توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أزمة إسرائيل الداخلية... حقائق تاريخية

  مصر اليوم -

أزمة إسرائيل الداخلية حقائق تاريخية

بقلم - صالح القلاب

خلافاً لما كان يظنُّ بعض طيبي القلوب فقد ثبت أنّ الصراع مع الأكثر تطرفاً في الحركة الصهيونية هو صراعٌ تاريخيٌ، فالموضوع هو فلسطين؛ فإما لنا وإما لهم، وهذه مسألة تاريخية، وهذا مع أنّ هناك اليهود المؤلفة قلوبهم الذين أدركوا أنّ الصهاينة المتطرفون يأخذونهم إلى الدمار والموت، وأن الأفضل لهم أن يتعايشوا مع أهل هذه المنطقة وألا يُديروا ظهورهم لحركة التاريخ.
وإنّ المتابع لأزمة إسرائيل الداخلية التي افتعلها اليمين الديني المتطرف وعتاة الصهاينة حالياً فيما يسمى ملف الإصلاحات القضائية، لا يعكس فقط أزمة تشريعات وقوانين بل هو صراعٌ بين رؤيتين ومشروعين: الأول بين الصهاينة الأكثر تطرفاً الذين ينظرون إلى أنّ فلسطين لهم من البحر إلى النهر، وإلى الوطن الفلسطيني كله على أنه وطنهم التاريخي، وحقيقةً إنّ هذه كذبة بعض القوى الاستعمارية في لحظة تاريخية مريضة بالفعل!
أما الفئة الأخرى من الإسرائيليين، وإن كانوا يبدون قلّة اليوم، فهم مع إنهاء الاحتلال والعيش جنباً إلى جنب مع الفلسطينيين بدولتهم، ولم يعد غريباً القول إن التطرف للحركة الصهيونية قد يقود هذا الكيان إلى التفتت والانقسام بعد أن دبّ فيه الاستقطاب والخلاف تحت عنوان الإصلاحات القضائية ومحاولة نتنياهو الهروب من محاكمة القضاء له.
والمهم هنا وفي هذا المجال أن العرب بصورة عامة ينظرون إلى أنّ حل القضية الفلسطينية هو على أساس حل الدولتين: «دولة فلسطين على حدود عام 1967، ودولة إسرائيلية»، لكن في حقيقة الأمر إنّ الحركة الصهيونية كانت ولا تزال ترفض هذا رفضاً مطلقاً وإنها بقيت تصر على أنّ ما تريده هو من البحر إلى النهر!
وبالطبع فإنّ هذه مسألة ليست ممكنة على الإطلاق، وإنه من الأفضل للإسرائيليين ما دام الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي قد وصل إلى هذه الدرجة، أن يكتفوا من الغنيمة بالإياب كما يُقال. وحقيقةً إنّ اليهود غير الصهاينة مع هذا التوجه، وعلى أساس أنّ عالم اليوم غير عالم الأمس، وأنه بإمكان الشعب اليهودي والإسرائيلي أن يتعايش وأنْ يعيش في هذه المنطقة مع الشعب الفلسطيني والأمة العربية جنباً إلى جنب!
والمشكلة في هذا المجال أنّ رموز الحركة الصهيونية الأكثر تطرفاً وصهيونية يرفضون التعايش مع الشعب الفلسطيني، وأنهم بصورة عامة يقولون إنهم يريدون من البحر إلى النهر، وهذه مسألة غير ممكنة على الإطلاق، وأنّ المعروف أنّ حركة التاريخ تقول غير هذا، وأنّ فلسطين من البحر إلى النهر هي الوطن التاريخي للشعب الفلسطيني، وهذا يعني أنه على الإسرائيليين أنْ يقبلوا بالتسوية السلمية التي تعطيهم الحق في أنْ يكونوا مواطنين في هذه البلاد الممتدة من البحر إلى النهر!
ربما يرى البعض أنّ هذا غير ممكن على الإطلاق، وحقيقةً إنّ من يقولون هذا هم الأكثر تطرفاً في الحركة الصهيونية التي لا تدرك أنّ حركة التاريخ ليست معها، وهذا على خلاف ما يريده الأكثر صهيونية وتطرفاً، فعالم اليوم غير عالم الأمس، وحقيقةً إنه قد أصبح بالإمكان أن يكون هناك تعايش فلسطيني – إسرائيلي أو يهودي بالفعل في هذه المنطقة.
وهنا فإننا نعرف أنّ الصهاينة الأكثر تطرفاً يرفضون هذا بل يذهب التطرف بهم وخزعبلاتهم إلى أن يقولوا إنّ إسرائيل من النيل إلى الفرات. وحقيقةً إنّ حركة التاريخ تقول غير هذا وإنّ من يرفضون التعايش مع الآخرين سيرفض الآخرون التعايش معهم، والمعروف أن حركة التاريخ سوف ترفضهم وإلى أبد الآبدين.
وهكذا فإنه يجب أن يفهم الإسرائيليون أن حركة التاريخ ستفرض هذا كله عليهم رغم أنوفهم، وإنهم إذا بقوا يتمسكون بحكاية من «البحر إلى النهر» فإنهم سيخسرون البحر والنهر معاً، وهذا مع أنه قد بات هناك استعداد كي يُقبل اليهود كشعب متعايش مع الأمة العربية... وحقيقةً إن هذه لحظة تاريخية يجب أنْ يدركها الإسرائيليون الذين من المفترض أنهم يعرفون وبالتأكيد ما الذي تعنيه الحركة الصهيونية.
إنّ هذا الكلام ليس من قِبَل مجرد التسويق في هذه اللحظة التاريخية، والمعروف أنّ الشعب الفلسطيني بات بصورة عامة يدرك أن واقع اليوم غير واقع الأمس، وهذا يجب أن يدركه الإسرائيليون الذين عليهم ألا يفكروا إطلاقاً «بأن أرضك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات».
إن حكاية من النيل إلى الفرات مجرد خزعبلات وأساطير لن تتحقق إطلاقاً؛ فالنيل عربي وله أهله، والفرات عربي وله أهله، وهذه هي حقائق التاريخ... وحقيقةً إن العرب اليوم قد أصبح لديهم إمكانية التعايش مع اليهود أو الإسرائيليين لا فرق، فعليهم ألا يضيّعوها ويغرقوا بمزيد من الدماء والدمار والحروب.
إنه يجب أن يدرك هذا، اليهود أو الإسرائيليون لا فرق، إدراكاً جيداً فحركة التاريخ لم تعد إلى جانبهم «كصهاينة»، فالصهيونية كما هو معروف قد كانت ولا تزال تعد حركة مرفوضة حتى من غالبية اليهود، وكلما تقدم العالم تزداد رفضاً وتتلاشى أكاذيبها وأوهامها التي حاولت تسويقها على اليهود وعلى العالم كله، وباتت معروفة للجميع بأنها حركة عنصرية وفصل عنصري وتدمر بأفكارها إسرائيلَ ذاتها، وخيرُ دليل على ذلك هذه الحرب الداخلية المشتعلة بين الإسرائيليين وتزايد أعداد المهاجرين عكسياً هرباً من جحيم إسرائيل وتطرفها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أزمة إسرائيل الداخلية حقائق تاريخية أزمة إسرائيل الداخلية حقائق تاريخية



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt