توقيت القاهرة المحلي 01:05:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون

  مصر اليوم -

الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون

بقلم - عادل نعمان

والدولة الدينية بكل فصائلها وعشائرها حريصة أشد ما يكون الحرص على إذابة المواطنة فى القومية الدينية الإسلامية، بقدر ما وسعتهم الحيل وما استوعبه الجهلاء ورحبوا وأفسحوا له الطريق، أو قل هذا ما عليه الأممية الإسلامية، وهى أمة واحدة تنصهر بينها الحدود والفواصل، لا تحدها سياسة ولا تفصلها عوازل، الكل فى واحد، يخرج المسلم صباحا على فرسه من الشرق لينام فى أقصى الغرب، فإذا عاد، وجد فراشه لم يمسسه أحد، مسلم فى دولة ماليزيا أقرب إلى المسلم فى الدولة المصرية من هذا المسيحى الذى يفصل بينهما جدار، يسمعه فى المساء حين يئن فيسعفه ويواسيه ويأخذ بيديه، إلا أن قدم الماليزى تسبقه إلى الشفاء.. حفنة من تراب تنفضها هذه الأوطان عن ملابس الإحرام، نفتح أبوابنا لكل مسلم يجول ويصول حتى لو كان العيش شحيحا والفقر كثيرا، فنقدم له الطعام دون الأبناء.. هكذا يشعر المرافقون لنا بالغربة والوحدة حتى داخل أوطانهم، وهو نفسه فى وطنه لا يراها مقاما أو مستقرا أو مثواه فى القريب أو البعيد.

ولا عجب عند هؤلاء أن تكون قبلتهم وانتماؤهم متجهًا نحو هذا البلد منشئ الدعوة، وقد كان يوما صلبا ومتشددا، حتى لترى بأُم عينيك أن مصلحة هذا البلد تسبق مصلحة أوطانهم وتتفوق عليها، أمنها وأمانها يسبق الجميع.. وإذا تشددت وتعصبت رفعوا لها البيارق والرماح.. وإذا لانت أو تساهلت وغنت ورقصت، رقوا لحالها وطلبوا لها العفو والسماح. وتلمس هذا التفريط المذهل فى استحلالهم أموال الفقراء حين يربطون على بطونهم من الجوع ليتمكنوا من أداء شعيرة- حجا كان أو عمرة- حتى ولو كانت بالتقسيط المريح، المهم أن تخرج من بيوت الفقراء إلى بيوت الأغنياء، ومن بطون أهلكها الجوع إلى كروش أتعبها الشبع والتخمة، أو تتجه قبلتهم وأحلامهم وأمانيهم لكل مخادع يطلق صيحة الجهاد، أو يرفع راية الخلافة فيتبعونه دون وعى أو إرادة وكأنه المُخلّص من الظلم والمحرر من الاستعباد وهو ليس بقريب، هل رأيتم بأعينكم هذا التضليل والتزييف تجاه داعش فى العراق، وطالبان فى أفغانستان، والسعى والهرولة خلفهم شوقا للخلافة؟.. وهذه جماعة حماس وما فعلته بشعبها من قتل الأطفال والنساء وخراب ودمار الديار وتصاعد طبول المنافقين تزف الضحايا إلى الحور العين وأبناؤهم يفترشون العراء جوعى وجرحى.

المهم أن صيحات الجهاد تسبق أنين الأطفال، وتتقدم على الحكمة والعقل، ويتفوق القرار الشعبوى والعشوائى على دراسة الموقف وتبعاته، حتى وهم ينادون بالحرب ويحرضون عليها شعوبهم وجيوشهم، هم على يقين تام بأن تكاليف الحرب باهظة، ودمارها شامل، وخرابها قادم لا محالة، إلا أنهم يبيعون أوطانهم لشعارات مزيفة دون حساب وبلا ثمن، غير عابئين بمصالح وأضرار أوطانهم.

ولما كان الجهاد واجبا على مسلم دون إذن أو رخصة، ويجوز فيه الخروج على الحاكم إذا منعه، (هذا ما أفتى به مشايخنا الأوائل، وسار عليه مشايخ الجهاد، واعتبار الشهيد من مات فى سبيل إعلاء الدين فقط وليس من مات فى سبيل الدفاع عن الوطن، كما أفتى بهذا أحد أوليائهم الصالحين المحدثين).. فقد أباحت وسمحت هذه الفتاوى بتكوين الميليشيات والمنظمات الإرهابية، خروجا على سلطة الدول والدستور والقانون، بل الأدهى أنها فتحت البلاد وحدودها إلى انتقال هؤلاء المتطرفين من بلد إلى آخر، تحت دعاوى نصرة الدين ومحاربة المنافقين والقضاء على الكفر والكافرين، وأُبيحت الحدود وانتُهكت القوانين، وأحلت الأرواح والدماء، وأجيزت السرقات والغنائم، وبات المسلمون على شقاق ونفاق وقوميات تتصارع مع القومية الوطنية وتلتف حولها من كل جانب، تستقطب فئات عريضة من الشعب تحت دعاوى نصرة الدين والإسلام، فتحارب الاشقاء، وتتقاتل المذاهب والفرق، حتى قتل بأيديهم أكثر مما قتل فى الثورات التحررية والاستقلال.

ولا أتصور أن هناك مؤامرة على هذا الشعب أكبر من مؤامرة هذا التيار الدينى السياسى، ولا أرى فى خطواتها حسن النوايا، بل يدفعون الناس دفعا إلى الدمار تحت غطاء شرعى مزيف، أو توريط جيوشها فى أتون حرب لا تذر، أو انقسام دينى بين المتطرفين منهم والمعتدلين، أو عداء بين المغتربين من المسلمين وبين بلاد كثيرة استقروا فيها وعاشوا فى كنفها وأولادهم.

وليس من سبيل أمامنا سوى الانتباه جيدا لدعاوى التحريض والشحن والإثارة والإهاجة، وتثبيت أركان دولة المواطنة ودولة القانون، ورفع راية القومية المصرية دوما فى كل اتجاه، والتركيز عليها فى المدارس والجامعات بنماذج مصرية ناجحة فى المجالات العلمية والعملية، والبعد عن نماذج الجهاد والقتال التاريخية الخارجية.. والأهم حرية المواطن فى مناقشة شؤون بلاده برحابة صدر دون قيود أو مطاردات ليكون شريكا فى بناء المستقبل.

إن صناعة الانتماء فن وعلم ودراسة.. فليتقدم أصحاب العلم والخبرة.

«الدولة المدنية هى الحل»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون



GMT 01:05 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

نظرية إنسانية فريدة

GMT 01:01 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

وبدأ موسم التوريد

GMT 00:59 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

«لا تشكُ من جرح أنت صاحبه»!

GMT 22:58 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

شرارة كولومبيا!

GMT 22:58 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

نزار قباني العاشقُ بالنيابةِ عنّا!

GMT 03:09 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

طريقة عمل السلمون بالزبدة

GMT 23:17 2020 الأحد ,20 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 01:33 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تعلن عن 100 ألف منحة دراسية تعادل الشهادات الجامعية

GMT 10:57 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

3 طرق سريعة لتسليك مواسير مطبخك

GMT 10:22 2020 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

قرار عاجل من محافظة القاهرة بسبب كورونا

GMT 02:06 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

أب يغتصب طفلته لمدة 4 أعوام في البرازيل

GMT 00:28 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

تخلص من اسمرار البشرة بمكونات طبيعية

GMT 22:30 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

مؤشر الأسهم البريطانية يغلق على ارتفاع الاثنين

GMT 14:23 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

مصر تتسلح لـ"أمم أفريقيا" بـ23 لاعبًا بينهم 7 محترفين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon