توقيت القاهرة المحلي 13:01:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سياحة حسينية منقوصة

  مصر اليوم -

سياحة حسينية منقوصة

بقلم - عادل نعمان

ولا أظن أن منطقة الحسين التاريخية أسعد حظًا من المناطق الأثرية الأخرى، وربما تكون منطقة الحسين هى الأسوأ، لسهولة دخول وخروج آلاف من المتسولين والباعة الجائلين دون حاجز أو مانع، وهم الذين يعكرون صفو الفسحة والزيارة على السائح والزائر، ويقطعون عليه تفكيره وانسجامه، فإما أن يتقدم أحد المتسولين يربت بيده على كتفه يستجديه ويستعطفه فيقطع تواصله، أو يلاحقه أحد الباعة الجائلين ببضاعته ويكسر عليه زوايا الرؤية يمينا ويسارا، فيعكر مزاجه.. ولا تقف المطاردات عند الباعة الجائلين والمتسولين فقط، بل تتجاوزها إلى العاملين فى المحال والكافيهات والمطاعم، وهى مطاردات واعتراضات- فى نظرهم- مشروعة إذا ما غلفت بابتسامة يظنها صاحبها مداعبة، وهى سمجة الأصل، أو يلفها فى غلاف ناعم يظنه لطيف، وهو ردىء المظهر.

ولا أستغرب نفور كثيرٍ من الزوار والسياح من هذه الملاحقات وهذه الاعتراضات، ومغادرتهم المزار.

صديقى من لندن وزوجته يعتبران زيارتهما السنوية إلى منطقة الحسين والعشاء فى أحد المطاعم وتناول براد الشاى الأزرق بالنعناع فى أحد المقاهى التاريخية والاستمتاع بالغناء الأصيل، طقسًا سنويًّا محببًا إلى قلبيهما، لا تكتمل فرحتاهما بلقاء القاهرة السنوى إلا به، متيمان بها، مولعان بتاريخها، لهما فى كل مكان طعم خاص يتذوقه كل الأصدقاء منهما، دعاية متنقلة بين بلدان العالم، يصر صاحبى ورفيقته مهما عانيا فى رحلتهما السنوية إلى القاهرة على أن يكررا جولتهما كل عام فى زيارة سيدنا الحسين وخان الخليلى وشارع المعز ووكالة الغورى، يتحسسان تلك الأماكن ويترفقان بها ويستودعانها فى معية الله للعام القادم.

الغريب أن العام الماضى، على سوئه وقبحه، لم يكن كما كان هذا العام، بل تفوق هذا العام بجدارة وتخطى بنقائصه نقائص العام الماضى، وقبحه زاد عما كنا نحسب ونترقب، فقد زادت أعداد المتسولين عن الماضى، وأضحت الحيل أكثر براعة وذكاء، والباعة الجائلون أصبحوا أكثر التصاقًا وقربًا من السياح بعد بناء هذا الجدار العازل من الحديد حول ساحة المسجد، فحبس الجميع فى شوارع ضيقة، يسارع كل منهما إلى الهروب والملاحقة من الآخر، فلا سلم السائح من المتسولين أو الباعة الجائلين، ولا فاز أحدهما إلا تحت الضغط الشديد ودون رضا أو قبول، وأرجو من المسؤولين زيارة ميدانية لدراسة الحالة على طبيعتها!.

ولا أتصور أيضا أن يحرص أصحاب البلد أنفسهم على زيارة أماكن سياحية تعمّها الفوضى والهرجلة ولا يأمنون فيها على الخدمة ولا يرتاحون إليها، ومطاردون وملاحقون من هؤلاء جميعا.. فما بالك بالسائح!، فلربما لو تذكر هذه العشوائيات لعدل وغيّر وبدّل فى قراره.. ولا أرى أن دولة من الدول تحرص على تنمية وتعظيم مواردها السياحية، ولا تعتمد فى هذا إلا على تاريخها العريق الأصيل دون أن تهتم بصناعة السياحة، وتهيئ المزارات السياحية بما يناسب السائح ويلبى احتياجاته من الأمان وحرية التنقل وممارسة حريته كاملة دون حشر الأنوف فى تصرفاته وسكناته.

هذه صناعة لمن أراد أن يتقنها ويستوعبها، لها أصولها وقواعدها العلمية، من أراد منها خيرا عليه الالتزام بقواعد البناء الصحيح العلمى المدروس، يبدأ عند الأثر التاريخى، وينتهى عند كل مواطن يتعامل مع السائح.. من وقت نزول السائح حتى المغادرة. ويكفى أن نسهو ونتكاسل ونتغافل عن خدمة واحدة فتسقط عند السائح رغبته فى البقاء أو العودة، والأمر ليس بالصعوبة أو المستحيل، بل يكفى أن نتابع احتياجات السائح ورغباته وراحته، وتُفرض فرضًا بالقانون واقتناعًا بالتعليم والبرامج ووسائل البث المختلفة. ولا مانع أن نضم هذه الإرشادات إلى المناهج الدراسية فى المدارس والجامعات، وتشمل زيارة الطلاب إلى الأماكن السياحية فى كل محافظة، نُعلِّمهم فن التعامل مع السائح والتفاعل معه.

لست راضيًا عن سلوك الناس، وغاضب من هذه الملاحقات، وثائر على تهاون وزارة السياحة فى حق تاريخنا والحفاظ عليه.. وقد بُح صوتنا من قبل بأن هذه الأماكن السياحية آن الأوان أن تكون تحت إدارة شركات متخصصة برجال متخصصين دارسين وأمن على مستوى علمى وتربوى مناسب، ومزارات راقية تحترم احتياجات السائح ورغباته.

«الدولة المدنية هى الحل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سياحة حسينية منقوصة سياحة حسينية منقوصة



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt