توقيت القاهرة المحلي 01:42:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما الذي يريده الإيرانيون؟!

  مصر اليوم -

ما الذي يريده الإيرانيون

بقلم:صالح القلاب

ما كان الإيرانيون بعد كُلِّ هذه التحولات التي كانت قد شهدتها بلادهم أنْ تصل الأمور إلى ما وصلت إليه وعلى هذا النحو عندما أصبح اسم إيران هذه، التي كانت تملأ الدنيا وهجاً، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالطبع فإنه قد أصبحت هناك حيرة فعلية وحقيقية بالنسبة لهوية هذه «الجمهورية».
وحيث إننا لو نظرنا إلى الأمور من خارج دائرة دولة الوليّ الفقيه (الايرانية)، لوجدنا أن الإسلام واحدٌ، وذلك مع أنه يحتضن فرقاً كثيرة... لها كل التقدير والاحترام... وأيضاً المحبة.
والمقصود هنا وخارج هذه المقدمة التي هي تحتاج لقارئة كفٍّ شاطرة لتكشف أسرارها، أن هذه البلاد، أي إيران «دولة الولي الفقيه»، قد شهدت ومنذ منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، موجة احتجاجات صاخبة إثر وفاة الشابة الكردية (الإيرانية) مهسا أميني.
أما لماذا وكيف توفيت... أو قتلت مهسا أميني هذه، فإنّ هذا قد حصل بعد عدة أيام من اعتقالها من قبل ما يسمّى شرطة الأخلاق، وأيُّ أخلاق؟ ولماذا يا ترى؟ لأنها قد انتهكت قواعد اللباس «الصارمة» في الجمهورية الإسلامية، أيْ دولة الولي الفقيه!
ثم يا ترى ما قواعد اللباس الصارمة للمرأة في «الجمهورية الإسلامية» أي دولة الولي الفقيه؟ وهل أنّ هناك قواعد لباس للرجل أيضاً يا ترى؟ وهل أنه على الرجل أن يلتزم اللباس الذي قرّره الولي الفقيه؟ ثم هل الشعب الإيراني يا ترى كله ملتزمٌ بأنْ يلبس كما يلبس الولي الفقيه؟ وأن يأكل كما يأكل الولي الفقيه؟!
ولعلَّ ما يدلُّ على أنّ هذه المسألة تشغل الشعب الإيراني العظيم حقاً كله، أنّ نجل شاه إيران الذي قد تمت إطاحته في عام 1979 أشار إلى وجود طيفٍ رماديٍ واسعٍ من المسؤولين الإيرانيين الذين يغريهم التغيير، ولكنهم يتردّدون في الوقت الحالي بالتعبير عن آرائهم علناً عما يريدونه ويسعون إليه.
إن الاحتجاجات الشعبية الإيرانية التي انتشرت كالنار في الهشيم داخل إيران، منذ سبتمبر الماضي وإن خفتت قليلاً، وتراجع وهجها مع حجم القمع والقتل الذي تعرض له الشباب الإيراني المنتفض، قد أسست للتغيير في إيران هذه، وقد يكون تراجع السلطات الإيرانية عن قصة الشرطة الأخلاقية أول هذا التغيير، لكن المطالب الشعبية الإيرانية أكثر من ذلك بكثير.
إنه من المعروف، بل والمؤكد أن الشباب الإيراني لم يعد قادراً على تحمل نظام الملالي والولي الفقيه، الذي لم يجلب على بلاده إلا الحصار والعزلة... وترك ثروات هذا البلد النفطي الكبيرة مجمدة ومهمشة لا يستفيد منها الشعب الإيراني العظيم حقاً، فيما راح يختلق المشاكل مع جيرانه، ويمد أنفه في كل بقعة عربية متدخلاً في شؤونها ومستعدياً شعوبها، ومشكلاً ميليشياته التي تلعب في سوريا ولبنان واليمن والعراق... وكل ذلك حقيقة على حساب مصالح الشعب الإيراني المسكين وحقه في حياة محترمة، وحق شبابه في مستقبل يستحقونه بعيداً عن الخوف والقمع وحكم الملالي.
لم تكن قصة مهسا أميني والاحتجاجات الواسعة التي تبعتها مجرد احتجاج فقط على اللباس الشرعي الذي يريدون فرضه على نساء إيران بالعصا والزجر، بل هي احتجاجات أعمق وأوسع مدى، وهي اعتراض ورفض لنهج نظام الولي الفقيه الذي ترك إيران تعاني عقوبات اقتصادية خانقة تحت شعارات واهمة وكاذبة، وأدخلها في خلافات وصراعات مع محيطها بل مع العالم أجمع... وقضى على طموحات شبابها وترك مستقبلهم غامضاً لا بد من الثورة عليه.
لا يجب على هذا النظام المتحجر في طهران... نظام الولي الفقيه، الاطمئنان إلى خفوت الاحتجاجات الشعبية وتراجع حدتها، فالنار كما يقولون تحت الرماد، ويمكن أن تعود للاشتعال من مستصغر الشرر... والقضية لم تعد فقط قضية شباب إيراني ضاق ذرعاً بكل هذا النظام، فحتى النخب السياسية والاقتصادية في المجتمع الإيراني باتت لا تتردد في التعبير عن حنقها ورغبتها بالتغيير... فالعالم كله يتغير، إلا هذا النظام، الذي لا يزال يصر على تصدير أزماته ومشاكله إلى الخارج.
إنّ الإيرانيين باتوا اليوم بحاجة إلى مزيد من الانفتاح ورفع سطوة العصا الأمنية عن رؤوسهم، وهم باتوا يطالبون بمزيد من المشاركة السياسية وبحقهم في إدارة شؤون بلادهم، بعيداً عن الطبقة السياسية المرتبطة بالمرشد الأعلى على خامنئي الذي يمتلك من الصلاحيات ما يكبل بها كل مؤسسات الدولة، ويجعل إيران بلداً ديكتاتورياً يحكم باسم الدين، ويوفر قداسة للولي الفقيه يصعب تحديها.
إنه من المؤكد أن إيران الولي الفقيه قبل موجة الاحتجاجات الأخيرة التي تبعت مقتل مهسا أميني لن تكون هي كما بعدها... فالزمن يتغير، وحجم الضغط والمعاناة التي يعيشها الشعب الإيراني لم يعد يحتمل، وعلى نظام الولي الفقيه أن يتجاوب ويقدم التنازلات لئلا يفقد السيطرة والمبادرة... صحيح أنه نظام يمتلك أدوات القمع ويسيطر على مؤسساته السيادية والعسكرية والأمنية ولا يخشى نوعاً من الانقلاب، لكنه لا يستطيع المراهنة طويلاً على تحمل الناس والشباب لمعاناتهم المعيشية والاجتماعية، وحالة الانغلاق التي تفرض عليهم تحت شعارات كبيرة لم تعد تطعم خبزاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي يريده الإيرانيون ما الذي يريده الإيرانيون



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته

GMT 00:49 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

أيتن عامر تنشر مجموعة صور من كواليس " بيكيا"

GMT 04:18 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

اندلاع حريق هائل في نادي "كهرباء طلخا"

GMT 22:56 2018 السبت ,02 حزيران / يونيو

فريق المقاصة يعلن التعاقد مع هداف الأسيوطي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon