توقيت القاهرة المحلي 00:34:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف يستعيد ماكرون مكانة فرنسا عربياً؟

  مصر اليوم -

كيف يستعيد ماكرون مكانة فرنسا عربياً

بقلم - محمد علي السقاف

تحدثنا في مقالنا الأخير عن المواقف المتأرجحة لسياسة ماكرون في أزمة حرب غزة - إسرائيل وتساءلنا في نهاية المقال عن دوافع هذا التأرجح في السياسة الماكرونية إزاء تلك الأزمة وأشرنا إلى موقف رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا الداعم لاعتراف الاتحاد الأوروبي بقيام الدولة الفلسطينية والسعي لقبول كامل عضويتها ضمن أعضاء الأمم المتحدة.

في سياق تناولنا أسباب التذبذب في سياسة ماكرون، تساءلنا إذا ما كانت تعود لمراعاة حجم الجالية الفرنسية ذات الديانة اليهودية التي تحتل عددياً المرتبة الثانية بعد المجموعة العربية والإسلامية؟ ما الذي جعله أكثر تواطؤاً مع الجالية اليهودية الفرنسية على الرغم من أن الرئيس ماكرون في نهاية ولايته الرئاسية ولا يستطيع الترشح مجدداً.

والسؤال المطروح هنا هل هناك فعلاً سياسة عربية أم سياسة شرق أوسطية يشكل العالم العربي جزءاً منها؟ وهل لهذا السبب جاء عنوان المقال حتى يستعيد ماكرون مكانة فرنسا عربياً ولم يتم عنونة المقال حتى يستعيد زخم سياسة فرنسا العربية؟ ما زلت أتذكر فترة الدراسة في باريس لمادة العلاقات الدولية حين طرح البعض في عهد الجنرال ديغول توصيف سياسته بأنها سياسة موالية للعرب، وعقبت حينها على ذلك بأنها سياسة تحقيق مصالح فرنسا في العالم العربي وليست سياسة موالية للعالم العربي! التي تتفاوت درجاتها واهتماماتها من بلد عربي إلى آخر، ومن زعيم فرنسي إلى زعيم آخر.

وبخصوص حرب غزة وموقف فرنسا منها وتداعياتها في علاقتها بإسرائيل، تذكرت الاختلاف الجوهري بين موقف فرنسا في عهد الجنرال ديغول وبين موقفها حالياً في عهد الرئيس ماكرون. بالطبع المقارنة والمقاربة هنا بين الشخصيتين من زاوية منصبهما لرئاسة فرنسا وليس على مستوى مكانتهما في تاريخ فرنسا والعالم. في حرب يونيو (حزيران) 1967 أدان ديغول إسرائيل لمبادرتها بالهجوم. وقد كلفه هذا الموقف انتقادات حادة من قبل بقية السياسيين الفرنسيين، وشنت وسائل الإعلام والرأي العام انتقادات عديدة، من بينها اتهامات بمعاداة السامية، وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده أثارت بعض أجزاء من خطابه ردود فعل عنيفة عند حديثه عن نشوء إسرائيل وخشية البعض، حسب ما ذكره الجنرال، «من أن اليهود الذين كانوا حتى ذلك الحين مُشتّتين والذين بقوا، مثلما كانوا في كل الأزمنة، شعباً نخبوياً، واثقاً من نفسه ميالاً للسيطرة، وسيحاولون تحقيق أمانيهم... مع طموح جامح ونزعة للغزو حالما يتجمعون في مواقع مجدهم الغابر». وقد استنكر كثيرون من أبرز المفكرين والكتاب تلك العبارات، وتذكرت عند إعداد المقال أنني اشتريت حينها كتاب الكاتب الكبير ريمون أرون المعنون «ديغول - إسرائيل - واليهود» (طبعة 1968)، إذ عبّر في البداية عن أنه لم يكن يرغب في إصدار الكتاب لو قام بالرد على ما قاله الجنرال ديغول كل من أدباء فرنسا الكبار أمثال فرنسوا مورياك، وأندريه مالرو، ولأنهم لم يفعلوا قام هو بالرد على تلك الكلمات المسيئة لليهودية والسامية التي لا تليق برئيس دولة أن يقولها، ولم يسبق أن قال مثله أي زعيم غربي، خصوصاً اختصاره في تعريفه الشعب اليهودي بوصفه «شعباً نخبوياً، واثقاً من نفسه ميالاً للسيطرة». وتميز عهد الرئيس ماكرون عن حكم وشخصية الجنرال ديغول، فقد تبنى النواب الفرنسيون في الجمعية العامة (مجلس النواب) في الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2019 نصاً يوسع تعريف معاداة السامية ليشمل معاداة الصهيونية أيضاً وفق ما تعهد به سابقاً الرئيس ماكرون أمام المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا في فبراير (شباط) في العام نفسه. والآن مع أحداث غزة، أكد ماكرون مواقفه «المتأرجحة» بالامتناع عن المشاركة في مظاهرة كبرى في باريس المنددة بمظاهر معادة السامية التي انتشرت مؤخراً. وخلافاً لرفض ديغول التراجع عما صرح به حول اليهودية وإسرائيل، فإن ماكرون بعد إدانته ما قامت به إسرائيل في غزة في تصريحاته لـ«بي بي سي» البريطانية تراجع عن حدتها وسعى إلى تخفيف وقعها في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي، موضحاً أنه لم تكن لديه نية اتهام إسرائيل بتعمد إيذاء المدنيين عمداً في غزة.

والسؤال كيف يمكن للرئيس ماكرون استعادة مكانة فرنسا في العالم العربي؟ الإجابة عن هذا التساؤل طرحتها عدد من الشخصيات الفرنسية البارزة في مقال نشرته مؤخراً صحيفة «اللوموند» بأن «تطلب فرنسا دعم دخول مفتشين من محكمة الجنايات الدولية إلى غزة للتحقيق في الجرائم المرتكبة فيها»، التي يجب عدم السماح لمرتكبيها بالإفلات من العقوبة. فمثلما دعم الرئيس ماكرون طلب محاكمة الرئيس بوتين في حربه ضد أوكرانيا عليه الآن ألا يكتفي في أزمة غزة ببيانات تنديد من دون مساءلة قانونية، والعمل لرفع الحصار بشكل كامل عن غزة.

والمطلب الثاني أطرحه هنا بأن يقوم الرئيس ماكرون بالتنسيق مع رئيسي وزراء إسبانيا وبلجيكا باقتراح تبني الاتحاد الأوروبي مطلب السلطة الفلسطينية بقبول عضويتها كاملة في الأمم المتحدة من جهة، ومن جهة أخرى ترجمة عملية لمطلب القوى الكبرى بحل الدولتين، وأيضاً على الأقل أن يتم تفعيل القرار 181 للأمم المتحدة لعام 1947، الذي للأسف تم رفضه حينها من الدول العربية. ولأن فرنسا هي من بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومن المعتقد أن روسيا والصين لن تعترضا على هكذا مشروع، وربما الولايات المتحدة وبريطانيا قد توافقان على الفكرة ذاتها، فهل يفعلها الرئيس ماكرون ليخلد تاريخياً؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف يستعيد ماكرون مكانة فرنسا عربياً كيف يستعيد ماكرون مكانة فرنسا عربياً



GMT 03:46 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

شعب مالوش كتالوج!!

GMT 03:18 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

الغباء المدمر

GMT 03:13 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عندما قال كيسنجر: «أي شىء يتحرك»!

GMT 04:58 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

أيها العالم.. استيقظ

GMT 04:53 2023 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

لماذا السيسي؟!

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon