توقيت القاهرة المحلي 20:57:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غزة وموقف ماكرون المتأرجح

  مصر اليوم -

غزة وموقف ماكرون المتأرجح

بقلم - محمد علي السقاف

دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى عقد مؤتمر دولي في باريس بشأن المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في قطاع غزة، بغية تناول الوضع الإنساني الحرج الذي يواجهه السكان المدنيون الفلسطينيون الذين تضرروا من جراء القصف وافتقاد التيار الكهربائي والوقود والمياه والأدوية، أثارت التساؤلات عن مغزى عقد هذا المؤتمر الإنساني، فهل الهدف منه إعادة تصحيح بوصلة الموقف الفرنسي الأولي عند اندلاع حرب غزة، وتصريحات ماكرون التي أدلى بها في أثناء زيارته لإسرائيل، والتي انتقدت بشدة؟ وهل حركة تصحيح بوصلة الموقف الفرنسي تعكس مخاوف عميقة لدى الرئيس ماكرون من احتمال خسارة سياسة فرنسا التقليدية في العالم العربي، بعدما منيت سياسته في غرب أفريقيا بنكسات متتالية؟

أليس مثيراً للاستغراب والدهشة مواقف ماكرون المتأرجحة في بعض من تصريحاته العلنية، وكأنها تسير في خط السياسة الفرنسية التقليدية من عهد الجنرال ديغول مرورا بالرئيس الاشتراكي ميتران، وما إن تستنكر وتنتقد إسرائيل ما تسميه سياسته العربية حتى يسعى إلى التراجع عنها أو تخفيف حدتها! كيف لفرنسا، الدولة النووية والعضو الدائم في مجلس الأمن، أن تكون مواقفها أدنى من دعوات إسبانيا وبلجيكا في زيارتهما الأخيرة لإسرائيل ومصر، إلى الاعتراف بدولة فلسطين، ولم يجرؤ ماكرون على التصريح بها، وما أسباب ذلك؟

بعد أحداث أكتوبر (تشرين الأول) التي نفذتها حركة «حماس» في إسرائيل تقاطرت زيارات القادة الغربيين لها - وأولهم الرئيس الأميركي جو بايدن، وأولف شولتز مستشار ألمانيا، وريشي سوناك رئيس وزراء بريطانيا - وآخرين للتعبير عن تضامنهم مع إسرائيل في حقها في الدفاع عن نفسها، وقيل إن الرئيس ماكرون تعمد الانتظار، وذهب بعد عدة أسابيع إلى إسرائيل وأدلى فيها بتصريحات دعا فيها في 24 أكتوبر الماضي إلى تشكيل تحالف إقليمي ودولي لمكافحة حماس، شبيه بالتحالف الدولي ضد «داعش».

وفي تقرير لصحيفة «اللوموند الفرنسية» أوضحت أن اقتراح ماكرون المذكور لقي استياء واسعا في إطار دائرة وزارة الخارجية الفرنسية ذات العلاقة بالعالم العربي، عادّة تداعيات ذلك الاقتراح ستشوه مكانة فرنسا لأعوام قادمة، وهو شبيه بمبادراته الارتجالية باقتراحه إلغاء وتخلي لبنان عن نظامه الطائفي؟

ويبدو أن الرئيس ماكرون تراجع بعدها بفترة قصيرة عن تلك التصريحات إثر زياراته للضفة الغربية والأردن ومصر ولقائه بزعمائها؛ محمود عباس، والملك حسين، والرئيس السيسي، وهي زيارات حقق الرئيس ماكرون فيها سابقة أولى على بقية الزعماء الغربيين، حيث قام على إثرها في اليوم الثاني بتحديد ثلاثة محاور بديلة لاقتراحه السابق: محاربة الإرهاب بصفة عامة، والمساعدات الإنسانية، ومبادرة إحياء المشاورات السياسية بهدف التوصل إلى «حل إقامة الدولتين»؛ ولذلك دعا إلى تنظيم مؤتمر في باريس لإغاثة غزة.

في مواجهة حملة الانتقادات التي وجهت له باتباع ازدواجية المعايير في التعامل مع الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، تحدث ماكرون في كلمته عن هدنة إنسانية، ومن ثم العمل على وقف إطلاق النار، رافضاً اتهامه بازدواجية المعايير، قائلاً «بالنسبة إلينا - نحن الذين نحمل هذه القيم الإنسانية العالمية - لا يمكن أن نكيل بمكيالين». مؤكداً في الوقت ذاته أن الحرب على الإرهاب يجب ألا تتم من دون قواعد ويجب حماية المدنيين.

وضمن مقابلة له مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أدلى الرئيس الفرنسي بتصريح قوي ومباشر قال فيه في مقابلة حصرية في قصر الإليزيه، إن إسرائيل يجب أن تتوقف عن قتل الأطفال والنساء في غزة، وإنه «لا يوجد مبرر» للقصف، مشيرا إلى أن وقف إطلاق النار سيفيد إسرائيل، وأضاف أنه بينما تعترف فرنسا بحق إسرائيل في حماية نفسها، فإن بلاده «تحث إسرائيل على وقف القصف» في غزة، مضيفاً أن فرنسا «تدين الأعمال الإرهابية التي تقوم بها حماس».

وجاء رد فعل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو على تلك التصريحات خلال مؤتمر صحافي بأن هذا خاطئ لجهة الوقائع، قائلا إن «المسؤولية عن الأضرار التي تلحق بالمدنيين ينبغي ألا تُنسب إلى إسرائيل، بل إلى حماس».

من جانبها، أعلنت الرئاسة الإسرائيلية أن الرئيس الفرنسي قال في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي إنه «لم يتهم إسرائيل بإيذاء المدنيين عمدا في غزة»، وإن «ماكرون أوضح أنه لم تكن لديه نية اتهام إسرائيل بتعمد إيذاء مدنيين أبرياء، في إطار الحملة ضد منظمة حماس الإرهابية». وأوضح الرئيس الفرنسي، بحسب المصدر الإسرائيلي نفسه، أن تصريحاته للإذاعة البريطانية «تتعلق بالوضع الإنساني الذي يظل قضية مهمة بالنسبة إليه وإلى كثير من الدول»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «يدعم بشكل لا لبس فيه حق إسرائيل وواجبها في الدفاع عن نفسها»، وأعرب عن دعمه الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس، وفق مصدر الرئاسة الإسرائيلية.

ما الذي يدعو رئيس أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي أن يقع في هذا التذبذب، إن لم نقل التناقض في مواقفه نحو أزمة غزة، وهو الذي ستنتهي ولايته الثانية، ولا يحق له دستوريا الترشح مجدداً للرئاسة؟ هل بسبب اعتبارات داخلية؟ وهل بالإمكان تصور تصحيح مواقفه المتأرجحة بقيامه بدعم صريح لمواقف إسبانيا وبلجيكا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وانضمامها إلى عضوية الأمم المتحدة؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة وموقف ماكرون المتأرجح غزة وموقف ماكرون المتأرجح



GMT 05:16 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

ولنا في الكويت عبرة يا أصحاب الشعبويات!

GMT 05:13 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

لا بديل في الحالتين

GMT 05:09 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

ديمقراطية الكويت إلى أين؟

GMT 05:08 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

«فتنة التكوين» اتسع الخرقُ على الراقعْ!

GMT 04:46 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

نيران صديقة فى مهرجان (كان)!!

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 23:32 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

الفرنسي عثمان ديمبلي يعود إلى تدريبات برشلونة الإسباني

GMT 04:11 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

طريقة عمل تشيز كيك بخطوات سهلة

GMT 00:53 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تثير غضب الجماهير المصرية في القاهرة السينمائي

GMT 23:45 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

اتحاد الكرة يؤكد يحق لكل نادٍ ضم 25 لاعباً جديداً

GMT 17:03 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مرسيدس تكشف عن سيارة كهربائية في تحدٍ ألماني مباشر لتسلا

GMT 03:28 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تراجع أسعار الذهب في الأسواق المصرية الأحد

GMT 02:49 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

وائل كفوري يرفض التعليق على هجوم بعض الأشخاص
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon