توقيت القاهرة المحلي 17:14:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين

  مصر اليوم -

ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين

بقلم - محمد علي السقاف

كشف عام 2023 حجم المسافة الواسعة في اختلاف مواقف الغرب وخطابه المزدوج تجاه النزاع الروسي الأوكراني ومذابح إسرائيل في فلسطين.

في 24 فبراير (شباط) 2022 اجتاحت القوات الروسية أراضي أوكرانيا، وفي 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 قامت المقاومة الفلسطينية بعمليات عسكرية في أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة. الحالة الأولى كانت في قلب القارة الأوروبية، والحالة الثانية كانت في قلب العالم العربي. هل الاختلاف في المواقع الجغرافية يستدعي ازدواجية في مواقف الغرب؟ وهل في الحالتين طُبّقت القيم والمبادئ نفسها التي يتبناها الغرب أم خُصصت تلك المبادئ والمطالبة باحترامها في الحالة الأوكرانية وجرى تناسيها إن لم يكن دفنها في الحالة الفلسطينية؟ أليس هذا الاختلاف في حالتي الصراع يؤكد ما قاله أحد الكتّاب الغربيين، وهو محق في ذلك، أن دول العالم الثالث تنظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه مجرد نادٍ لِتَجَمُّعِ إمبراطورياتٍ استعماريةٍ؟

هل قيمة حياة الآخرين من مهاجرين أو ضحايا صراعات مسلحة لا تساوي قيمة حياة الفرد الأوروبي؟

أليس مثيراً ويدعو للدهشة أنَّ حكومة أوكرانيا ورئيسها لم يعبرا عن أدنى تضامن مع الشعب الفلسطيني بوصفه رد جميل لتضامن بعض العرب معهم عند اجتياح روسيا لهم، وتضامن البعض منهم بتقديم مساعدات مالية لهم، في حين أمام الدراما التي تحدث في غزة والضفة الغربية لم ترتفع أصوات تندد بالهمجية الإسرائيلية في قتل الأطفال والنساء بالآلاف على أساس أن من حق إسرائيل، كما تدعي أغلب دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، الدفاع عن نفسها! ولحسن الطالع أن مواقف الشعوب الغربية كانت أكثر تأثراً بمشاهد المجازر التي ترتكبها إسرائيل من حكوماتها، وقد أدت المظاهرات الكبرى التي عمت عواصم أغلب الدول الغربية إلى حدوث تراجع نسبي في التأييد المطلق لحكومات الغرب لإسرائيل، وإن كان ذلك قد اختلف بخصوص موقف إدارة بايدن بعيداً عن عدد من الدول الغربية بحكم شخصية الرئيس بايدن نفسه ووزير خارجيته؛ حيث لم يتوانَ الأول من القول إنه ليس من الضروري أن تكون يهودياً لتصبح صهيونياً، وظهر الثاني في رحلته الأولى بعد السابع من أكتوبر إلى إسرائيل، وقال علناً إنه قَدِم إليها ليس بصفته وزير خارجية للولايات المتحدة وإنما بصفة يهودياً؛ حيث أتى إليها متضامناً معها.

أليس مثيراً تجريم كثير من دول الاتحاد الأوروبي معاداة الصهيونية مثل تجريمها معاداة السامية؟ في حين لم تقم أي دولة غربية بتجريم الإسلاموفوبيا؟ هل يمكن تصور أن تصل الأمور في الغرب وفي الاتحاد الأوروبي وعلى وجه الخصوص ألمانيا إلى هذا الحد؟ حيث أصدرت ألمانيا مؤخراً قراراً يلغي دعمها المادي لبعض منظمات المجتمع المدني العربية لحقوق الإنسان التي كانت تساعدها منذ عقود. لقد ألغت ألمانيا مساعداتها لها لمجرد أنها أدانت في بيانات المذابح والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل ضد النساء والأطفال الفلسطينيين. والأدهى من ذلك الموقف الألماني ما نشرته «إل بي بي سي» حول قيام ولاية سكسونيا بإدراج شرط جديد للحصول على الجنسية الألمانية بأن على المتقدمين للجنسية إعلان دعمهم حق إسرائيل في الوجود، وينص المرسوم الذي صدر عن وزارة الداخلية على أن «حق الدولة الإسرائيلية في الوجود هو سبب وجود الدولة الألمانية»، وعليه يجب على المتقدمين للجنسية أن يعترفوا بذلك بشكل كتابي!

ترى الدولة الألمانية أنَّ لديها «مسؤولية خاصة» تجاه إسرائيل بسبب «الهولوكوست»؛ فالتزامها للدولة الإسرائيلية ليس مجرد هدف سياسي، بل هو جزء أساسي من وجود ألمانيا في الوقت الحالي. مثل هذا التعصب فندته الأكاديمية كاترينا غالور المختصة بالدراسات اليهودية في جامعة براون الأميركية والتي تحمل الجنسيتين الألمانية والإسرائيلية بقولها إن «هناك رابطاً تاريخياً واضحاً في ألمانيا بين (الهولوكوست) وضرورة إنشاء إسرائيل، إلا أن الرابط الآخر الذي تتجاهله الحكومة الألمانية هو العلاقة بين (الهولوكوست) والنكبة الفلسطينية، والتي أدت إلى إحدى أكبر أزمات اللاجئين في العالم»، وكما يقول المثل وشهد شاهد من أهلها؛ حيث أشار الكاتب هنا في هذه الصحيفة في مقال سابق إلى العلاقة الجدلية بين «الهولوكوست» وقيام دولة إسرائيل.

فمن ناحية القانون الدولي، روسيا اجتاحت أوكرانيا واحتلت أجزاء من أراضيها. وإسرائيل عملت الشيء نفسه واحتلت الأراضي الفلسطينية، وباعتراف صريح عبر قرارات دولية عدة رأت المنظمة الدولية أن ما قامت به إسرائيل هو احتلال لأراضٍ فلسطينية خلافاً للقانون الدولي. فلماذا كما أشار إليه أحد الكتَّاب البارزين لم تلق الحالتان الموقف نفسه من قبل الغرب؟ بأن تقف الولايات المتحدة وأوروبا بجانب الدول التي اعتُدي عليها بدلاً من الوقوف إلى جانب البلدان المعتدية. ففي الأيام الأولى من حرب أوكرانيا فتحت أوروبا حدودها لاستقبال ملايين اللاجئين الأوكرانيين، في حين لم يستقبلوا بنفس الحفاوة والكرم لاجئي العراق وأفغانستان. هل يعود سبب الاختلاف كما كتب أحد الصحافيين البريطانيين إلى أن الأوكرانيين يشبهوننا فهم يشاهدون مثلنا «نيتفليكس»، ولديهم حسابات في «إنستغرام»، ويقرأون صحفاً حرة مثلنا؟ واشنطن وبروكسل عند اجتياح الروس لأوكرانيا فرضتا عقوبات صارمة على موسكو (حظر نفطي، تقييد التجارة والمعاملات المصرفية...) لا شيء مثل هذه العقوبات وُجِّهَ ضد إسرائيل. والمنظمات المطالبة بمقاطعة إسرائيل حُوربت واتُّهمت بأنها تعادي السامية، وحُظر وجودها في الولايات المتحدة وكندا وألمانيا، وفي فرنسا جرت مقاضاتها أمام المحاكم! والغرب يزود أوكرانيا بالأسلحة في حين تزود إسرائيل التي تحتل الأراضي الفلسطينية بالأسلحة، وتحذر وتهدد بالانتقام ضد من يحاول مساندة الفلسطينيين عسكرياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين ازدواجية مواقف الغرب في أوكرانيا وفلسطين



GMT 02:56 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«حماس» 67

GMT 02:50 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

نهاية مقولة «امسك فلول»

GMT 02:30 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الإعلام البديل والحرب الثقافية

GMT 02:26 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

«الدارك ويب» ودارك غيب!

GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 13:43 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

يتيح أمامك هذا اليوم فرصاً مهنية جديدة

GMT 10:39 2022 الثلاثاء ,19 تموز / يوليو

الأهلي يسوّق بدر بانون في الخليج والرجاء يريده

GMT 11:36 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

النجم الألماني مسعود أوزيل يختار الأفضل بين ميسي ورونالدو

GMT 04:38 2020 الثلاثاء ,25 آب / أغسطس

دنيا سمير غانم تتألق رفقة زوجها

GMT 20:38 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

كوريا الجنوبية تسجل 63 إصابة جديدة بكورونا

GMT 13:16 2019 الخميس ,17 كانون الثاني / يناير

طريقة سهلة لتحضير الهريسة الحلوة

GMT 11:35 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتاج الجيل الثالث من المحفظة الذكية المضادة للسرقة

GMT 21:19 2017 الأحد ,04 حزيران / يونيو

زهير مراد يعلن عن فساتين زفاف لربيع وصيف 2017

GMT 15:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

خان الخليلي وجهة سياحية مصرية لا تُعوض

GMT 15:15 2021 الأربعاء ,21 تموز / يوليو

حمادة هلال يتصدر تريند يوتيوب بكليب «أم أحمد»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon