توقيت القاهرة المحلي 20:12:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فعلتها «تاتشر»

  مصر اليوم -

فعلتها «تاتشر»

بقلم: د. محمود خليل

كانت حرب فوكلاند (1982) مسألة كرامة وطنية بالنسبة لمارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا.

فقد استيقظت المرأة الحديدية ذات صباح على أخبار تقول إن الأرجنتين غزت جزر فوكلاند وما يحيط بها واستولت عليها، على اعتبار أنها جزء من أراضى الأرجنتين.

كان نظام الحكم فى «بوينس أيرس» يرى أن استرداد الجزر فرصة طيبة لتمكين نفسه وتثبيت أوضاعه ومنحه المزيد من القدرة على السيطرة على البلاد.

كانت جزر فوكلاند تحظى بحكم ذاتى تحت التاج البريطانى، وأغلب سكانها ذوو جذور بريطانية وينتمون إلى المستعمرين الأوائل الذين استوطنوا هذه الجزر خلال الثلث الأول من القرن التاسع عشر.

غزت الأرجنتين الجزر وسيطرت عليها فى غفلة من بريطانيا، لتضع أول امرأة ترأس وزراء الدولة العتيدة فى مأزق صعب.

اجتمعت «تاتشر» مع أعضاء حزب المحافظين - الحزب الحاكم - فوجدتهم منقسمين، هناك من يرى ضرورة التدخل العسكرى لاستعادة الجزر، وهناك من يرى الاستجابة لبعض الدعوات الدولية لوضع قوات حفظ سلام فى الجزر ودمتم.

اعتبرت «تاتشر» الموضوع موضوع كرامة وطنية فى الأول والآخر، سألتهم: هل يمكن أن نسمح بخروج أرض تحكمها بريطانيا من تحت سيطرة التاج البريطانى؟.

حاولت كل من الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة رونالد ريجان وفرنسا برئاسة فرانسوا ميتران إقناع رئيسة وزراء بريطانيا بقبول فكرة وجود قوات سلام دولية تحجز بين الفريقين إلى أن يتم حل المشكلة بالتفاوض، لكن «تاتشر» رفضت بحسم، وخاطبت من يطالبها بذلك خطاباً شديد اللهجة، وعزمت أمرها على استرداد الجزر.

أبت المرأة الحديدية أن يقترن اسمها بأى نوع من الاهتزاز أو الهزيمة للتاج البريطانى، وعزمت أمرها وأعطت أوامرها للقوات البريطانية بالتحرك نحو جزر فوكلاند لتحريرها من القوات الأرجنتينية.

دارت رحى الحرب بين الدولتين لمدة 74 يوماً متواصلة وانتهت بهزيمة القوات الأرجنتينية.

عندما اتخذت «تاتشر» قرارها كانت تقضى الشهور الأخيرة من الفترة الأولى لرئاسة وزراء بريطانيا، وكانت تعلم أن هناك انتخابات جديدة على الأبواب، وكان قرارها خوض الحرب عاملاً مهماً من عوامل نجاحها فى انتخابات 1983، رغم الإجراءات الاقتصادية العنيفة التى اتخذتها، والتى لم تكن محل رضا من جانب حزب العمال البريطانى وأنصاره.

قضت مارجريت تاتشر فى الحكم فترة أطول من أى رئيس وزراء بريطانى، إذ ظلت فى هذا الموقع من عام 1979 وحتى عام 1990. وتميزت فترة قيادتها لبريطانيا بالعديد من التحولات السياسية والاقتصادية التى صبت فى صالح الدولة، رغم ما قوبلت به من هجوم ومعارضة.

امتلكت إرادة حديدية فى تمرير قراراتها، وكانت تعلم طريقها جيداً، وتفهم ما تريده، وكان لديها قدراتها الخاصة فى إنفاذه على أرض الواقع.

عرفت كيف تحول الكارت الذى حاول حكام الأرجنتين استغلاله واللعب به لصالحهم - كارت استعادة جزر فوكلاند - إلى كارت لصالحها، فتمكنت من تحرير الجزر فى شهرين ونصف، واستغلت «كارت التحرير» وحماية المصالح والكرامة الوطنية البريطانية فى اكتساب المزيد من الشعبية.

فى مثل هذا الشهر وبالتحديد يوم (8 أبريل 2013) توفيت مارجريت تاتشر.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فعلتها «تاتشر» فعلتها «تاتشر»



GMT 01:42 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

التوريق بمعنى التحبير

GMT 01:38 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

مَن يحاسبُ مَن عن حرب معروفة نتائجها سلفاً؟

GMT 01:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

كيسنجر يطارد بلينكن

GMT 01:32 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غزة وانتشار المظاهرات الطلابية في أميركا

GMT 01:29 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

من محمد الضيف لخليل الحيّة

GMT 00:34 2024 الإثنين ,29 إبريل / نيسان

غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - غوارديولا يحذر السيتي وآرسنال من مصير ليفربول
  مصر اليوم - أحمد حلمي يكشف أسباب استمرار نجوميته عبر السنوات

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 12:19 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مصر تحصد 31 ميدالية متنوعة مع ختام بطولتي الرماية

GMT 13:55 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الهلال يستضيف الزمالك في ليلة السوبر السعودي المصري

GMT 08:41 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

سعر الدولار في مصر اليوم الخميس 22 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 19:37 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

سفيتولينا تودع بطولة فرنسا المفتوحة للتنس أمام بودوروسكا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon