توقيت القاهرة المحلي 20:18:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فاسد ومتسول.. وبينهما «مجتهد»

  مصر اليوم -

فاسد ومتسول وبينهما «مجتهد»

بقلم: د. محمود خليل

مقطع فيديو طريف تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى يظهر فيه طفل متسول يعد أمام أحد الأشخاص حصيلة يوم واحد من التسول تبلغ جملتها 900 جنيه، ويعنى ذلك أن دخل الطفل فى الشهر يبلغ 27 ألف جنيه، وفى السنة 324 ألف جنيه.

رقم لافت.. وربما يكون هناك من يربح أكثر من ذلك عن اليوم الواحد.

أسباب عديدة تقف وراء تفشى ظاهرة التسول هذه داخل المجتمع المصرى. وتميل التقارير البحثية التى صدرت فى هذا السياق إلى التوقف أمام ما هو تقليدى منها، كأن تتحدث عن ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغيرهما.

الفقر والبطالة ظاهرتان لا يخلو منهما زمان أو مكان، ووجودهما داخل مجتمع لا يعنى بالضرورة ارتفاع معدلات التسول.

وإذا أردنا أن نفهم ظاهرة التسول داخل أى مجتمع فعلينا أن نسأل أولاً عن حال معادلة «الفساد والاجتهاد» بداخله.

بناء على هذه المعادلة تستطيع أن تقسم أى مجتمع إلى 3 فئات: فئة الأثرياء المخمليين، وفئة المجتهدين، وفئة المتسولين.

تتجه فئة المجتهدين من المصريين إلى بذل جهد أكبر لتحقيق دخل يكفى لستر متطلباتها المعيشية، قد يتجلى هذا الاجتهاد فى العمل فى وظيفتين (لاحظ على سبيل المثال ظاهرة العمل فى وظيفة صباحاً وفى إحدى شركات الأمن مساء)، أو من خلال ممارسة أكثر من نشاط يؤدى إلى تحقيق أرباح إلى جوار مرتب الوظيفة الهزيل.

وثمة قاعدة يقتنع بها قطاع لا بأس به من المصريين، ملخصها أن «الاجتهاد يؤدى بصاحبه إلى الستر».

أعلى فئة المجتهدين فى مصر توجد «فئة الأثرياء المخمليين» الذين تداخلت عوامل أخرى مع الاجتهاد فى تكوين ثرواتهم، قد يكون من بينها الرزق الحلال، وقد يكون من بينها أيضاً الفساد.

وثمة قناعة راسخة لدى العديد من المصريين أن أى ثراء يتحقق لفرد لا بد أن يكون مرده الفساد، ويدعم هذه القناعة بعض الممارسات الشاذة والعجيبة من جانب فئة الأثرياء. فها هو فلان يشترى سيارة لزوجته فى عيد الحب ثمنها ملايين الجنيهات.. وها هو علان يتباهى بطائرته الخاصة.. وها هو ثالث يلتقط صوراً له فى قصره المخملى.

صور الحياة المخملية تلك تنتقل بين المصريين فى الوقت الحالى أكثر من أى وقت مضى بسبب وجود الموبايل فى كل يد وتيسُّر الطريق أمام أى شخص يريد أن يطلع أو يشاهد عبر مواقع التواصل.

والنتيجة إعلاء قيمة «الفساد» على قيمة «الاجتهاد». وقد لا يكون من المبالغة أن نقول إن التسول وجه من وجوه الفساد داخل المجتمع.

فالمتسول يتعامل مع زبونه على أنه لص وأن عليه أن يعطيه ويجزل له العطاء حتى يغسل أمواله الغارقة فى مستنقع الذنوب، لذا فإن المتسول الذى لا يأخذ لا يجد غضاضة فى أن يسب الزبون، وإذا أسمعه مجتهد نصيحة توجهه إلى احتراف عمل معين فإنه يلعنه جهراً أو سراً، لأنه يؤمن أن الجميع لصوص.

المتسول يرى أن الجميع يسرقون وينهبون أو فى أقل تقدير متسولون مثله، وإلا بماذا يفسر تلك الإعلانات التى تطن فى أذنه لجمعيات ومؤسسات تطالبه بالتبرع من أجل المرضى والفقراء والعجزة وغير ذلك؟!

التسول جانب من جوانب التشوه العام الذى يعيشه مجتمعنا.. وسوف يظل قائماً ما اختلت معادلة «الفساد والاجتهاد».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاسد ومتسول وبينهما «مجتهد» فاسد ومتسول وبينهما «مجتهد»



GMT 03:48 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

قلنا: تفكير.. قالوا: تحصين وتكفير

GMT 03:47 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فتح ملف الصناعة (١) «القانون هو الحل»

GMT 03:45 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

حسام حسن غلط فى دوري!!

GMT 03:36 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

د. أسامة السعيد.. هل يصبح خليفة سعيد سنبل؟!

GMT 03:25 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«الجن» برىء من الحرائق

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:09 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024
  مصر اليوم - «عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 17:27 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تيري هنري يُتابع المنتخب المكسيكي قبل ودية بلجيكا

GMT 17:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

زيدان يطالب إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع سون نجم توتنهام

GMT 15:35 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

معلومات عن جاك اندرو بعد وفاته بسبب كورونا

GMT 06:10 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

تعرف على حالة الطقس المتوقعة في مصر الاثنين

GMT 01:48 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

شريف عامر يحاور أسرة مصرية صينية بـ"كمامة" على الهواء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon