توقيت القاهرة المحلي 05:15:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التدين فى أوروبا

  مصر اليوم -

التدين فى أوروبا

بقلم : سامح فوزي

 عشت فى بريطانيا أثناء دراستى العليا، وزرت مدنا أوروبية عديدة عشرات المرات؛ الانطباع الذى بدأ يستقر لدىّ أن هناك موجة من التدين تنتعش فى أوروبا.

السؤال لماذا؟
التقيت منذ أيام فى رحاب جامعة ليفربول العريقة بعدد من الباحثين المتميزين فى الشأن الدينى. كانت الاجابة عن السؤال متعددة الابعاد. هناك من قال إن ذلك يعود إلى الاتجاه المسيحى المحافظ الذى تبلور ردا على المد الاسلامى فى أوروبا. إزاء من ينادى بهوية إسلامية، ويرفض الاندماج الثقافى فى المجتمع الاوروبى عاد من يقول بأن أوروبا مسيحية. يتجه هذا الرأى إلى التأكيد على نظرية رد الفعل فى رصد ظاهرة التدين العائد إلى أوروبا. آخرون رأوا أن ذلك انعكاس مباشر للتدين المحافظ الأمريكى إذ إن بريطانيا ترتبط فى العقود الثلاثة الاخيرة بعلاقات عبر الاطلنطى بالولايات المتحدة شديدة الكثافة؛ ومن الطبيعى أن يكون هناك تأثير وتأثر. إذ تظل بريطانيا مصنع السياسة بالنسبة للامريكيين؛ لكنها تتأثر بشدة فى الوقت نفسه بالثقافة الواردة إليها عبر الاطلنطى.. الجذور الانجلو ساكسون لها تأثيرها بالضرورة.

مع احترامى لكلا الرأيين؛ وفيهما وجاهة بالتأكيد، سوف يظل العامل الحاسم فى رأيى هو الفقر الروحى الذى تسببت فيه الحداثة الأوروبية؛ حيث باتت قطاعات عريضة فى المجتمع تحت ضغط ثقافة المجتمع الاستهلاكى؛ والتفكك الاجتماعى تبحث عن معنى فى الحياة؛ ووجدوا ضالتهم فى التدين. هذه ظاهرة تتجاوز بريطانيا، فقد رأيتها فى ألمانيا وسويسرا وإيطاليا واليونان والدول الاسكندنافية وهى جميعها مجتمعات يتباين فيها دور الدين ومظاهر التدين فضلا عن التقدم الاقتصادى والاجتماعى. واللافت أن هناك عددا من الباحثين فى علم الاجتماع أشاروا فى السنوات الماضية إلى بعض مظاهر انخفاض رأس المال الاجتماعى أى تراجع التضامن بين المواطنين، والالتقاء والتعاون فيما بينهم وتفضيلهم الانكفاء على ذواتهم منها تحليلات روبرت بوتنام الشهيرة...

أيا كانت الاسباب فإن هناك شواهد تفيد بأن التدين بات يعرف طريقه لبعض الاوساط الأوروبية على نحو يدهش من كانوا يعرفون هذه المجتمعات منذ ثلاثين سنة.. صحيح أن هذه المشاهدات لم ترق لوصف الظاهرة لكنها تظل بحاجة إلى تتبع ودراسة. المجتمعات تتحول فى علاقاتها بالدين؛ أظن أن المجتمع المصرى يعيد أيضا على نحو هادئ تقييم أنماط التدين فيه خاصة التى لا تستند إلى أساس حقيقى، وهناك حس نقدى ليس فى مواجهة الدين ذاته بل بالاكثر فى مواجهة التدين وصوره وأشكاله. ولكن ينبغى أن ندرك بأن كل ذلك رهن بتوافر مناخ حرية الرأى والاجتهاد والجرأة فى تناول قضايا الدين والمجتمع.

نقلًا عن الشروق القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التدين فى أوروبا التدين فى أوروبا



GMT 03:48 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

قلنا: تفكير.. قالوا: تحصين وتكفير

GMT 03:47 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فتح ملف الصناعة (١) «القانون هو الحل»

GMT 03:45 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

حسام حسن غلط فى دوري!!

GMT 03:36 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

د. أسامة السعيد.. هل يصبح خليفة سعيد سنبل؟!

GMT 03:25 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«الجن» برىء من الحرائق

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:14 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant
  مصر اليوم - أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية

GMT 16:42 2021 السبت ,12 حزيران / يونيو

فساتين صيفية بتصميمات مُريحة من وحي النجمات

GMT 17:36 2021 الإثنين ,24 أيار / مايو

تراتيل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon