توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون

  مصر اليوم -

الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون

بقلم - عادل نعمان

والدولة الدينية بكل فصائلها وعشائرها حريصة أشد ما يكون الحرص على إذابة المواطنة فى القومية الدينية الإسلامية، بقدر ما وسعتهم الحيل وما استوعبه الجهلاء ورحبوا وأفسحوا له الطريق، أو قل هذا ما عليه الأممية الإسلامية، وهى أمة واحدة تنصهر بينها الحدود والفواصل، لا تحدها سياسة ولا تفصلها عوازل، الكل فى واحد، يخرج المسلم صباحا على فرسه من الشرق لينام فى أقصى الغرب، فإذا عاد، وجد فراشه لم يمسسه أحد، مسلم فى دولة ماليزيا أقرب إلى المسلم فى الدولة المصرية من هذا المسيحى الذى يفصل بينهما جدار، يسمعه فى المساء حين يئن فيسعفه ويواسيه ويأخذ بيديه، إلا أن قدم الماليزى تسبقه إلى الشفاء.. حفنة من تراب تنفضها هذه الأوطان عن ملابس الإحرام، نفتح أبوابنا لكل مسلم يجول ويصول حتى لو كان العيش شحيحا والفقر كثيرا، فنقدم له الطعام دون الأبناء.. هكذا يشعر المرافقون لنا بالغربة والوحدة حتى داخل أوطانهم، وهو نفسه فى وطنه لا يراها مقاما أو مستقرا أو مثواه فى القريب أو البعيد.

ولا عجب عند هؤلاء أن تكون قبلتهم وانتماؤهم متجهًا نحو هذا البلد منشئ الدعوة، وقد كان يوما صلبا ومتشددا، حتى لترى بأُم عينيك أن مصلحة هذا البلد تسبق مصلحة أوطانهم وتتفوق عليها، أمنها وأمانها يسبق الجميع.. وإذا تشددت وتعصبت رفعوا لها البيارق والرماح.. وإذا لانت أو تساهلت وغنت ورقصت، رقوا لحالها وطلبوا لها العفو والسماح. وتلمس هذا التفريط المذهل فى استحلالهم أموال الفقراء حين يربطون على بطونهم من الجوع ليتمكنوا من أداء شعيرة- حجا كان أو عمرة- حتى ولو كانت بالتقسيط المريح، المهم أن تخرج من بيوت الفقراء إلى بيوت الأغنياء، ومن بطون أهلكها الجوع إلى كروش أتعبها الشبع والتخمة، أو تتجه قبلتهم وأحلامهم وأمانيهم لكل مخادع يطلق صيحة الجهاد، أو يرفع راية الخلافة فيتبعونه دون وعى أو إرادة وكأنه المُخلّص من الظلم والمحرر من الاستعباد وهو ليس بقريب، هل رأيتم بأعينكم هذا التضليل والتزييف تجاه داعش فى العراق، وطالبان فى أفغانستان، والسعى والهرولة خلفهم شوقا للخلافة؟.. وهذه جماعة حماس وما فعلته بشعبها من قتل الأطفال والنساء وخراب ودمار الديار وتصاعد طبول المنافقين تزف الضحايا إلى الحور العين وأبناؤهم يفترشون العراء جوعى وجرحى.

المهم أن صيحات الجهاد تسبق أنين الأطفال، وتتقدم على الحكمة والعقل، ويتفوق القرار الشعبوى والعشوائى على دراسة الموقف وتبعاته، حتى وهم ينادون بالحرب ويحرضون عليها شعوبهم وجيوشهم، هم على يقين تام بأن تكاليف الحرب باهظة، ودمارها شامل، وخرابها قادم لا محالة، إلا أنهم يبيعون أوطانهم لشعارات مزيفة دون حساب وبلا ثمن، غير عابئين بمصالح وأضرار أوطانهم.

ولما كان الجهاد واجبا على مسلم دون إذن أو رخصة، ويجوز فيه الخروج على الحاكم إذا منعه، (هذا ما أفتى به مشايخنا الأوائل، وسار عليه مشايخ الجهاد، واعتبار الشهيد من مات فى سبيل إعلاء الدين فقط وليس من مات فى سبيل الدفاع عن الوطن، كما أفتى بهذا أحد أوليائهم الصالحين المحدثين).. فقد أباحت وسمحت هذه الفتاوى بتكوين الميليشيات والمنظمات الإرهابية، خروجا على سلطة الدول والدستور والقانون، بل الأدهى أنها فتحت البلاد وحدودها إلى انتقال هؤلاء المتطرفين من بلد إلى آخر، تحت دعاوى نصرة الدين ومحاربة المنافقين والقضاء على الكفر والكافرين، وأُبيحت الحدود وانتُهكت القوانين، وأحلت الأرواح والدماء، وأجيزت السرقات والغنائم، وبات المسلمون على شقاق ونفاق وقوميات تتصارع مع القومية الوطنية وتلتف حولها من كل جانب، تستقطب فئات عريضة من الشعب تحت دعاوى نصرة الدين والإسلام، فتحارب الاشقاء، وتتقاتل المذاهب والفرق، حتى قتل بأيديهم أكثر مما قتل فى الثورات التحررية والاستقلال.

ولا أتصور أن هناك مؤامرة على هذا الشعب أكبر من مؤامرة هذا التيار الدينى السياسى، ولا أرى فى خطواتها حسن النوايا، بل يدفعون الناس دفعا إلى الدمار تحت غطاء شرعى مزيف، أو توريط جيوشها فى أتون حرب لا تذر، أو انقسام دينى بين المتطرفين منهم والمعتدلين، أو عداء بين المغتربين من المسلمين وبين بلاد كثيرة استقروا فيها وعاشوا فى كنفها وأولادهم.

وليس من سبيل أمامنا سوى الانتباه جيدا لدعاوى التحريض والشحن والإثارة والإهاجة، وتثبيت أركان دولة المواطنة ودولة القانون، ورفع راية القومية المصرية دوما فى كل اتجاه، والتركيز عليها فى المدارس والجامعات بنماذج مصرية ناجحة فى المجالات العلمية والعملية، والبعد عن نماذج الجهاد والقتال التاريخية الخارجية.. والأهم حرية المواطن فى مناقشة شؤون بلاده برحابة صدر دون قيود أو مطاردات ليكون شريكا فى بناء المستقبل.

إن صناعة الانتماء فن وعلم ودراسة.. فليتقدم أصحاب العلم والخبرة.

«الدولة المدنية هى الحل»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون الدولة الدينية والولاء للوطن واحترام القانون



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt