيث يظهر بوضوح التحدي الكبير الذي تمثله الصين للولايات المتحدة كقوة اقتصادية منافسة، وأيضاً قوة سياسية منافسة، بالإضافة إلى نمو قواتها العسكرية بشكل يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين. وهنا تتبين ميزة وفائدة دبلوماسية القمم التي تتجاوز أهميتها من لقاءات وزراء خارجية الدول المعنية.
واللافت في الأمر أن غياب الرئيس بوتين عن قمة العشرين، 15 - 16 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتمثيله من خلال وزير خارجيته، قصرت لقاءاته على هذا المستوى بدلاً من الالتقاء بالقيادات المشاركة في الإجتماع. وفي منتدى قادة دول آسيا والمحيط الهادي (أبيك APEC) كان مثيراً إشارة البيان الختامي (19 نوفمبر) إلى إدانة القادة لحرب أوكرانيا، وتشديدهم على أنها تسببت في معاناة إنسانية هائلة، تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الحالية في الاقتصاد العالمي، مكررين بذلك موقفاً صدر في ختام مجموعة العشرين قبل ذلك بأيام قليلة. الفارق بين البيانين أن في بيان مجموعة العشرين أدان «غالبية الأعضاء»، وليس بشكل مطلق، الحرب في أوكرانيا، ما يمثل تطوراً نوعياً للمواقف السابقة للأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ امتنع حينها عن التصويت كل من الصين والهند لإدانة الحرب في أوكرانيا.
وسنلاحظ كيف أن قمم الرياض الثلاث الأخيرة السعودية - الصينية، والقمة الخليجية - الصينية، والقمة العربية الصينية، تمثل انعطافاً جديداً في العلاقات الصينية مع جميع الأطراف العربية، لأهمية ما تضمنته بياناتها الختامية من مجالات التعاون المختلفة. وبذلك تموضع الدول العربية في العلاقات الدولية ليس في المقاعد الخلفية، بل هي بدأت تشق لنفسها مقاعد أمامية متقدمة في المسرح الدولي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دبلوماسية القمم ماذا تعني دبلوماسية القمم ماذا تعني



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt