توقيت القاهرة المحلي 12:45:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المناضل التسعيني

  مصر اليوم -

المناضل التسعيني

بقلم: د. محمود خليل

عمار بن ياسر صحابى من طراز خاص، كان طرفاً فاعلاً فى كل المواقف العصيبة التى عاصرها فى حياته.

منذ اللحظة الأولى لإسلامه لم يعرف سوى النضال والتضحية من أجل ما يؤمن به، أمه «سمية» أول شهيدة فى الإسلام، وأبوه «ياسر» من المؤمنين الأوائل بدعوة محمد. فى حق هذه العائلة المناضلة قال النبى صلى الله عليه وسلم مقالته الشهيرة: «صبراً آل ياسر، إن موعدكم الجنة».

عاصر «عمار» خلافة أبى بكر وعمر، وعندما تولى عثمان كان من أشد معارضيه، وكان دائم الطعن فى أدائه، وقد كان من القلائل الذين انحازوا لعلىّ ضد عثمان عندما كان عبدالرحمن بن عوف يسأل المسلمين: أى الشخصين يختارون خليفةً بعد عمر؟

ولما اغتيل عثمان على يد مجموعة من الثائرين عليه من الأمصار المختلفة، وآل الأمر إلى علىّ، أيده بكل ما أوتى من قوة، وقاتل إلى جواره فى معركة «صفين» رغم أنه كان عجوزاً طاعناً فى السن. وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد قال فى حقه «عمار تقتله الفئة الباغية».

إذا نحينا قليلاً نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم حول أن «عمار تقتله الفئة الباغية»، وتأملنا شخصية «عمار» وموقفه من الصراع بين علىّ ومعاوية فسوف ندرك أن من يملك عقل ومنطق وتجربة وبلاء عمار بن ياسر فى الإسلام، من الجدير به أن ينحاز إلى الحق، وإلى ما يُرضى الله ورسوله، وأن يجابه من يبغى على حقوق الآخرين وينازعهم أمرهم.

من هنا كان انحياز عمار بن ياسر إلى علىّ بن أبى طالب، إذ كان يعتبر معاوية باغياً حين رفض مبايعته، ومن يدقق فى هذه الكلمات التى قالها عمار بن ياسر أثناء معركة صفين، يستطيع أن يستدل بسهولة على أنها لا تخرج إلا عن عقل حكيم وقلب سليم لا يمكن أن ينحاز إلا للحق: «نادى عمار يومئذ: من يبتغى رضوان ربه، ولا يلوى إلى مال ولا ولد؟ فأتته عصابة من الناس، فقال: أيها الناس! اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يبتغون دم عثمان، ويزعمون أنه قتل مظلوماً، والله ما قصدهم الأخذ بدمه ولا الأخذ بثأره، ولكن القوم ذاقوا الدنيا واستحلوها، وعلموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم وبين ما يتمرغون فيه من دنياهم وشهواتهم، ولم يكن للقوم سابقة فى الإسلام يستحقون بها طاعة الناس لهم، ولا الولاية عليهم، ولا تمكنت من قلوبهم خشية الله التى تمنع من تمكنت من قلبه عن نيل الشهوات، وتعقله عن إرادة الدنيا، وطلب العلو فيها، وتحمله على اتباع الحق، والميل إلى أهله، فخدعوا أتباعهم بقولهم: إمامنا قُتل مظلوماً، ليكونوا بذلك جبابرة ملوكاً، وقول الباطل له حلاوة فى أسماع الغافلين، فسيروا إلى الله سيراً جميلاً، واذكروا ذكراً كثيراً».

يشرح عمار بن ياسر بلسان طليق وعقل حكيم رؤيته لموقف معاوية وغيره ممن ناهضوا عليّاً بن أبى طالب، تحت زعم الثأر من قتلة عثمان بن عفان، ويؤكد أنهم لا يبحثون عن دين، بل يفتشون عن دنيا ويريدون أن يصبحوا «ملوكاً جبابرة»، وأنهم يخدعون أتباعهم ويسوقونهم إلى الهلاك فى الدنيا والآخرة.

لقد كان «عمار بن ياسر» رضى الله عنه يقول هذا الكلام وهو فى موقف حرب وقتال وفى التسعين من عمره، لكنه كان ممسكاً بالحق، ويعلم أن بنى أمية يريدون وراثة الإسلام كمُلك، وهم الذين تلكأوا فى الإيمان به كدين. قُتل عمار على يد الفئة الباغية، وقد كان مقتله عاملاً دافعاً فى صفوف على بن أبى طالب، فدبت الحماسة فى نفوس أجناده بعد أن اطمأنت قلوبهم إلى انحيازهم للحق، وبدأ جيش علىّ يظهر على جيش معاوية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المناضل التسعيني المناضل التسعيني



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 00:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 10:05 2017 الإثنين ,18 أيلول / سبتمبر

الثروة الحقيقية تكمن في العقول

GMT 13:33 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

أفكار بسيطة لتصميمات تراس تزيد مساحة منزلك

GMT 00:00 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

مدرب الوليد يُحذِّر من التركيز على ميسي فقط

GMT 12:26 2019 السبت ,12 كانون الثاني / يناير

تدريبات بسيطة تساعدك على تنشيط ذاكرتك وحمايتها

GMT 20:58 2019 الإثنين ,07 كانون الثاني / يناير

مؤشر بورصة تونس يغلق التعاملات على تراجع

GMT 16:54 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

"اتحاد الكرة" يعتمد لائحة شئون اللاعبين الجديدة الثلاثاء

GMT 15:16 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة "الكهرباء" تستعرض خطط التطوير في صعيد مصر

GMT 19:26 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أمن الجيزة يكشف عن تفاصيل ذبح شاب داخل شقته في منطقة إمبابة

GMT 22:47 2018 الجمعة ,31 آب / أغسطس

أمير شاهين يكشف عن الحب الوحيد في حياته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon