توقيت القاهرة المحلي 23:55:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غيلان «الأدهمية»

  مصر اليوم -

غيلان «الأدهمية»

بقلم : محمود خليل

بلغت مأساة إهمال الصعيد ذروتها فى حادث قطار «العياط» عام 2002. كان القطار رقم 832 قد تحرك لتوه من القاهرة إلى أسوان، وقد ازدحم بكتلة بشرية متلاصقة رغبت فى قضاء إجازة عيد الأضحى بين أهليها. عقب مغادرة القطار مدينة العياط شب حريق فى العربة الأخيرة منه، وامتدت النيران إلى العربات الأمامية الواحدة تلو الأخرى وأخذت تأكل البشر المكدسين داخلها بلا رحمة. التقديرات الحكومية حينذاك ذكرت أن عدد ضحايا الحادث بلغوا 350 مواطناً أغلبهم من أهالى الصعيد.

حكايات أداهم الصعيد مع القطارات قديمة. ولو أنك رجعت إلى رواية «دعاء الكروان» التى أبدعها عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، وهو واحد من أبناء الصعيد الذين ملأوا مصر فكراً وأدباً فستجد وصفاً دقيقاً لإحساس الصعيدى بالغول الحديدى المسمى بالقطار. يقول العميد: «كانت الخطوب تنتقل بهن -يقصد زُهرة وابنتيها هنادى وآمنة- من قرية إلى قرية، ومن ضيعة إلى ضيعة، يلقين بعض اللين هنا، ويلقين بعض الشدة هناك، ولا تستقر بهن الأرض فى أى حال، حتى ينتهين إلى هذه المدينة الواسعة ذات الأطراف البعيدة والسكان الكثيرين، والتى تشقها الطرق الحديدية نصفين، ويمضى فيها هذا الشىء المخيف الغريب الذى يبعث فى الجو شرراً وناراً، وصوتاً ضخماً، وصفيراً عالياً نحيفاً، والذى يسمونه القطار، الذى يركبه الناس يستعينون به على أسفارهم، كما يستعين أهل البادية والريف بالإبل حيناً، وبالحمير حينا، وبالأقدام فى أكثر الأحيان».

حقائق التاريخ تقول إن حكام الأدهمية لجأوا إلى إهمال تطوير المرافق الأساسية منذ أواخر الستينات بسبب الخسائر التى حاقت بالبلاد جراء الحروب مع الكيان الصهيونى، بالإضافة إلى حرب اليمن، وتستطيع أن تراجع ذلك فى كتاب وجيه أبوذكرى «الزهور تدفن فى اليمن». ورغم بطلان حجة الحرب بعد إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 - أى قبل اعتلاء مبارك لعرش الأدهمية بعامين- فإن التمحك بما خسرته مصر فى الحروب ظل قائماً، ربما حتى اللحظة المعيشة، والضحية فى النهاية هم البسطاء من الأداهم الذين تعالت عليهم أنظمة الحكم بعد جمال عبدالناصر واعتبرتهم سبباً مباشراً من أسباب المآسى التى يقعون تحت طائلها. كان «مبارك» يتحدث باستمرار عن ولع الأداهم بالإنجاب وكثرة العيال الأمر الذى يُعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها إزاء هذا الكم الغفير من البشر، ويعتبره «غولاً» آخر قادراً على التهام كل عوائد خطط التنمية التى تجتهد فيها الحكومة، لكن الأداهم لم يأبهوا لذلك.

«الأداهم» كانوا -ولم يزالوا- على دأبهم من الولع بالإنجاب، وفى المقابل ظلت الحكومات المتتالية للأدهمية على دأبها من التمحّك بذلك، دون محاولة جادة من الطرفين لمعالجة هذه الإشكالية المعقدة. المدهش أن برامج التوعية بتنظيم الأسرة فى عصر مبارك تحولت إلى «سبوبة» حقق البعض من خلالها أرباحاً كبيرة. وبالنسبة للأداهم ظل الإنجاب «سبوبة» أيضاً لتحقيق أهداف متنوعة، منها المتعة ومنها الاستثمار بتشغيل الأبناء، ومنها مكايدة الحكومة التى تطحن «الأدهم» حيث يروح، وحيث يجىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غيلان «الأدهمية» غيلان «الأدهمية»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 07:57 2021 الخميس ,02 أيلول / سبتمبر

سعر الدولار اليوم الخميس 2- 9-2021 في مصر

GMT 06:58 2021 الجمعة ,29 كانون الثاني / يناير

علاج محتمل للسكري لا يعتمد على "الإنسولين" تعرف عليه

GMT 14:10 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أسوان يخطط لعقد 9 صفقات قبل غلق باب القيد لتدعيم صفوفه

GMT 21:53 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

جهاز المنتخب الوطني يحضر مباراة الأهلي والإنتاج الحربي

GMT 17:44 2020 الثلاثاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

تونس تتصدر أجانب الدوري المصري بـ16 لاعبًا في الأندية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon