توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

(كلاكيت 3).. العبادات والأحكام والمعاملات.. وماذا بعد؟

  مصر اليوم -

كلاكيت 3 العبادات والأحكام والمعاملات وماذا بعد

بقلم - عادل نعمان

والأديان ظاهرة اجتماعية تستوجب وجود مجتمعات بشرية متخاصمة ومتناحرة، أو مهادنة ومسالمة، أو مزيج من هذا وذاك حتى تتواصل السماء ويتوالى الأنبياء، وأتصور أنها ضرورة اجتماعية أيضا تفرضها الضرورة والحاجة وحيرة الناس وضيق الأفق، وتتقدم وتتنامى وفقًا لظروف المجتمعات، ويستلزم الأمر أن تنتعش هذه الأديان مع ترقى المجتمعات ونمو ثقافتها وتغير أحداثها وحضارتها، ومن المعقول والمقبول أن يبتعدا دون وصال أو اتصال، فغالبا لا ضرورة إذا افترقا، والأفضل ألا يزاحم أحدهما الآخر إذا تقابلا وتلاقيا، فلا شرّع دين من الأديان أحكاما لحدث فى علم الغيب، ولا سن تشريعا لواقعة من وقائع مجهولة، ولا حدَّ حدًّا لجريمة لم تستحدث بعد، حتى لو كانت قائمة وحاضرة فى مجتمعات مجاورة وملاصقة، وكأنما قد جاء الدين لحدود معينة ولمن حولها.. ولأن المجتمعات والناس قد جاءت إلى الدنيا قبل الأديان، فإن الأديان تالية ولاحقة بالمجتمعات، تتحرك معها وتتفاعل دون مسايسة أو مماحكة.

والدين فى دعوته مرهون بناقله وحامله ونمط حياته وحظه ونصيبه من الشقاء والنعم.. فالبداوة وما تحمله من «شظف العيش وجفاء الطبع وقسوة الطبيعة وخشونة التعامل والتواصل وما كان سائدا من وسائل البحث عن لقمة العيش من حروب وغزوات وسبى وأسر»، قد صبغت الدعوة، ما كان يجب أن تصبغها، وأضافت إليها طعما ما كان يجب أن يضاف إلى حلاوتها، وانحاز الناس إلى ما وافق هواهم وأطماعهم وفسره المفسرون والشراح وأصّلوه وكان بعيدا عن الهدف والمقصد وسار معهم ومع غيرهم إلى الآن، حتى لو كان عكس المرام والمراد.. لما سافر الدين عبر البلاد.. فقد كان للمتلقى والمستقبل الحق فى المواءمة والمطاوعة، فما كان على طبيعة الراسل وظروفه.

ولأن العبادات طقوس لله، وضعها الله للتواصل والاستدعاء والاستحضار، فهو الداعى والمستقبل والمتلقى وصاحب البيت، وزوّاره وقوف على الأبواب حين يشاء وحيث يريد، فلا فكاك منها ولا مناص عنها، إلا أن الأحكام والمعاملات وإن كانت تشريعا إلهيا، فهى لتنظيم المعاملات ورد الحقوق والمظالم بين الناس بعضهم بعضا، وقد كانت فى أغلبها أحداثا وسيناريوهات عُرضت على النبى فنزل فيها حكما.. وما كان من أحداث ووقائع غائبة ولم تعرض على النبى، غاب عنها الحكم حتى لو كانت قائمة وظاهرة فى بلاد أخرى، فكلها أحكام ومعاملات على ما كان متاحا ومسموحا وصرح الناس به، وربما واجه الناس من المواقف والوقائع ما لم يصرحوا بها خجلا أو كبرا، فأين الزمان والمكان هنا من التشريع؟. واتخذت الوقائع شكلا آخر، وتبدلت الظروف والأحوال، وظهر ما كان غائبا، فتغير الحدث بالكلية أو طرأ عليه تعديل استدعى معه تغيير الحكم أو تعديله. ونعود فى هذا إلى أمرين: الأول «حق الكد والسعاية»، والثانى «العول»، هما واقعتان كانتا فى صدر الإسلام، ولم تواجها النبى فى حياته واستوجب تعديل المسار.

الأولى: «حق الكد والسعاية»، أن حبيبة بنت زريق قد شاركت زوجها عامر بن الحارث فى أعماله، وقد كانا يقتسمان العمل فى نسج وتنظيف الملابس وصباغتها يدا بيد، فلما مات عنها زوجها أورثها أشقاؤه الربع «وفقا للشرع» وتحصلوا على باقى التركة (إلى هنا وليس عند أشقاء الزوج مخالفة شرعية)، لكنها حين عرضت مظلمتها على عمر بن الخطاب، وقد كانت هذه الثروة كلها من كدهما وسعيهما معا هى وزوجها، فتفهم عمر المسألة وأمر لها بنصف التركة كاملة، وأورثها الربع فيما تبقى وترك الباقى لإخوة المتوفى.. إلى هنا هل خالف عمر الشرع والحكم، أم غلّب العدل على الشرع؟!.

والثانية: «العول»، أنّ امرأة توفيت عن زوج وأختين شقيقتين «الورثة الشرعيون فقط»، فلما هموا بتوزيع التركة، للزوج نصف التركة «ثلاثة أسهم من ستة» وللأختين الثلثان «أربعة أسهم من ستة» وفقا للشرع، فزاد المستحق للورثة عن التركة وهى «النصف والثلثان» سبعة أسهم، والتركة ستة أسهم فقط.. فلو بدأوا بتوزيع التركة من ناحية الزوج بالنصف، فلا يتبقى الثلثان للأختين، ولو بدأوا بتوزيع التركة من ناحية الأختين بالثلثين ما تبقى للزوج النصف بل أقل، فلما عرض الأمر على بن الخطاب، أفتى له ابن عباس، والبعض قال عبدالله بن عمر بالآتى «أرأيت لو رجلا ترك ستة دراهم لرجل عليه ثلاثة ولآخر عليه أربعة، فكيف تصنع؟ ألم تجعل المال سبعة أجزاء، قال عمر: «نعم».

فهل أجاد عمر واجتهد أم خالف؟.. اجتهد لا شك فى هذا كما يجتهد الكثيرون. فيما نرى الأحكام صورة من الواقع، والواقع متغير وليس ثابتا، والحكم جاء على ما عرضه الناس على النبى فى ظروفه وأحواله وصورته.. فماذا لو تغيرت الصور والوقائع والملمات؟.. وجب ولزم تغيير الحكم وفقا للمصلحة والحاجة.

والحديث موصول..

«الدولة المدنية هى الحل»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلاكيت 3 العبادات والأحكام والمعاملات وماذا بعد كلاكيت 3 العبادات والأحكام والمعاملات وماذا بعد



GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt