توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القانون حاضر وغائب

  مصر اليوم -

القانون حاضر وغائب

بقلم - عادل نعمان

وكنت أتساءل فى الصغر لماذا تطارد سيارات الشرطة فى الأفلام الأجنبية كل من يخالف قواعد المرور بكل هذه الصلابة والخشونة والمخاطرة؟ وقد تشترك طائرة هليكوبتر أو أكثر فى المطاردة وتتعقب المخالف فى تحدٍ بالغ، وربما تتصادم سيارات الشرطة بعضها مع بعض، أو مع سيارات المواطنين أنفسهم، على الرغم من أن قيمة المخالفة لا تتعدى جنيهات أو دولارات معدودة، وكنت أقول بينى وبين نفسى: هل تصل الخسائر والتلفيات التى تتكبدها جميع الأطراف إلى قيمة المخالفة، حتى تصر الشرطة على تحصيلها؟ وتأكدت فيما بعد، من كثرة السفر والترحال، أن الواقع قريب من هذه المشاهد وربما يتجاوزه فى الكثير، وكأننا على موعد مع الفنان فؤاد المهندس والفنان حسن مصطفى فى أحد الأفلام التى طارد فيها الأخير أحد المقاولين لإصلاح «شنكل» أحد شبابيك المؤسسة الحكومية التى ينتسبان إليها، وذلك بمئات الرسائل والدعاوى والمطالبات، وكان ثمن «الشنكل» لا يتعدى مليمات معدودة، إلا أن الفنان حسن مصطفى كان على حق، وكنا نحن والفنان فؤاد المهندس نسخر منه على سوء تقديره وحساباته، واحسب أن فريق المهندس كان على خطأ، لأن القانون واجب النفاذ دون معادلة أو مقارنة أو حساب الربح والخسارة، حتى يستقر فى وجدان الناس أن القانون نافذ على الصغيرة قبل الكبيرة، ولا يعرف، عند تطبيقه، الجمع والطرح، أو المسايسة أو المهادنة «فيتراجع السايب ويرتدع المربوط».. هذه الأولى.
أما عن الثانية فهى «هيبة الدولة» أو احترام الدولة والخوف منها وعليها، والحرص على عدم إثارتها أو تهييج أعصابها، ولا يتأتى هذا إلا إذا اطمأن المواطن إلى استقرار ورسوخ مبدأ العدالة فى نفوس القائمين عليه، وكذلك يسكن فى يقينه أن الدولة تكفل الحريات وتحترم حقوق المواطن وكرامته بحيادية وتجرد، لا تفرط فى حق طرف، ولا تنحاز لطرف دون الآخر، أو قلها بوضوح «إنفاذ القانون» واحترامه والتزام الدولة بتطبيقه بصرامة وصلابة دون تساهل أو رخاوة أو مواءمة أو مسايسة على الجميع، فلا تكتفى الدولة بمطاردة مخالفيها والمتهربين من الضرائب والجمارك والتجنيد أو تراخيص السيارات ومخالفات البناء على الأراضى الزراعية، وتتغاضى عن تنفيذ الأحكام الصادرة لصالح الناس، سواء أكانت ضدها أو بعضهم البعض، فإذا هان الشعب على الدولة هانت الدولة عليه، وإذا تكاسلت وتباطأت فى تنفيذ أحكامه تفشت الجريمة وأعلنت عن نفسها دون خجل أو حياء أو ستر، ويختلط الأمر على الناس وتتوه الفواصل والحدود بين الخطأ والصواب، وبين الحق والضلال، وبين الفشل والنجاح، وبين القدوة الصالحة والفاسدة.

ولا يكتمل البناء القانونى بالعدل والمساواة والتكافؤ فقط بل بتنفيذ الأحكام بدقة، وهو أمر لنا فيه وقفة لابد أن نعترف من البداية أن منظومة تنفيذ الأحكام فى مصر منظومة معيبة إلى مسافة بعيدة، وإلى درجة يصعب معها استقرار الأمور، وكلها دعائم تحقيق السلام الاجتماعى، وركيزة مهمة لاستقرار الدولة، وثقة الناس فى قدرة الدولة فى الحفاظ على الحقوق والممتلكات والأرواح والإعراض وحماية المجتمع، والأهم التشجيع على الاستثمار، فلا يفوتنا أن هذه المنظومة أحد عوامل الجذب إذا نجحت، وأول عوامل الطرد إذا فشلت، المستثمر يضع نفسه داخل هذه المنظومة، إذا اضطر ودخل فيها جانيا أو مجنيا عليه.

والمواطن «أى مواطن» دائم جس نبض الدولة «أى دولة» واختبارها، وتحسس مواطن الضعف والقوة، فإذا أدرك قوتها وسلطانها انضبط وامتثل، وإذا شعر بهشاشة ورخاوة وميوعة الدولة استوحش وتغول وتجرأ عليها، ولك عزيزى المسؤول العظة والعبرة فى التزام قائد المركبة دون مخالفة السرعة المقررة لمجرد معرفته بوجود رادار على الطريق، هكذا يجب أن يكون وجود القانون فى حياة الناس، يشعر به كل المواطنين فى حياتهم صباح مساء.

ولا أعرف دولة تتكاسل عن تنفيذ القانون والأحكام، إلا إذا كان عن قصد وليس عن ضعف، بدليل أنها تشد الناس شدا إذا أرادت، وترفع من تريد له الرفعة ولا يستحق، وتذل من تغضب عليه وتريد له الذلة ولا يستحقها ، وتحصل الجنيه والسحتوت من الفقير قبل الغنى، وتهدم بيوت المخالفين إذا أرادت، وتطارد الإرهاب إذا اقترب منها وغازلها، وتلاحق المطاريد فى الجبال بالطائرات والدبابات حتى تسوقهم إلى السجون، وتكشر عن أنيابها وتغرسها فى لحم الضحية، وهى نفسها التى تكف يدها حين تخرج الدراسة الأمنية تقرر عدم قدرة الدولة عن تسليم شقة لوريث أو كراكيب من منقولات مطلقة ضعيفة مغدورة.

إياكم أن تظنوا أن هذا المستريح وغيره لم ينصبوا على الناس إلا بعد أن تأكدوا من رخاوة القانون، وما حرق أصحاب الحقوق التى سلبها هذا المستريح من الممتلكات الخاصة والعامة إلا لعلمهم المسبق بتكاسل القانون فى رد الحقوق، وما صفع هذا الصيدلى السيدة نيفين صبحى المسيحية إلا ثقة فى تمييزه وتقدمه عنها، وما لطمت هذه السيدة البنات السافرات فى المترو إلا اتكائها على التحيز والتعصب لها، القانون هو السيد إذا غاب غابت كل القيم وإذا حضر كانت حاضرة قائمة. (الدولة المدنية هى الحل).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القانون حاضر وغائب القانون حاضر وغائب



GMT 09:44 2025 الخميس ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

من زهران إلى خان... كل منهما محكوم بالأسطورة القديمة

GMT 22:12 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

استراتيجة ترمب لمكافحة الإرهاب وتغيرات تكتيكية

GMT 22:05 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 10:43 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt