توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضبط المصطلحات شرط للتأويل والتفسير

  مصر اليوم -

ضبط المصطلحات شرط للتأويل والتفسير

بقلم - عادل نعمان

.. ولمَّا نقول إن ضبط المصطلح «التعريف» شرط للتأويل ومن ثم التفسير، فإننا نكون قد أصبنا كبد الحقيقة.. فإذا كان مصطلح النكاح «الزواج» عند شعوب الصحراء «الاستمتاع بمحل الوطء»، فإن التأويل ومن ثم التفسير يسيران مسار الغلظة والجاهلية لا يحيدان ولا يميلان.. أما إذا كان النكاح «الزواج» تعريفه «مزاوجة ومساكنة وترابط وبناء أسرة سعيدة متماسكة»، فإن التأويل ومن ثم التفسير يسيران مسار التمدن والسمو لا يحيدان، ومن ثم فإن المعاملة بين الأزواج مرهونة بتعريف نوع العلاقة. ولما كان تعريف العلاقة الزوجية عند رجال الدين القدامى والمحدثين يقف عند لغة العرب القديمة وهى: «المضاجعة والمناكحة والامتطاء والاعتلاء والمجامعة والمخادنة والمواقعة والمباطنة والمسافدة والمهاجمة والمباشرة والمقارعة» وكلها صور للعلاقة بين الثور والبهيمة، فيقال امتطى الرجل الدابة أو اعتلاها أو ركبها وهكذا.. ويشرح القرطبى أن العرب تكنى المرأة بالنعجة أو الشاة أو البقرة والناقة وكل مركوب، فما كان من الرجل إلا أن يعامل المرأة بسوء معاملة البهائم، ولا يرى لها من الحقوق ما يتجاوز حقوق الدواب حتى لو كانت خاتمتها إنجاب أطفال، وليس هناك ما هو أردأ من هذا وأقل منه شأنا.
وفى شرح المنهاج لأبى حجر العسقلانى أن أسماء النكاح عند العرب بلغت ألفا وأربعين اسما، ليس فيها ذِكر للأسرة أو المودة أو الألفة أو بناء المجتمع، فكان التأويل والتفسير يبدآن وينتهيان عند الاستمتاع وقضاء الشهوة لا يتعديانها.. وهذا ما دفع الفقهاء وفقًا لهذا التعريف الناقص إلى اعتبار المرأة وعاء لإشباع شهوة الرجل وقضاء وطره، وهو أساس الفتوى والحكم على المرأة «وزعموا زورًا وبهتانًا أنها شريعة الله»، حتى اختلط الأمر على الناس وظنوا أن هذا دين الله وقدر المرأة، وليس الأمر كذلك، بل لا يعدو أن يكون سلوكا جلفا، وحقوق طرف ضعيف من الأطراف ضائعة ومغبونة مرهونة بمصطلح مبتور هارب من الحداثة.

ودعونا نُزِد في الأمر لنرى كارثة «التعريف» إلى أين وصلت بالمرأة؛ فهذا شيخ الإسلام بن تيمية يضعها في صف العبيد «المملوك» ويقول: «المرأة والمملوك أمرهما واحد» وهى قاعدة معتبرة عندهم، فإذا مل الفقهاء تكرار الفتوى أو عجز أحدهم عنها فليرجع إلى «أحكام العبيد».. فكلها تنسحب على المرأة دون حرج في مأكلها ومشربها وملبسها والاستمتاع بها.. وقد أخذها من عمر بن الخطاب حين قال «النكاح رق، ولينظر أحدكم عند من يرق كريمته»، وتم تفسيرها بهذا الشكل ولهذا اعتبر كثير من رجال الدين أن «النفقة مقابل المتعة» تتوقف حال امتناعها برضاها أو بغير رضاها عن إمتاع الرجل، بل وصل الأمر إلى وقف الإنفاق عليها في حال عجزها وهرمها، واختلفوا في علاجها وكفنها إذا ماتت، وهل هذا حق عليه أو على أهلها.

وابن تيمية يقول «إن المرأة لحم على وضم»؛ والوضم هو الخشبة التي يقطع عليها الجزار اللحم، لاحول لها ولا قوة، ويرى بن تيمية «أنه من الأفضل عدم تعليم المرأة، واستند إلى عمر بن الخطاب الذي نهى عن تعليم المرأة الخط والحساب، ويرى كغيره أن التعليم وسيلة للفضائل إذا ما أحسن استخدامها، وهو أيضا وسيلة للرذائل إذا ما أفسد الإنسان استخدامها، فإذا أمكن للإنسان أن يحقق الفضيلة دون التعلم فهذا أفضل». وللشيخ بن عثيمين رأى «أن المرأة تتعلم بالقدر الذي تحتاجه فقط لأن التعلم تعب وإرهاق»، وهذا بن أبى الثناء يقول «إن الكتابة للمرأة مدعاة للزنى». وهذا بن القيم الجوزية يقول «إن لولى الأمر الحق في حبس المرأة إذا أكثرت من الخروج، وأجاز التعدى على المرأة وتلطيخ ملابسها بالأحبار والأوساخ إذا خرجت سافرة»، وقد رأينا هذا الفعل جهارا نهارا في المواصلات العامة، والاعتداء على البنات السافرات وقص شعرهن وتلطيخ ملابسهن بهذه الآراء والفتاوى المحرضة، فقد أباح بعضهم أيضا للعوام من الناس القيام بهذه المهمة إذا أوقفها ولى الأمر، وزادها مشايخنا بالإذن لهؤلاء بالتحرش والاعتداء على البنات في الشوارع.

.. ولمَّا نطالب بضرورة ضبط المصطلحات والتعريفات الشرعية على أن يتفق التعريف مع الهدف والغاية ومع القيم الإنسانية، فنحن نصلح ما هو معوج، ونعدل ما هو مائل، ونقيم بناءً حضاريا معتدلا ومتوازنا وممتدا غير هذا البناء الهش الفاسد، والاستدلال العقيم وتلبيس الحق بالباطل، كالزواج «النكاح» كما أسلفنا.

مطلوب ضبط المصطلحات كالشريعة مثلا، منها ما هو مقدس ومنها ما هو بشرى.. «الكفر» وتعريفه «الإنكار» وليس بمعناه الاصطلاحى الحديث الذي وصل إلى قتل الكافر، وكذلك الفتوى وتعريفها بـ«الرأى الذي يمكن تركه أو الأخذ به». وأيضا «الجهاد» وتعريفه «جهاد النفس وتحصيل العلم والعمل البناء»، وترسيخ فكرة جهاد الدفع وصرف الناس عن جهاد الطلب، وأيضا ازدراء الدين، والردة.. ولنا في كل هذا رأى مخالف.

(الدولة المدنية هي الحل)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضبط المصطلحات شرط للتأويل والتفسير ضبط المصطلحات شرط للتأويل والتفسير



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt